الصين تتمدّد بلا ضجيج… فهل نتنبه؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الصين تتمدّد بلا ضجيج… فهل نتنبه؟ - تكنو بلس, اليوم الخميس 29 مايو 2025 12:26 مساءً

انخفضت حدّة الخطاب بين الصين والولايات المتحدة، لكن التنافس لم يختفِ، بل تغيّر شكله. لم تعد الحرب تجارية علنية، بل تحوّلت إلى سباق تمدّد ناعم. من يبني الثقة؟ من يوقّع أولاً؟ ومن يملأ الفراغات التي تتركها القوى التقليدية؟

في هذا المشهد، الصين لا ترفع الصوت، بل تحجز موقعها بالاتفاقات.

 

رأي

فرح مراد

سوريا على مفترق الجغرافيا والاقتصاد: أوروبا تفتح الباب المشروط... والهيدروجين الأخضر في الصدارة

خريطة الطريق الأوروبية لتخفيف العقوبات تبدو أقل كعرض ثقة، وأكثر كاختبار. تصريح مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس، كان واضحاً: “نريد التحرك بسرعة، لكن يمكن التراجع إذا اتخذت دمشق قرارات خاطئة”. بمعنى آخر، أوروبا مستعدّة للانفتاح ولكن على طريقتها، وبشروطها.

 

التمدّد العربي: من نقاط تماس إلى نقاط نفاذ
صحيح أن دول الخليج تلقت القسم الأكبر من الاستثمارات الصينية، خصوصاً في الطاقة والبنية التحتية، لكن هذا لا يلغي التوسّع الأوسع في العالم العربي:

• الجزائر تعتبر الصين شريكها التجاري الأول، بمشاريع في المرافئ والطاقة والسكك الحديد.
• مصر تستضيف المنطقة الاقتصادية الصينية قرب قناة السويس، كمركز تصنيع وتوزيع نحو أفريقيا وأوروبا.
• في الأردن وتونس والمغرب، الاستثمارات الصينية بدأت تأخذ طابعاً تكنولوجياً ومهنياً، في الطاقة المتجددة والتدريب المهني وربط البنى التحتية.

وفي هذا التمدد، بات تعزيز استخدام اليوان جزءاً من الاستراتيجية الأوسع.
الصين لا تروّج لعملتها كشكل من أشكال الدفع فحسب، بل كأداة تمويل للبنى التحتية وصفقات الطاقة.
هذا لا يشكل تهديداً مباشراً للدولار حالياً، لكنه يضيف طبقة نقدية جديدة على الدول العربية التنبه إليها، خصوصاً مع ازدياد انكشافها على المشاريع الصينية.

الصين لا تحلّ محل أحد، لكنها تملأ الفجوات بهدوء بتمويل مستقر، من دون شروط سياسية.

الصين (وكالات)

الصين (وكالات)

من الاستثمار السياسي… إلى التوازن الاستراتيجي
ما يميّز هذا التمدّد أنه لا يفرض على الدول العربية "انحيازاً".
الصين تقدّم تمويلاً، شراكات، وتكنولوجيا، لكن من دون تدخل مباشر في السياسات الداخلية.

هذا ما يجعل لحظة الاستثمار المتوازن فرصة ذهبية:
من يقفز على هذه الديناميكية يستطيع تمويل مشاريعه، تطوير موارده، وربما تحويل اقتصاده من مستهلك إلى موصِل.

فرص خفية داخل الصين نفسها
رغم تباطؤ النمو، لا تزال الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم وتعيد رسم أولوياتها الاستثمارية:

• التحول الصناعي الداخلي: الحكومة تدعم قطاعات أشباه الموصلات، الذكاء الاصطناعي، والمشاريع الخضراء. هذه مساحات للاستثمار الأجنبي عبر التمويل أو الشراكات التقنية.


• الممرات التجارية الجديدة: بعد الحرب التجارية مع واشنطن، ازدادت أهمية "دول العبور" مثل المكسيك وفيتنام والمغرب. الاستثمار في الخدمات اللوجيستية والتدريب المتخصص المرتبط بالصين أصبح قابلاً للربح أكثر من بعض الأسواق التقليدية.


• المشاريع الصغيرة المستدامة: مبدأ المشاريع "صغيرة وجميلة" يفتح المجال لشراكات عربية في مشاريع الطاقة، النقل الذكي، وبنى تحتية خضراء، لا تتطلب رأسمال ضخماً بل معرفة وفهم للمشهد الصيني.

التمدّد الصيني ليس موقتاً ولا عابراً. بل هو إعادة تموضع عالمية، تحدث بهدوء وبواقعية. ومبادرة الحزام والطريق دخلت عقدها الثاني، ومعها تغيّرت قواعد اللعبة. التمويل أصبح أدق، المشاريع أكثر انتقائية، والحضور الصيني أذكى وأقل صخباً.

لكن الطريق ليست قدراً. بل مساحة مفتوحة للتفاوض.

 

*محللة أولى للأسواق في مجموعة Equiti 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق