أكد مختصون أن ارتفاع ضغط الدم يُعد من أبرز التحديات الصحية المزمنة في العالم، لما له من طبيعة صامتة وأثر تراكمي خطير على أعضاء الجسم الحيوية، مثل القلب والدماغ والكلى.
وبيّنوا أن غالبية الحالات تُكتشف بعد حدوث مضاعفات، ما يستدعي أهمية الفحص الدوري والالتزام بالعلاج والمتابعة المنتظمة.

تطوير العلاج والرعاية

وأوضحوا في حديثهم لـ"اليوم"، بمناسبة اليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم، أن المملكة قطعت خطوات واسعة في تطوير بروتوكولات العلاج والرعاية، والاستفادة من التطبيقات الذكية لتعزيز الوقاية والكشف المبكر، بالإضافة إلى تنفيذ حملات توعوية وميدانية لرفع الوعي المجتمعي، وتحفيز المواطنين والمقيمين على تبني نمط حياة صحي.

وأكدت استشارية طب الأسرة والسكري، وأستاذ مساعد بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، الدكتورة نجوى عقيل حسن زبيري، أن ارتفاع ضغط الدم يُعد من أبرز التحديات الصحية على مستوى العالم، نظرًا لطبيعته الصامتة وآثاره التراكمية الخطيرة على أعضاء الجسم الحيوية مثل القلب والدماغ والكلى، مشيرة إلى أن خطورة المرض تكمن في كونه غالبًا لا يُظهر أعراضًا واضحة إلا بعد أن تتفاقم الحالة.
وأوضحت أن من أبرز الأعراض التي قد تظهر على المصابين: الصداع المستمر، والدوخة، ونزيف الأنف، إلا أن معظم المرضى لا يشعرون بشيء، مما يجعل الفحص الدوري ضرورة طبية تبدأ من سن 18 عامًا، خاصة لدى الأشخاص الذين لديهم عوامل خطر وراثية أو أنماط حياة غير صحية، كقلة الحركة والنظام الغذائي السيئ.
وبيّنت أن المملكة العربية السعودية قطعت شوطًا متقدمًا في تنظيم الرعاية الصحية المتعلقة بضغط الدم، من خلال بروتوكولات علاجية حديثة تشرف عليها وزارة الصحة والجمعية السعودية لرعاية ضغط الدم (شمس)، حيث تركز هذه البروتوكولات على تعزيز دور الرعاية الأولية، وتسهيل الوصول إلى العلاج عبر تبسيط الخطط الدوائية، وتوفير أجهزة قياس الضغط الإلكترونية المعتمدة، إلى جانب توفير الأدوية الأساسية بأسعار مناسبة، وتمكين المرضى من المتابعة الذاتية المنتظمة.

مرض خطير

وأضافت أن من أبرز المبادرات النوعية التي أطلقتها الوزارة في هذا المجال، مبادرة "المرشد الصحي الافتراضي"، والتي تعتمد على تكامل بيانات تطبيق "صحتي" مع الأجهزة القابلة للارتداء، بهدف تحديد الفئات الأكثر عرضة للإصابة، وتقديم الاستشارات الطبية عن بُعد، بما يُعزز الوقاية ويُسرّع الوصول للخدمات الصحية.
ولفتت زبيري إلى أن الجهود التوعوية الميدانية لا تقل أهمية، حيث تُنظَّم حملات تثقيفية وقياسات مجانية لضغط الدم في المجمعات التجارية والمراكز الصحية والمستشفيات، تركّز على أهمية الفحص المبكر، وضرورة تبني نمط حياة صحي يشمل الغذاء المتوازن، والنشاط البدني المنتظم، والابتعاد عن التوتر.
من جهتها، شددت استشارية الأمراض الباطنة بمستشفى الملك فهد الجامعي بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، الدكتورة عائشة العصيل، على أن ارتفاع ضغط الدم لم يعد مجرد مرض شائع، بل تحول إلى واحد من أخطر أمراض العصر الحديث، نتيجة ارتفاع أعداد المصابين به على مستوى العالم، خصوصًا في دول الخليج، مؤكدة أن التوجه العالمي اليوم يركز على الوقاية، لا العلاج فقط.
وقالت إن البعض يستهين بارتفاع الضغط نظرًا لسهولة علاجه، غير أن تجاهل العلاج أو عدم الالتزام به قد يقود إلى مضاعفات جسيمة، مثل نزيف الدماغ أو الجلطات القلبية والدماغية، والتي قد تُفضي إلى الإعاقة الكلية أو الإقامة الدائمة في المستشفيات أو حتى الوفاة.

نظام حياة صحي

وأشارت العصيل إلى أن هناك عوامل خطورة عديدة تُسهم في الإصابة، أبرزها التقدّم في العمر، والعوامل الوراثية، وزيادة الوزن والسمنة، وغياب النشاط البدني، والنظام الغذائي الغني بالملح، إضافة إلى التدخين التقليدي والإلكتروني، والذي لاحظ الأطباء مؤخرًا أضراره الجسيمة، خاصة بين فئة الشباب.
كما أن هناك أمراضًا مزمنة ترفع احتمالية الإصابة، مثل السكري، وأمراض الكلى، وانقطاع النفس النومي.
وأوضحت أن التقنية أسهمت في تحسين المتابعة، من خلال تطبيقات ذكية تعمل كمذكرات يومية لتسجيل ضغط الدم الانقباضي والانبساطي، ومعدل ضربات القلب، ومؤشر كتلة الجسم، والوزن، حيث تحتسب هذه التطبيقات المؤشرات الصحية تلقائيًا، وتُعد أداة فعالة لمساعدة المريض في تنظيم علاجه وتقييم حالته الصحية باستمرار.
كما نوّهت إلى أن التطورات الصيدلانية أسهمت في ابتكار أدوية مركّبة تجمع أكثر من مادة فعالة في قرص واحد، ما يُقلل من عدد الجرعات اليومية، ويزيد من التزام المرضى ويُحسّن نتائجهم الصحية.
واختتمت حديثها بالتأكيد على أن الحفاظ على ضغط الدم في مستوياته الطبيعية يتطلب اتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة الرياضة بانتظام، وتجنّب الضغوط النفسية، داعية إلى تكثيف البرامج التوعوية والتثقيفية التي تستهدف كافة شرائح المجتمع، وتشجع على الفحص الدوري كوسيلة وقائية أساسية.