في قلب مشهد موسم الحج العظيم تتجلى جهود المملكة في أبهى صورها، إذ تسخّر طاقاتها البشرية والتقنية والخدمية كافة لتقديم أرقى مستويات الرعاية والراحة لضيوف الرحمن، حتى أصبحت نموذجاً عالمياً يحتذى به في تنظيم إدارة الحشود.

منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وضعت بلادنا خدمة الحرمين الشريفين ورعاية الحجاج والمعتمرين في صدارة أولوياتها، وجعلت من ذلك رسالة دينية وإنسانية سامية، تتعهد بها سنوياً، وتسعى إلى تطويرها بما يتوافق مع تطلعات العصر وحاجة الزائرين. وقد ترجمت هذا الالتزام بمشاريع عملاقة ومبادرات نوعية، شملت التوسعة الضخمة للمسجد الحرام والمسجد النبوي، وتحديث البنى التحتية في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وتطوير منظومة النقل والمواصلات، فضلاً عن الخدمات الطبية والإسعافية عالية الكفاءة.

في إطار «رؤية 2030»، شهد موسم الحج نقلة نوعية كبيرة في الأعوام الأخيرة، بفضل التحول الرقمي الذي اعتمدته الجهات المسؤولة، إذ أطلقت وزارة الحج والعمرة عدة منصات إلكترونية وتطبيقات ذكية تسهّل على الحجاج إصدار التصاريح، والحجز، والتنقل، والاستعلام.

وإلى جانب التنظيم، تبذل المملكة جهوداً جبارة لتوفير الرعاية الصحية المجانية، وإدارة الحشود، وضمان الأمن والسلامة في كل مراحل الرحلة الإيمانية، ما يجعل تجربة الحج نموذجاً فريداً يجمع بين روحانية المناسك ودقة الإدارة وجودة الأداء.

هذه الإنجازات المتواصلة لم تكن لتتحقق لولا التوجيهات الحكيمة من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، حفظهما الله، اللذين يؤكدان في كل مناسبة أن خدمة ضيوف الرحمن شرف عظيم تتشرف المملكة بحمله، وتحرص على تأديته بأعلى المعايير.

لقد أثبتت المملكة على مر السنين، وبشهادة العالم، أنها رائدة في تنظيم الحج وخدمة الحجاج، وقدمت للعالم تجربة ناجحة ومتكاملة تمزج بين العراقة والتطوير، بين الإيمان والإنسانية، وتستحق أن تُسجل في سجل الفخر والاعتزاز لكل مسلم.