نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
التفاوض المباشر بين سوريا وإسرائيل... بين الإنكار وغموض دور أحمد الدالاتي - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 28 مايو 2025 08:37 مساءً
دمشق – "النهار"
نفت دمشق وجود مفاوضات مباشرة مع الجانب الإسرائيلي، خلافاً لما كشفت عنه وكالة "رويترز"، التي نقلت عن خمسة مصادر أن إسرائيل وسوريا على اتصال مباشر، وعقدتا خلال الأسابيع الأخيرة اجتماعات وجهاً لوجه تهدف إلى تهدئة التوترات ومنع نشوب نزاع في المنطقة الحدودية.
ونفى العميد أحمد الدالاتي، قائد الأمن الداخلي في محافظة السويداء، بشكل قاطع مشاركته في لقاءات تفاوضية مباشرة مع مسؤولين إسرائيليين، مؤكداً أن هذه الادعاءات "لا أساس لها من الصحة وتفتقر إلى الدقة والصدقية".
وقال الدالاتي، في تصريح لقناة "الإخبارية السورية"، مساء الثلاثاء، إنه ينفي بشكل قاطع مشاركته في أي جلسات تفاوضية مباشرة مع الجانب الإسرائيلي، وأضاف: "القيادة السورية تواصل اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لحماية الشعب السوري والدفاع عن وحدة أراضي الجمهورية وسيادتها، باستخدام كافة الوسائل المشروعة".
وتولى الدالاتي، على ما يبدو، مهمة النفي لأن تقرير "رويترز" أشار إليه بالاسم كقائد لعملية التفاوض المباشر مع الوفد الإسرائيلي. واعتبرت أوساط سياسية سورية أن نفي الدالاتي أعاد التأكيد على الموقف الرسمي السوري الرافض أي تواصل مباشر مع إسرائيل خارج إطار قرارات الشرعية الدولية.
العميد أحمد الدالاتي.
وفي الواقع، ورد اسم الدالاتي قبل تقرير "رويترز" في تسريبات محلية تداولها بعض الأوساط السورية، تحدثت عن مفاوضات مباشرة مع إسرائيل منذ أواخر نيسان/أبريل الماضي، إلا أنه لم يكن بالإمكان إثبات ذلك بشكل قاطع، رغم أن مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبد الرحمن أكد وجود هذه المفاوضات حينها من دون أن يذكر أسماء محددة.
وكان الدالاتي يشغل آنذاك منصب محافظ القنيطرة، بعد أن تولى لفترة قصيرة منصب نائب محافظ دمشق. وقد استندت التسريبات المحلية إلى شغله هذا المنصب، لتؤكد مشاركته في المفاوضات التي أجريت على أطراف القنيطرة الحدودية مع إسرائيل.
لكن ما أثار الاستغراب حينها هو أن الدالاتي ليس من قادة "هيئة تحرير الشام"، بل ينتمي فعلياً إلى حركة "أحرار الشام الإسلامية"، ومع أنه كسب ثقة أحمد الشرع منذ سنوات بسبب دعمه للجناح الموالي للهيئة داخل "أحرار الشام"، والذي كان يقوده حسن صوفان، عضو لجنة السلم الأهلي حالياً، فإن مهمة التفاوض مع إسرائيل تُعد شديدة الحساسية أمنياً وسياسياً، ما جعل من المستبعد لدى المراقبين أن يُكلّف بها شخص من خارج الهيئة.
ثم جاء نقل الدالاتي من منصب محافظ القنيطرة وتكليفه منصباً أمنياً بحتاً هو مدير الأمن الداخلي في محافظة السويداء، ليزيد من تعقيد المشهد. إذ ذهب بعضهم إلى اعتبار أن هذا النقل جاء خطوة عملية من "الإدارة السورية الموقتة" لنفي أي دور له في التواصل مع إسرائيل.
في المقابل، اعتبر آخرون أن نقله إلى السويداء، وهي محافظة تعرّضت لكثير من الأقاويل عن أدوار إسرائيلية فيها، يُعد تأكيداً على المهمة التي اضطلع بها، ويسهّل له مهمة التواصل مع إسرائيل، نظراً الى الدور المركزي الذي تلعبه المحافظة في سياسة تل أبيب حيال دمشق، ليس لكونها جزءاً من المنطقة الجنوبية التي تسعى الدولة العبرية لتحويلها إلى منطقة منزوعة السلاح فحسب، بل أيضاً بسبب تعهدات إسرائيل المتكررة حماية أبناء الطائفة الدرزية واعتبار ذلك من أولوياتها في سوريا.
والدالاتي هو ابن مدينة الزبداني في ريف دمشق، وعُرف في بداية الأزمة السورية بلقب "أبو محمد الوادي"، وكان آنذاك يقود فصيلاً عسكرياً ضد النظام السوري، لكنه تعرض لمحاولة اغتيال قيل إن سببها محاولته فتح قنوات حوار مع "حزب الله". وبعد نجاته، انتقل إلى الشمال السوري حيث انضم إلى حركة "أحرار الشام الإسلامية".
ولا يُعرف عنه ممارسته لأي نشاط سياسي، إذ اقتصر دوره على الجانب العسكري. وقد ظهرت له صور إلى جانب عامر الشيخ قائد "أحرار الشام"، في غرفة العمليات التي قادت معركة "ردع العدوان".
لكن الدالاتي لعب دوراً مهماً في الانقسام الذي شهدته "أحرار الشام" عام 2021، إذ وقف مع الجناح المؤيد لـ"هيئة تحرير الشام" ضد الجناح الذي كان يرغب في الانضمام إلى "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا. ومنذ ذلك الحين، تعزز نفوذ هذا الجناح، وحصد معظم المناصب المهمة، ومنها محافظ ريف دمشق الذي تولاه عامر الشيخ، ومحافظ القنيطرة الذي تولاه الدالاتي قبل نقله إلى الأمن الداخلي في السويداء.
واللافت أن وزير الداخلية قرر تعيين الدالاتي في منصب مدير الأمن الداخلي في السويداء قبل الإعلان رسمياً عن عزله من منصبه كمحافظ للقنيطرة، وهو ما يستوجب عادة صدور مرسوم رئاسي.
كذلك، فإنّ تعيين خليفة له في منصبه القديم كمحافظ للقنيطرة لم يُعلن عنه حتى بعد أيام من تعيينه في منصبه الجديد، ما أثار العديد من التساؤلات حيال دلالة هذا التأخير، وما إذا كان غياب التعيين مرتبطاً بملف التفاوض مع إسرائيل، أم أنه مجرد خلل إداري سيتم تداركه قريباً.
0 تعليق