نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترامب ومزاعمه الخاطئة عن إبادة جماعية للبيض في جنوب أفريقيا... ماذا تقول الأرقام؟ FactCheck# - تكنو بلس, اليوم الجمعة 23 مايو 2025 09:25 صباحاً
واجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامابوزا باتهامات بارتكاب جرائم قتل جماعي ومصادرة أراضٍ من البيض، خلال لقائهما في البيت الأبيض، الأربعاء 21 ايار 2025، بينما ترفض جنوب أفريقيا الاتهامات بأن البيض مُستهدفون بالجرائم على نحو متناسب.
في تفاصيل ذلك اللقاء الذي أعاد إلى الأذهان ما حصل مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الابيض في شباط الماضي، مقطعاً مصوراً ومقالات مطبوعة يُفترض أنها تُظهر أدلة لدعم مزاعمه أن البيض في جنوب أفريقيا يتعرضون للاضطهاد.
وقال ترامب في واحدة من سلسلة اتهامات: "يهرب الناس من جنوب أفريقيا حفاظا على سلامتهم. تُصادر أراضيهم، وفي كثير من الحالات، يُقتلون"، وفقا لما أوردت وكالة "رويترز".
وأظهر المقطع المصوّر الذي عرضه ترامب، صلباناً بيضاء قال إنها قبور لآلاف البيض، وزعماء يُلقون خطابات تحريضية. وطالب بضرورة اعتقال أحدهم، وهو جوليوس ماليما. ثم عرض نسخاً مطبوعة من مقالات قال إنها تُظهر قتلى من البيض في جنوب أفريقيا، وكان يقول: "الموت، الموت" وهو يُقلّب صفحاتها.
من جهته، قال رامابوزا إن هناك جرائم في جنوب أفريقيا، وإن غالبية الضحايا من السود. لكن ترامب قاطعه قائلا: "المزارعون ليسوا سودا". وردّ رامابوزا: "هذه مخاوف نحن على استعداد للتحدث معك عنها". وحافظ الزعيم الجنوب أفريقي على رباطة جأشه طوال المشهد.
ولكن هل البيض مستهدفون في جنوب أفريقيا بجرائم قتل جماعي ومصاردة اراضيهم، كما يزعم ترامب؟
نعم، قُتل مزارعون بيض في جنوب أفريقيا. ولكن هذه الجرائم لا تُمثل سوى أقل من 1% من أكثر من 27 ألف جريمة قتل سنوية في جميع أنحاء البلاد. ويقول خبراء إن هذه الوفيات لا ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، وإن ترامب يُضلّل الرأي العام بشأن مصادرة أراضي البيض.
ويقول رئيس برنامج العدالة ومنع العنف في معهد الدراسات الأمنية في جنوب أفريقيا غاريث نيوهام لموقع Politifact إن "فكرة حصول إبادة جماعية للبيض في جنوب أفريقيا خاطئة تمامًا". ويضيف: "بصفتنا معهدا مستقلا يتتبع العنف والجرائم العنيفة في جنوب أفريقيا، إذا وُجد أي دليل على وقوع إبادة جماعية أو عنف مُستهدف ضد أي جماعة على أساس عرقها، فسنكون في طليعة من يدقّون ناقوس الخطر ويُقدّمون الأدلة للعالم".
في جنوب أفريقيا، يوجد نحو 2.7 مليوني أفريكاني أبيض من نسل المستوطنين الهولنديين والفرنسيين. ويُشكّل السود نحو 80% من سكان البلاد. من عام 1948 حتى أوائل تسعينيات القرن العشرين، عاشت البلاد تحت حكم الفصل العنصري، الذي أعطى البيض السلطة، وأجبر السود على العيش منفصلين عنهم.
تُظهِر أحدث البيانات الرسمية لشرطة جنوب افريقيا أن البلاد شهدت 19696 جريمة قتل من نيسان 2024 إلى كانون الأول 2024، وان ضحية واحدة من 36 فقط، أي نحو 0.2%، كانت مرتبطة بمزارع أو ملكيات زراعية صغيرة.
علاوة على ذلك، كان سبعة فقط من الضحايا الـ36 من المزارعين، علماً ان هناك مزارعين من السود ايضا في جنوب أفريقيا، والبيانات الرسمية غير مقسّمة بحسب العرق. وكان من الضحايا الـ29 الآخرين موظفون في المزارع، وهم في الغالب من السود.
