نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل أعاد ترامب أميركا إلى "مستنقع" الشّرق الأوسط؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 23 يونيو 2025 07:13 صباحاً
أشد ما يمقت دونالد ترامب هي صورة العاجز الضعيف. يمقتها في الشكل والمضمون. يرى أنها أول أسباب الفشل وآخرها. وحين أطل على الأميركيين والعالم معلناً "الضربة الناجحة جداً" على المنشآت النووية الإيرانية الثلاثة الأحد، كانت رسالته واضحة: أنا الأقوى.
ترامب لم يسوّق نفسه يوماً كداعية سلام، بل كداعية لعدم ذهاب أميركا إلى الحروب. هذا ما كان يردده في خطاباته أمام مناصريه الأوفياء، الماغاويين الذين يعيّرون الإدارات السابقة بتوريط أميركا في حرب الخليج الثانية (1990) وحرب العراق (2003). لكن ترامب لا يقبل بالظهور بمظهر المتردد الذي "يجبن" أمام قرار كبير. لن يكرر "خطيئة" الرئيس السابق باراك أوباما بتهديد النظام السوري حينها بعدم اجتياز الخط الأحمر بعد استخدام أسلحة محرمة دولياً، ثم التراجع عن ضربه ورمي القرار في حضن الكونغرس الذي كان يعرف مسبقاً أنه سيرفضه.
ترامب ليس بحاجة إلى صقور لكنه محاط بهم. (ا ف ب)
في الرسالة التي وجهها إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، كان ترامب صريحاً حد الفجاجة بتخيير إيران بين القبول بشروطه للاتفاق النووي أو الحرب. مع انتهاء مهلة الستين يوماً بعد انطلاق المفاوضات، بدا كأنه هو الذي أطلق صافرة بداية الحرب الإسرائيلية. ثم، وبينما الصواريخ الإيرانية تؤذي إسرائيل وتعد بمزيد من الخرق للقبة الحديدية، ظل على غموضه بخصوص تدخل أميركا المباشر، بينما أبقت إدارته الباب مفتوحاً للإيرانيين، إلى أن فتح الستار على مسرح جديد فجر أمس، نعرف مشهده الافتتاحي، لكن لا أحد يتوقع كيف سينتهي.
ترامب ليس بحاجة إلى صقور لكنه محاط بهم من كل حدب وصوب. وزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث والبقية الباقية يكنّون العداء لإيران بالقدر نفسه الذي يفخرون به بفائض قوة أميركا، وفائض قوة ترامب نفسه. لن يجد بينهم من يهدئ روعه أو يحذره، ناهيك عمن يجرؤ على مخالفته علناً. ثم إن هذه الإدارة همّشت الكونغرس من البداية تماماً كما همّش ترامب حزبه الجمهوري، أو ابتلعه بالأحرى. ولأنه رسمياً لم يعلن الحرب، مع كبر حجم هذا الهجوم وأثره الآتي سياسياً وعسكرياً، فهو لم يلجأ إلى الكونغرس.
الجمهوريون هللوا بكل الأحوال، بينما استنكر الديموقراطيون "لا دستوريتها" إذ لم تمر من خلال القنوات المنطقية اللازمة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. لكن ترامب لا يلقي بالاً لهذا من الأساس، كما لا يبدو مقتنعاً بأن المفاوضات مع الإيرانيين كانت ستجلب الاتفاق الذي يريده، إلا إذا سيقت إيران إلى توقيع استسلام غير مشروط. وإذا كانت إسرائيل قد أطلقت مشروع هذا الاستسلام الإيراني، أي نزع أنياب الجمهورية النووية والبالستية والأذرع الإقليمية، فترامب لم يتأخر عن موعده في الانضمام إلى المشروع الحربي، بهجوم لا يمكن تجنب تشبيه الهدف منه بأهداف أميركا من إلقاء قنبلتين ذريتين على اليابان.
هل ستستسلم إيران بالضرورة، أم أن أميركا ستعود إلى ما تصفه بمستنقع الشرق الأوسط لتغرق فيه مجدداً بعد كل مرة تظن أنها خرجت منه؟ هذه الأسئلة التي تطرحها الدول بالصواريخ عادة. ومع أن المحللين بدأوا بتذكير ترامب بجورج دبليو بوش وحروبه، إلا أنه يرى أنه الوحيد الذي يمكنه النجاح، بمفرده. فوق ذلك، هو يؤمن بأن أهم مكوّنات القوة استعراضها والمبالغة فيها. الآن نحن أمام استعراض "أقوى جيش" في العالم، "لأعظم أمة" في التاريخ، لأفضل رئيس للولايات المتحدة وأكبر صديق لإسرائيل. أي تراجع سيبدو ضعفاً يمقته ترامب.
في هذه الأثناء، تدور حرب حقيقية وإن عن بعد في الشرق الأوسط، ويبدو أن أميركا تقدمت إلى المقعد الأمامي فيها بعدما أدارتها في الأيام الماضية القليلة من الخلف.
0 تعليق