عندما لمست يد القديس شربل أخي... - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عندما لمست يد القديس شربل أخي... - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 7 مايو 2025 09:26 صباحاً

لا شكّ أن الإنسان يمرّ في حياته بأمور يكاد لا يفهم سببها أبداً فلماذا حصل معه هذا أو لماذا مرّ بهذه التجربة أو تلك... كم مرّة بمرّة حدثت معنا أمور ولم نفهم سببها، كم مرّة مررنا بظروف صعبة وخرجنا منها دون أن ندري متى بدأت ولا كيف إنتهت. عندما نفكّر في كلّ ما يحصل معنا نجد أن محاولة إيجاد أجوبة لكلّ شيء هو أمر صعب ومرهق، أما الإيمان فيسهّل الأمور يقوّينا ويجعلنا نجتاز الصعوبات...

في 24 آذار 2018 كان يوم الإثنين بداية أسبوع الالام، وردني إتصال من أحد الأشخاص يطلب مني التوجّه الى مستشفى سيدة لبنان في جونيه لأن شقيقي أصيب بحادث، لم أفكّر في البداية ولا لحظة بحجم الإصابة أو ماذا حصل، هرعت الى المستشفى وهناك وجدته ممددا على سرير المستشفى مضرّجاً بالدماء. لم أستوعب حجم الاصابة إلا بعد أن قال لي الطبيب المعالج "اشكري ربّك ما في شلل"، عملياً هو أصيب بسبعة كسور في الحوض وكان ينزف بشدّة.

للوهلة الأولى بدأت أفكّر ماذا يُمكن أن أفعل، ماذا سيحدث مستقبلا؟ هل سيشفى؟ خصوصاً وأنه سيبقى أشهرًا عدّة على السرير... أنظر أيضاً الى عينه التي يقول الاطباء إنها سليمة، وأكاد أبكي لرؤيتها "والبؤبؤ" فيها ليس في مكانه. قررت يومها أن أنزع عني كلّ هذا الهمّ وأن أبدأ هذه المرحلة بزيارة القديس شربل[1] (ذكرى مرور197 عامًا على ولادته) لأسلمه إياه، وفي اليوم التالي صعدت الى عنايا و في طريق العودة الى المستشفى تلقيت إتصالاً من والدتي تبلغني فيه أن النزيف قد توقّف وأن شقيقي لن يحتاج الى جراحة في الحوض.

وصلت الى المستشفى على وجه السرعة ودخلت العناية الفائقة حيث كان موجوداً وكنت أبكي، لم أنسّ وجهه في ذاك اليوم وهو يواسيني. سألني "لماذا تبكين"؟ لم يكن لدي جواب، بالأحرى لم أكن أستطيع الكلام. فما كان منه إلا أن نظر من النافذة المطلّة من سريره على حريصا وقال لي "اشكري الله انني لم أَمُتْ أو أصبح عاجزًا مشلولاً عن الحركة، العذراء معي ومرحلة وبتقطع".

بقي شقيقي في المستشفى أكثر من خمسة عشر يوماً مربوطاً بسبب كسر الحوض وطيلة تلك المدة كنا نطلب حضور طبيب اختصاصي بالعين، لشعورنا بإصابة كبيرة في عينه لم يستطع الاطباء تحديدها منذ اليوم الأول، ولم يحصل ذلك الى أن أتى وكشف عليها. صُعق في تلك اللحظة، وقال "العين مصابة بالتليّف مع نزيف ولا أظنّ أنه بامكاني فعل أيّ شيء"، بعد ذلك تمّت استشارة طبيب آخر للعيون في مستشفى مار يوسف وكان يؤكد ما قاله زميله بعدم وجود أمل حتى ببقاء العين بالشكل فقط، ورفض إجراء الجراحة لاعتباره أن النتيجة محسومة سلفاً ولكنه عاد ووافق. على اثر ذلك نقلنا شقيقي الى مستشفى مار يوسف لاجراء الجراحة، وهنا بدأت رحلة من نوع آخر، فطيلة الفترة الماضية ما بين كشف الطبيب على العين وتحديد موعد العمليّة كان الجميع مصاب بالاحباط محاولين القول بأنّ الأمل مفقود ولكن هذا الامر لم ينسحب عليّ، اذ كانت عمق أعماقي تقول لي "الاعجوبة ستحصل".

يوم إجراء الجراحة رفضت أن أكون في المستشفى وشعرت أنه اذا كنت في مكان آخر قد أساعد أكثر، فتوجهت الى دير مار مارون عنايا-ضريح القديس شربل وبدأت الصلاة. أذكر جيدا انه كان يُفترض أن تبدأ الجراحة عند الساعة الثانية عشرة والنصف ومرّ الوقت ثقيلا مع تفكيري بالمستشفى وسهلا مع سلام داخلي في المزار خرق هذا السكون رنين هاتفي عند الساعة الواحدة والنصف، أبلغتني فيه خلال الاتّصال أنه في هذه اللحظة أُدخل أخي الى العملية وهي لن تستغرق أقل من ست ساعات، شعرت بضيق في التنفس وطلبت منها ألاّ تعاود الاتصال بي إلا بعد خروجه من غرفة العمليّات.

تمرّ الدقائق أثقل من ذي قبل يراكمها مرور الوقت وكأنّها عقد من الزمن ولكنها ساعة ونصف من الصلاة تقريبا، ليعود رنين الهاتف من جديد واسمع نفس الصوت عبر الهاتف عند الساعة الثالثة الا عشر دقائق، فانتابني الرعب تلك اللحظة وكأن قلبي سيتوقّف وبضيق بالتنفّس. للحظات مرّت تساؤلات كثيرة برأسي لماذا تتصل الان ولم يمرّ الا ساعة ونصف؟ استجمعت قوّتي وأجبتها. سألتني أين أنا؟ وبعصبيّة جاوبتها لماذا تتصلين الان؟ الحّت علي بتكرار السؤال، فأجبتها "أنا أصلي على ضريح القديس شربل" سكتت برهة لتقول لي "أشكريه وإحضري فورا الى المستشفى لأنّ الجراحة إنتهت وكانت ناجحة والطبيب لا يعرف ماذا حصل معه ولا كيف إنتهت بهذه السرعة".

في تلك اللحظة شعرت بفرحة عارمة وبأن شقيقي حصل على النعمة، وصلت الى المستشفى وجدت أهلي بجانب السرير وخالتي والعائلة ينظرون الي بتعجب بعد ما سمعوه من الطبيب، فهو لا يدري ماذا حصل معه، فقط يؤكد أن العملية تمت بنجاح والنتيجة بقاء العين، في حين كان يمكن اقتلاعها.

كنت متأكدة في ذلك الحين أن ما حصل هو أكبر من ذلك بكثير، وبعد مرور شهر ونصف وبدء العلاج الفيزيائي نتيجة بقائه ستة أسابيع في السرير، زار أخي طبيب العين ليكشف عليها وهناك كانت المفاجأة الكبرى، فأثناء الفحص تبيّن أنه يرى فيها في حين أن أقصى حدّ متوقع كان من نجاح الجراحة هو أن تبقى العين بالشكل فقط. بدأ الطبيب ينظر الى الفحص ويعاود النظر الى شقيقي الذي كان يرتدي ثوب القديس شربل لمدة شهر كنذر ويقول "هذا الثوب هو الذي خلّصك والاكيد أن يدّ الله فعلت فعلها".

لماذا أكتب اليوم هذه القصّة بعد مرور الزمن؟ قد يكون لأن الوقت في عيني الله هو غير ما نحتسبه على الأرض، أنا أكتب اليوم وأتذكّر جيدا يوم كان تبرير الطبيب أنه من المستحيل أن يحصل ما حصل، لكن دائما المعجزة حاضرة، ويد الله لن تطلب مُبَرِّرًا علميًّا ولا هي بحاجة لإذن خطّي وبيروقراطية بشريّة، إنما يكفي أن نستمع الى ما قاله في الكتاب المقدّس "أطلبوا تجدوا اقرعوا يُفتَح لكم"، فكيف اذا طلبنا في حضرة مار شربل وهو فتح من محبسته ومزاره بابًا نحو السماء ومن طرق بابه وجده حاضرًا، ليس وسيطا شافيًا جسديًّا فقط إنّما روحيًّا مستلهمًا الروح المعزّي، لذلك بالنسبة لي كانت يدّ القديس شربل الشافية، الحامية...

لا شكّ أن الإنسان يمرّ في حياته بأمور يكاد لا يفهم سببها أبداً فلماذا حصل معه هذا أو لماذا مرّ بهذه التجربة أو تلك... كم مرّة بمرّة حدثت معنا أمور ولم نفهم سببها، كم مرّة مررنا بظروف صعبة وخرجنا منها دون أن ندري متى بدأت ولا كيف إنتهت. عندما نفكّر في كلّ ما يحصل معنا نجد أن محاولة إيجاد أجوبة لكلّ شيء هو أمر صعب ومرهق، أما الإيمان فيسهّل الأمور يقوّينا ويجعلنا نجتاز الصعوبات...

في 24 آذار 2018 كان يوم الإثنين بداية أسبوع الالام، وردني إتصال من أحد الأشخاص يطلب مني التوجّه الى مستشفى سيدة لبنان في جونيه لأن شقيقي أصيب بحادث، لم أفكّر في البداية ولا لحظة بحجم الإصابة أو ماذا حصل، هرعت الى المستشفى وهناك وجدته ممددا على سرير المستشفى مضرّجاً بالدماء. لم أستوعب حجم الاصابة إلا بعد أن قال لي الطبيب المعالج "اشكري ربّك ما في شلل"، عملياً هو أصيب بسبعة كسور في الحوض وكان ينزف بشدّة.

للوهلة الأولى بدأت أفكّر ماذا يُمكن أن أفعل، ماذا سيحدث مستقبلا؟ هل سيشفى؟ خصوصاً وأنه سيبقى أشهرًا عدّة على السرير... أنظر أيضاً الى عينه التي يقول الاطباء إنها سليمة، وأكاد أبكي لرؤيتها "والبؤبؤ" فيها ليس في مكانه. قررت يومها أن أنزع عني كلّ هذا الهمّ وأن أبدأ هذه المرحلة بزيارة القديس شربل (ذكرى مرور197 عامًا على ولادته) لأسلمه إياه، وفي اليوم التالي صعدت الى عنايا و في طريق العودة الى المستشفى تلقيت إتصالاً من والدتي تبلغني فيه أن النزيف قد توقّف وأن شقيقي لن يحتاج الى جراحة في الحوض.

وصلت الى المستشفى على وجه السرعة ودخلت العناية الفائقة حيث كان موجوداً وكنت أبكي، لم أنسّ وجهه في ذاك اليوم وهو يواسيني. سألني "لماذا تبكين"؟ لم يكن لدي جواب، بالأحرى لم أكن أستطيع الكلام. فما كان منه إلا أن نظر من النافذة المطلّة من سريره على حريصا وقال لي "اشكري الله انني لم أَمُتْ أو أصبح عاجزًا مشلولاً عن الحركة، العذراء معي ومرحلة وبتقطع".

بقي شقيقي في المستشفى أكثر من خمسة عشر يوماً مربوطاً بسبب كسر الحوض وطيلة تلك المدة كنا نطلب حضور طبيب اختصاصي بالعين، لشعورنا بإصابة كبيرة في عينه لم يستطع الاطباء تحديدها منذ اليوم الأول، ولم يحصل ذلك الى أن أتى وكشف عليها. صُعق في تلك اللحظة، وقال "العين مصابة بالتليّف مع نزيف ولا أظنّ أنه بامكاني فعل أيّ شيء"، بعد ذلك تمّت استشارة طبيب آخر للعيون في مستشفى مار يوسف وكان يؤكد ما قاله زميله بعدم وجود أمل حتى ببقاء العين بالشكل فقط، ورفض إجراء الجراحة لاعتباره أن النتيجة محسومة سلفاً ولكنه عاد ووافق. على اثر ذلك نقلنا شقيقي الى مستشفى مار يوسف لاجراء الجراحة، وهنا بدأت رحلة من نوع آخر، فطيلة الفترة الماضية ما بين كشف الطبيب على العين وتحديد موعد العمليّة كان الجميع مصاب بالاحباط محاولين القول بأنّ الأمل مفقود ولكن هذا الامر لم ينسحب عليّ، اذ كانت عمق أعماقي تقول لي "الاعجوبة ستحصل".

