نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سلوكيات سياحية مزعجة: ما يثير استياء السكان المحليين - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 12:30 مساءً
مع تزايد أعداد السياح حول العالم، باتت العلاقة بين الزائر والمضيف أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. فعلى الرغم من أن السياحة تشكل موردًا اقتصاديًا هامًا للعديد من المدن والبلدان، إلا أن تصرفات بعض السياح قد تترك أثرًا سلبيًا في نفوس السكان المحليين، خاصة عندما تتكرر سلوكيات تنمّ عن قلة احترام للثقافة، أو تجاوز للخصوصية، أو انتهاك للأنظمة البيئية والاجتماعية. هذا التوتر بات ملموسًا في عدة وجهات سياحية عالمية، من طوكيو إلى برشلونة، ومن أمستردام إلى مراكش، حيث يعبّر السكان عن تذمرهم المتزايد من تصرفات غير مسؤولة تجعل من الحياة اليومية تحديًا مستمرًا.
أحد أكثر السلوكيات التي تثير استياء السكان المحليين هو تجاهل السياح للعادات الاجتماعية والدينية والثقافية للبلد المضيف. ففي مدن مثل كيوتو اليابانية، يشتكي السكان من تصوير السياح دون إذن، خاصة في الأحياء التاريخية التي تضم مساكن تقليدية. وفي المدن الإسلامية مثل مراكش أو إسطنبول، يشكو السكان من ملابس غير لائقة يرتديها بعض الزائرين في الأماكن الدينية أو الشعبية. كما أن التصرفات الصاخبة أو المتحررة في المجتمعات المحافظة تُعتبر إهانة مباشرة للقيم المحلية، وهو ما يترك انطباعًا سيئًا عن السياحة ككل، ويعزز فكرة أنها تدخل غير مرحّب به في الحياة اليومية.
في كثير من الأحيان، تكون هذه التصرفات ناتجة عن جهل أو قلة وعي، لا عن نية سيئة. ومع ذلك، فإن أثرها يكون واضحًا ومؤلمًا، خصوصًا عندما لا يرافق السياحة أي جهد للتقارب الثقافي أو احترام خصوصيات البلد. ويشير العديد من الخبراء إلى أهمية تعزيز مفهوم "السائح المسؤول" الذي يسعى لفهم السياق الثقافي قبل أن يتفاعل معه.
التعدي على الممتلكات العامة والبيئة
في بعض الوجهات، لا يقتصر الأمر على التصرفات الفردية غير اللائقة، بل يمتد إلى التعدي المباشر على الممتلكات العامة أو المعالم الطبيعية والتاريخية. ففي مدينة مثل روما، تم رصد سائحين يحفرون أسماءهم على جدران الكولوسيوم، وهو أمر دفع بالسلطات إلى فرض غرامات ضخمة وعقوبات جنائية. وفي أماكن مثل آيسلندا أو النرويج، يؤدي خروج السياح عن المسارات المحددة إلى إتلاف المواطن البيئية الحساسة، أو تخريب المناظر الطبيعية الفريدة.
حتى الأماكن التي لا تملك مواقع أثرية حساسة، قد تتأثر بسلوكيات مثل ترك القمامة، أو استعمال المركبات بطرق غير مشروعة، أو التخييم في أماكن غير مخصصة. كما أن الضجيج والتدخين المفرط في الأماكن الطبيعية أو العامة يمكن أن يحوّل تجربة السكان والزوار الآخرين إلى تجربة سلبية. ومع أن بعض المدن بدأت بوضع لافتات توعوية أو حملات ميدانية للحد من هذه الظواهر، إلا أن التحدي لا يزال قائمًا ويحتاج إلى تعاون دولي وجهود تثقيفية مكثفة.
انتهاك خصوصية السكان المحليين
من أكثر السلوكيات التي يعبّر عنها السكان المحليون بانزعاج بالغ هي التصوير المتطفل، خاصة في الأحياء القديمة والأسواق الشعبية. فالكثير من السياح يلتقطون صورًا دون استئذان، مما يخلق شعورًا بالاستغلال أو التشييء، وكأن الناس في هذه المدن مجرد عناصر "ديكورية" في مشهد سياحي. هذا الأمر يزداد سوءًا مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يشارك السياح صورًا وفيديوهات لسكان محليين دون إذنهم، ما يُعد انتهاكًا صريحًا للخصوصية.
إضافة إلى ذلك، يعاني السكان في بعض المدن من تحوّل شققهم السكنية إلى وحدات تأجير سياحي عبر منصات مثل Airbnb، وهو ما يؤدي إلى دخول غرباء مستمرين إلى المباني السكنية، وتراجع الإحساس بالأمان والخصوصية. كما يشكو البعض من الضجيج الليلي والانفلات السلوكي الناتج عن المجموعات السياحية غير المنظمة، خصوصًا في المدن الساحلية أو الوجهات التي تستقطب سياح الحفلات الليلية.
لا أحد ينكر أن السفر تجربة إنسانية راقية ومصدر للمعرفة والتبادل الثقافي، ولكن نجاح هذه التجربة لا يتحقق دون احترام متبادل. على السائح أن يدرك أنه زائر في مكانٍ له أهله وتاريخه وثقافته، وأن كل تصرف يصدر عنه قد يكون له أثر أكبر مما يتوقع. وبالمقابل، من مسؤولية الجهات الرسمية والمنصات السياحية أن تنشر الوعي وتضع أطرًا واضحة تضمن استدامة السياحة وراحة المجتمعات المستضيفة.
0 تعليق