وتظهر ايضا البيانات الصادرة عن مجموعات تمثل المزارعين في جنوب أفريقيا أن عدد حالات القتل في المزارع يصل إلى العشرات سنويا، وهي نسبة ضئيلة للغاية من إجمالي حالات القتل في البلاد، وفقاً لما توصل اليه موقع "سي أن أن".
ويبقى الدافع الرئيسي وراء معظم هجمات المزارع السرقة، وفقاً لنيوهام، وهو أمرٌ موثقٌ منذ زمن طويل.
ويقول: "الهجمات التي قد تحمل دوافع عنصرية أو سياسية نادرةٌ للغاية، ولا تُشكل سوى نسبة ضئيلة من الحالات المُسجلة". ويشير الى أن غالبية ضحايا جرائم القتل على مستوى البلاد هم من الشباب السود الفقراء، أو الذين يعانون نقصا في العمل، أو البطالة. ويتدارك: "يرتبط وقوع ضحايا جرائم القتل بالطبقة الاجتماعية والجنس والموقع أكثر بكثير من ارتباطه بالعرق".
وتظهر الارقام ان نحو نصف جرائم القتل في 12% تقريباً من الضواحي، "في المقام الأول في البلدات أو المناطق الفقيرة في المدن الكبرى، التي يسكنها في الغالب أفارقة سود"، على قوله.
بالنسبة الى م في جنوب أفريقيا لاري مادوو، فإن كل ما قاله تقريباً الرئيس الاميركي دونالد ترامب "غير دقيق، أو تمّ كشف زيفه على الفور".
ويقول إنه فحص البيانات، ولم يجد أي دليل على إبادة جماعية للبيض في جنوب أفريقيا. ويضيف: "لا أعتقد أنه من الممكن أن يكون ألف مزارع قُتلوا ودُفنوا على جانب الطريق، وأن آلاف السيارات تُحيي ذكرى الضحايا من دون أن يلاحظ أحد ذلك".
إبادة؟
في التعريف، تقول الأمم المتحدة إن الإبادة الجماعية أفعال تُرتكب "بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية، كليًا أو جزئيًا". وما يحصل في جنوب أفريقيا لا ينطبق عليه هذا الوصف، وفقاً لخبراء.
تقول ليزيت لانكستر، مديرة مشروع مركز معلومات الجريمة والعدالة التابع لمعهد الدراسات الأمنية في جنوب أفريقيا، بأنه عند النظر في جرائم القتل والعنف عموما في جنوب أفريقيا، لا يوجد دليل على استهداف المزارعين البيض. وتوضح انه "بناءً على الأدلة المتاحة، فإن البيض هم الأقل عرضة لخطر القتل، بينما يُعد الأفارقة (السود) الأكثر عرضة لخطر القتل"، على ما ينقل عنها موقع FactCheck.org.
وتشرح أنه "لو كان هناك دافع عنصري للجريمة وجرائم القتل في جنوب أفريقيا، لكان معدل قتل البيض أعلى من نسبتهم من إجمالي السكان". وتوضح أنه "يرتبط وقوع ضحايا جرائم القتل بالطبقة والجنس والموقع أكثر بكثير من ارتباطه بالعرق. نحو 50% من جميع جرائم القتل تقع في نحو 12% من الضواحي، بينما تقع 20% منها في أقل من 3% أو 30 مركزًا. وجميع هذه المناطق هي في الغالب بلدات أو مناطق فقيرة في المدن الكبرى، ومعظم سكانها من الأفارقة".
وتتوصل الى أن "جرائم قتل المزارعين لا تشكل سوى نسبة أقل بكثير من 1% من إجمالي جرائم القتل في جنوب أفريقيا".
وفقًا لبيانات جمعها اتحاد ترانسفال الزراعي في جنوب أفريقيا، وهو اتحاد مزارعين تجاري يتألف في معظمه من الأفريكانيين، سُجِّلت 32 جريمة قتل في المزارع عام 2024، بانخفاض مقارنة بـ50 جريمة عام 2023، و43 عام 2022 (بلغ إجمالي جرائم القتل في المزارع نحو 2300 منذ عام 1990). وكان معظم الضحايا- وليس جميعهم- من البيض.
ولكن هل صحيح انه تتم مصادرة أراضي البيض في جنوب أفريقيا؟
في الأشهر القليلة الماضية، انتقد ترامب قانون الإصلاح الزراعي وقضية الإبادة الجماعية، التي رفعتها جنوب أفريقيا على إسرائيل في محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية، وفقا لما تذكر وكالة "رويترز". وألغى ترامب المساعدات إلى جنوب أفريقيا، وأمر بطرد سفيرها وقرر منح اللجوء للأقلية البيضاء بناء على مزاعم التمييز العنصري التي تنفيها بريتوريا.
وترفض جنوب أفريقيا مزاعم الرئيس الأميركي. وعانت التمييز الوحشي ضد السود لقرون خلال فترة الاستعمار والفصل العنصري، قبل أن تصبح ديموقراطية متعددة الأحزاب عام 1994 في عهد نلسون مانديلا.
خلال فترة الفصل العنصري، فقدت العائلات غير البيضاء منازلها وأراضيها. ومع انتهاء نظام الفصل العنصري في منتصف التسعينيات، أصدرت الحكومة قوانين لمساعدة السود في التعافي من عقود من التمييز والإساءة.
في كانون الثاني 2025، وقّع رامابوزا مشروع قانون يُحدّد إجراءات الحكومة للاستيلاء على الأراضي لأغراض عامة. ويتيح هذا القانون الجديد للإصلاح الزراعي، الذي يهدف إلى معالجة مظالم الفصل العنصري، مصادرة الأراضي من دون تعويض عندما يكون ذلك في المصلحة العامة، وعلى سبيل المثال إذا كانت الأرض بورا. ولم تُنفذ أي عملية مصادرة من هذا القبيل، ويمكن الطعن بأي أمر صادر عنها أمام القضاء، وفقاً لما تذكر "رويترز".
ويوضح نيوهام إن هذا القانون الجديد يهدف إلى السماح للحكومة بالاستيلاء قانونيا على الأراضي المهجورة أو غير المستغلة، مثل مئات المباني في جوهانسبرغ التي هجرها مالكوها، واستولى عليها ملاك الأحياء الفقيرة والمتورطون في الجريمة المنظمة.
ووفقا لخبراء، لم تحصل أي عمليات مصادرة للأراضي حتى اليوم. ويقول أنطوني كازيبوني، الباحث الأول في مركز التنمية الاجتماعية في أفريقيا بجامعة جوهانسبرغ، إنه "لا يوجد دليل على مصادرة ممنهجة للأراضي تستهدف المزارعين البيض أو أي شخص آخر".
صور ومشاهد عرضها ترامب في غير سياقها الحقيقي
التدقيق يطاول ايضا صوراً ومشاهد عرضها ترامب خلال لقائه رامابوزا في البيت الابيض. ويبيّن انه تم تغيير سياقها الحقيقي في شكل مضلل.
احدى الصور التي أظهرها الرئيس الاميركي زاعما أنها تظهر الإبادة الجماعية للبيض في جنوب أفريقيا كانت في الواقع لقطة شاشة من فيديو مصوّر في جمهورية الكونغو الديموقراطية ومنشور على يوتيوب في شباط، وفقا لما توصلت اليه كل من وكالتي "فرانس برس" و"رويترز". ويظهر الفيديو "عناصر من الصليب الأحمر وهم يستجيبون بعد اغتصاب نساء وحرقهن أحياء خلال هروب جماعي من السجن في مدينة غوما الكونغولية".
وبالنسبة الى الفيديو الذي وصفه ترامب بأنه "موقع دفن" لـ"أكثر من ألف" مزارع أبيض، ملتقط عام 2020 لتحرك تضامني مع غلين وفيدا رافرتي، وهما زوجان مزارعان من البيض قُتلا في نورمانديان، ويظهر "دعم الناس لمكافحة جرائم قتل المزارعين"، مجلة The Bulletin.
استياء في جنوب أفريقيا
بعد إطلاق ترامب مزاعمه الخاطئة بشأن البيض في جنوب أفريقيا، عبّر مواطنو جنوب أفريقيا، أمس الخميس، عن استيائهم، بعدما هيمنت ما قالوا إنها مزاعم كاذبة من ترامب عن إبادة جماعية للبيض على محادثته مع الرئيس رامابوزا، وشكك كثيرون في ما إذا كانت رحلة رامابوزا إلى واشنطن تستحق كل هذا العناء.
وكتبت ريبيكا ديفيس من صحيفة "ديلي مافريك": "لم يتحول إلى زيلينسكي آخر... لم يتعرض لإهانة شخصية من قبل أفظع ثنائي متنمر في العالم".
وبالنسبة إلى البعض، أثارت رباطة جأش رامابوزا تساؤلات عما تحقق من جراء تعرضه للانتقاد. وقال سوبيلو موثا (40 عاما)، العضو في إحدى النقابات العمالية، في شوارع جوهانسبرغ: "نحن... نعلم أنه لا توجد إبادة جماعية للبيض. لذا كانت تلك الزيارة بلا جدوى بالنسبة الي".
0 تعليق