كشفت دراسة بريطانية حديثة عن رابط مقلق بين المشاكل النفسية في مرحلة الطفولة والتطور المهني المستقبلي. وأفادت الدراسة بأن الأطفال الذين يعانون من اضطرابات نفسية هم أكثر عرضة بنسبة 66% لمواجهة صعوبات في مسارهم المهني عند بلوغهم سن الرشد، حتى وإن بدا أن هذه المشاكل قد تلاشت مع تقدم العمر.

أجرى هذه الدراسة معهد أبحاث السياسات العامة، واعتمدت على بيانات شاملة لحوالي 6 آلاف شخص وُلدوا في أسبوع واحد عام 1970. ركزت الدراسة على تتبع تاريخ الاضطرابات النفسية في طفولتهم، إلى جانب تحليل مستوى تطورهم المهني في مراحل لاحقة من حياتهم.

أظهرت النتائج أن الأفراد الذين عانوا من مشاكل نفسية وسلوكية حادة في طفولتهم كانوا أكثر عرضة بنسبة 85% للإصابة بالاكتئاب في سن الـ51 عامًا، كما كانوا أكثر احتمالًا بنسبة 68% للإصابة بأمراض مزمنة تعيق قدرتهم على العمل.

وعلى النقيض، بينت الدراسة أن الأطفال الذين عانوا من مشاكل صحية جسدية لم يكن لها تأثير رئيسي على مستقبلهم المهني بنفس القدر، حيث أظهرت النتائج أن 38% منهم فقط هم من واجهوا صعوبات في العمل لاحقًا.

تأتي هذه الدراسة في وقت تشهد فيه بريطانيا ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الأطفال المحتاجين لرعاية نفسية طارئة، مما يسلط الضوء على الأهمية القصوى للتدخل المبكر. ويؤكد الباحثون أن هذا التدخل لا يقتصر تأثيره على تحسين جودة حياة الأفراد فحسب، بل يمتد ليشمل التخفيف من الضغوط طويلة الأمد على الدولة. وتشمل هذه الضغوط بشكل خاص تكاليف تعويضات البطالة، وجهود تأهيل ودعم الأشخاص الذين يواجهون صعوبات في الاندماج بسوق العمل نتيجة لمشاكل صحية نفسية سابقة.