سر "ديبسيك" العميق... إمبراطورية التنين الآسيوي تغوص في قلب المحيط - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سر "ديبسيك" العميق... إمبراطورية التنين الآسيوي تغوص في قلب المحيط - تكنو بلس, اليوم الأحد 25 مايو 2025 10:30 مساءً

في خطوةٍ غير مسبوقةٍ أزاحت الصين مؤخراً الستار عن أول مركز بيانات تجاري يعمل بالذكاء الاصطناعي تحت سطح البحر، قبالة سواحل مقاطعة هاينان. هذا الإنجاز ليس مجرد تقدمٍ تقني، بل هو قفزةٌ نوعيةٌ تُجسّد طموح بكين في دمج قوة الذكاء الاصطناعي مع حلولٍ بيئيةٍ مستدامة، وإعادة تعريف مفهوم الحوسبة السحابية وخدمات البيانات على مستوى العالم. فهل نحن على أعتاب ثورة تكنولوجية تخرج من قلب المحيط؟

 

 

 

ذكاء اصطناعي في الأعماق

في تطور غير مسبوق، دشنت الصين أول مركز بيانات تجاري تحت سطح البحر يعمل بالذكاء الاصطناعي ويجمع بين الهندسة البحرية والذكاء الاصطناعي وحلول الطاقة الخضراء، مع العلم أنها كانت قد بدأت تجميعه منذ عام 2023.

يمثل هذا المشروع تحولاً بارزاً في طريقة بناء وتشغيل مراكز البيانات. فبدلاً من الاعتماد على تقنيات التبريد التقليدية، يستفيد هذا المركز الغاطس من البرودة الطبيعية للمحيط، ما يُقلل من استهلاك الطاقة ويُعزز كفاءة الأداء. هذا الابتكار يواجه أحد أكبر التحديات في عالم البيانات، أي التبريد المستمر دون تكلفة بيئية عالية.

يضم هذا المرفق أكثر من 400 سيرفر متطور، تعادل قوتها الحوسبية ما يُقارب 30,000 جهاز كمبيوتر شخصي. ويُستخدم هذا المركز في مجالات متنوعة، من تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، إلى تطوير الألعاب، وإجراء المحاكاة الصناعية، وحتى دعم أبحاث علوم المحيطات.

من أبرز التطبيقات التي يستضيفها المركز روبوت المحادثة الصيني الشهير "DeepSeek AI"، والذي يعالج ما يصل إلى 7000 استفسار في الثانية، ويُنافس أبرز المنصات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.

 

تصميم الذكاء الاصطناعي.

تصميم الذكاء الاصطناعي.

 

استدامة وتقنية في آنٍ واحد 

يمتاز المركز ببنيته البيئية الصديقة، حيث يُساهم في خفض انبعاثات الكربون وتكاليف التشغيل بنسبة قد تصل إلى 50%. كما يُخفف الضغط على أنظمة التكييف التقليدية، ويعتمد هيكله على تصميم يُسهّل توسيعه دون الحاجة إلى إنشاء بنى تحتية ضخمة.

يأتي اختيار موقع المركز البحري بالقرب من ميناء هاينان للتجارة الحرة جزءاً من رؤية الصين لتحويل المنطقة إلى مركز اقتصادي رقمي. كما يهدف إلى تقليل الاعتماد على المناطق الداخلية التي تُعاني من شحّ الموارد.

البحر هنا ليس مجرد موقع جغرافي، بل أيضاً عنصر أمان. فالمركز مقاوم للزلازل، والضغط العالي، والتآكل، ويحتوي على أنظمة مراقبة متقدمة تجعله أقل عرضة للهجمات السيبرانية أو التخريبية.

 

.

 

إمكانية الاستخدام العسكري وتساؤلات المستقبل 

 

رغم هذا الإنجاز، لا تزال هناك تساؤلات تتعلق بالصيانة طويلة الأمد، والتأثيرات البيئية على النظام البحري، ومدى قابلية تعميم هذا النموذج في دول أخرى. تشير الصين إلى إجراء دراسات بيئية شاملة، لكن المتابعة العالمية مستمرة، خاصة في ما يتعلق بالإجهاد البنيوي الناتج عن الاستخدام طويل الأمد.

في الوقت نفسه، يرى الخبراء أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام انتشار مراكز البيانات تحت الماء في الدول الساحلية، خاصة تلك التي تواجه تحديات طاقوية. وقد يُسهم ذلك في تطور البنى التحتية للحوسبة السحابية، والبلوك تشين والحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي.

كما تُطرح احتمالات لتوظيف هذه التقنية في المجالات العسكرية والأمنية، نظراً لمتانة هذه المراكز وقدرتها على العمل خارج الشبكات التقليدية، ما يجعلها خياراً مناسباً لمهام القيادة، والتحكم في الطائرات بدون طيار، والأقمار الاصطناعية، والعمليات السيبرانية.

يُتوقع أن ينعكس هذا الابتكار على الاقتصاد المحلي في هاينان من خلال تحفيز قطاعات الروبوتات، والهندسة البحرية، والطاقة المتجددة، إضافة إلى جذب الاستثمارات والمواهب في مجال البحث والتطوير.

 

بهذا الإنجاز، تُثبت الصين أن الابتكار لا يقتصر على البرمجيات والخوارزميات، بل يمتد إلى الهياكل التي تحتضنها. فمركز البيانات تحت الماء ليس مجرد إنجاز تقني، بل خطوة نحو تصور جديد لعلاقة الإنسان بالتكنولوجيا والطبيعة. وإذا نجح هذا النموذج، فقد يكون نقطة تحول في الطريقة التي تُدار بها البيانات حول العالم.

 

 

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق