انطلقت صباح اليوم الأربعاء أولى أيام مناسك الحج لعام 1446 هـ، حيث بدأ أكثر من مليون مسلم من مختلف أرجاء العالم التوافد إلى مكة المكرمة لأداء طواف القدوم، إيذانًا ببدء الشعائر المقدسة التي تُعد أحد أركان الإسلام الخمسة. وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة، اتخذت السلطات السعودية تدابير مشددة لتنظيم الحشود وضمان أمن وسلامة الحجاج، خاصة في مواجهة ظاهرة الحجاج غير النظاميين التي تثير القلق سنويًا.

توجه الحجاج، مع إشراقة صباح هذا اليوم، وهم يرتدون لباس الإحرام الأبيض الذي يعكس المساواة والتجرد من مظاهر الدنيا، إلى صحن المطاف في المسجد الحرام لأداء طواف القدوم، حيث طافوا سبع مرات حول الكعبة المشرفة وسط أجواء روحانية يغمرها التضرع والابتهال. ويُعد هذا الطواف هو أول مناسك الحج، ويليه التوجه إلى منى لقضاء يوم التروية استعدادًا للوقوف على صعيد عرفات يوم الخميس، الذي يُعد الركن الأعظم من الحج.

وقبل ولوج مكة يجب أن يدخل الحاج في حالة روحية والتي تعرف باسم "الإحرام"، حيث تتطلب لباسا وسلوكا خاصين، حيث يرتدي الرجال قطعة قماش بيضاء غير مخيطة، في المقابل ترتدي النساء عباءات فضفاضة لا تكشف سوى الوجه واليدين.

ومع الأعداد الكبيرة التي تتدفق على مكة، نشرت السلطات السعودية مئات الآلاف من رجال الأمن والطواقم الطبية والإسعافية، كما تم تعزيز الفرق الميدانية لمكافحة أي تجاوزات من قبل الحجاج غير النظاميين، وذلك عبر بوابات إلكترونية، ونقاط تفتيش على مداخل العاصمة المقدسة، للتأكد من وجود التصاريح الرسمية. ويأتي ذلك لضمان سلامة التنظيم وتحقيق أعلى معايير الراحة لحجاج بيت الله الحرام.

كما قامت وزارة الصحة السعودية بنشر وحدات طبية متنقلة في مختلف المواقع، وتفعيل نقاط توزيع المياه الباردة والمراوح الرذاذية في الحرم وساحاته الخارجية، وذلك لمواجهة درجات الحرارة العالية مع تقديم إرشادات توعوية للحجاج لحمايتهم من الإجهاد الحراري وضربات الشمس.

يمثل موسم الحج أعظم مظاهر الوحدة الإسلامية، حيث تلتقي وجوه وأعراق مختلفة في مكان واحد، يجمعها هدف واحد هو التقرب إلى الله وأداء الفريضة العظيمة. ويُتوقع أن تتواصل مناسك الحج خلال الأيام المقبلة وسط متابعة دقيقة واستعدادات مكثفة لتأمين سلاسة الحركة والتنقل بين المشاعر المقدسة في منى وعرفات ومزدلفة.