يوم إجراء الجراحة رفضت أن أكون في المستشفى وشعرت أنه اذا كنت في مكان آخر قد أساعد أكثر، فتوجهت الى دير مار مارون عنايا-ضريح القديس شربل وبدأت الصلاة. أذكر جيدا انه كان يُفترض أن تبدأ الجراحة عند الساعة الثانية عشرة والنصف ومرّ الوقت ثقيلا مع تفكيري بالمستشفى وسهلا مع سلام داخلي في المزار خرق هذا السكون رنين هاتفي عند الساعة الواحدة والنصف، أبلغتني فيه خلال الاتّصال أنه في هذه اللحظة أُدخل أخي الى العملية وهي لن تستغرق أقل من ست ساعات، شعرت بضيق في التنفس وطلبت منها ألاّ تعاود الاتصال بي إلا بعد خروجه من غرفة العمليّات.

تمرّ الدقائق أثقل من ذي قبل يراكمها مرور الوقت وكأنّها عقد من الزمن ولكنها ساعة ونصف من الصلاة تقريبا، ليعود رنين الهاتف من جديد واسمع نفس الصوت عبر الهاتف عند الساعة الثالثة الا عشر دقائق، فانتابني الرعب تلك اللحظة وكأن قلبي سيتوقّف وبضيق بالتنفّس. للحظات مرّت تساؤلات كثيرة برأسي لماذا تتصل الان ولم يمرّ الا ساعة ونصف؟ استجمعت قوّتي وأجبتها. سألتني أين أنا؟ وبعصبيّة جاوبتها لماذا تتصلين الان؟ الحّت علي بتكرار السؤال، فأجبتها "أنا أصلي على ضريح القديس شربل" سكتت برهة لتقول لي "أشكريه وإحضري فورا الى المستشفى لأنّ الجراحة إنتهت وكانت ناجحة والطبيب لا يعرف ماذا حصل معه ولا كيف إنتهت بهذه السرعة".

في تلك اللحظة شعرت بفرحة عارمة وبأن شقيقي حصل على النعمة، وصلت الى المستشفى وجدت أهلي بجانب السرير وخالتي والعائلة ينظرون الي بتعجب بعد ما سمعوه من الطبيب، فهو لا يدري ماذا حصل معه، فقط يؤكد أن العملية تمت بنجاح والنتيجة بقاء العين، في حين كان يمكن اقتلاعها.

كنت متأكدة في ذلك الحين أن ما حصل هو أكبر من ذلك بكثير، وبعد مرور شهر ونصف وبدء العلاج الفيزيائي نتيجة بقائه ستة أسابيع في السرير، زار أخي طبيب العين ليكشف عليها وهناك كانت المفاجأة الكبرى، فأثناء الفحص تبيّن أنه يرى فيها في حين أن أقصى حدّ متوقع كان من نجاح الجراحة هو أن تبقى العين بالشكل فقط. بدأ الطبيب ينظر الى الفحص ويعاود النظر الى شقيقي الذي كان يرتدي ثوب القديس شربل لمدة شهر كنذر ويقول "هذا الثوب هو الذي خلّصك والاكيد أن يدّ الله فعلت فعلها".

لماذا أكتب اليوم هذه القصّة بعد مرور الزمن؟ قد يكون لأن الوقت في عيني الله هو غير ما نحتسبه على الأرض، أنا أكتب اليوم وأتذكّر جيدا يوم كان تبرير الطبيب أنه من المستحيل أن يحصل ما حصل، لكن دائما المعجزة حاضرة، ويد الله لن تطلب مُبَرِّرًا علميًّا ولا هي بحاجة لإذن خطّي وبيروقراطية بشريّة، إنما يكفي أن نستمع الى ما قاله في الكتاب المقدّس "أطلبوا تجدوا اقرعوا يُفتَح لكم"، فكيف اذا طلبنا في حضرة مار شربل وهو فتح من محبسته ومزاره بابًا نحو السماء ومن طرق بابه وجده حاضرًا، ليس وسيطا شافيًا جسديًّا فقط إنّما روحيًّا مستلهمًا الروح المعزّي، لذلك بالنسبة لي كانت يدّ القديس شربل الشافية، الحامية...

[1] في 8 أيار 1828 ولد القديس شربل في قرية بقاعكفرا شمال لبنان

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق