نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
محادثات تركيا بشأن أوكرانيا... "البيضة أولاً أم الدجاجة"؟ - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 14 مايو 2025 08:34 صباحاً
بالنسبة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد يكون النبأ أقرب إلى الخيال، خصوصاً عند النظر إلى توقيته. عرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مقابلة نظيره الروسي فلاديمير بوتين في تركيا يوم الخميس المقبل. يُفترض أن يعبّر ذلك عن نيةٍ ما للدفع قدماً بمحادثات السلام. أتى العرض بعد ساعات على إعلان ترامب نجاحه في تهدئة الوضع بين الهند وباكستان.
قال ترامب قبيل توجهه إلى الشرق الأوسط: "كنتُ أفكّر في السفر فعليّاً إلى هناك (تركيا). ثمّة احتمال لذلك". وأضاف: "أعتقد أنّكم ستحصلون على نتيجة جيّدة من لقاء الخميس في تركيا بين روسيا وأوكرانيا، وأعتقد أنّ الرئيسين سيكونان هناك".
فعليّاً، سيحتاج ترامب إلى إدارة جيّدة لتوقّعاته في الملفّ الأوكرانيّ.
إنذار... و"عرض كوميدي"
بدأ الأمر مع إنذار أوروبّيّ لروسيا يوم السبت يدعوها إلى وقف شامل لإطلاق النار بحلول منتصف ليل الاثنين-الثلاثاء، تحت طائلة مواجهة مزيد من العقوبات. وقفُ إطلاق النار أولاً هو شرط الأوروبّيّين للتفاوض. رفض بوتين الإنذار واقترح التفاوض مباشرة مع أوكرانيا يوم الخميس. في الوقت نفسه، رفض أيضاً وقف إطلاق النار.
قَبِل زيلينسكي بالمقترح على مضض، بعد ضغط غير مباشر من ترامب. كتب الرئيس الأميركي على "تروث سوشل" تعليقاً على ما رأى أنه رغبة من بوتين بالاجتماع في تركيا: "على أوكرانيا القبول بهذا، فوراً".
بالفعل، أعرب زيلينسكي عن استعداده للقاء بوتين "شخصيّاً". غير أنّ بوتين لم يقل إنّه سيكون جزءاً من المحادثات.
علاوة على ذلك، تريد روسيا استئناف المفاوضات انطلاقاً من النقطة التي توقفت عندها سنة 2022 في إسطنبول، أي مع إلزام كييف بعدم الانضمام إلى الناتو، لكن الأهم، مع إلزامها بعدم التسلح. كان واضحاً أن أساس روسيا لاستئناف المحادثات مطروح لعرقلتها، تماماً كما كان واضحاً أن عرض زيلينسكي التحدث مباشرة إلى بوتين يهدف إلى الأمر عينه.
"سأنتظر بوتين في تركيا يوم الخميس"، قال زيلينسكي.
"هذا مجرد عرض كوميدي بحت"، رد نائب رئيس مجلس الاتحاد الروسي قسطنطين كوساشيوف. "الاجتماعات الرفيعة المستوى لا تُنظم بهذه الطريقة"، كما أوضح.

مدرعة تحمل جنوداً أوكرانيين، 2022 (أ ب)
إذاً، باستثناء أي مفاجأة، من المحتمل جداً ألا يتقابل الرئيسان الأوكرانيّ والروسيّ يوم غد. حتى بعد ظهر الثلاثاء، كان زيلينسكي متوجهاً إلى تركيا. قال الرئيس الأوكراني إنه سيتوجه إلى أنقرة للقاء نظيره التركي رجب طيب أردوغان. وإذا أحب بوتين التوجه إلى إسطنبول، فسيذهب زيلينسكي برفقة أردوغان كي يلاقياه هناك.
بينما لم يصدر موقف واضح عن الكرملين بشأن بوتين. رداً على سؤال عن الموضوع، قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف: "يواصل الطرف الروسي الاستعداد للمحادثات المقررة يوم الخميس. هذا كل ما أستطيع قوله لغاية اللحظة. نحن لا ننوي التعليق أكثر في هذا الوقت".
وصعّد كبير موظفي زيلينسكي أندري يرماك الموقف أكثر: عدم مجيء بوتين إلى تركيا سيكون "الإشارة الأخيرة" إلى نواياه تجاه السلام.
"البيضة أولاً أم الدجاجة؟"
يريد بوتين مواصلة الحرب. هو يعتقد أنّ لديه المبادرة وأنّه قادر على احتلال المزيد من الأراضي. الكلفة ليست عقبة كبيرة. فهو لم يسيطر بالكامل على منطقة دونباس الأساسيّة بالنسبة إليه. كذلك، إذا قبل بوتين بوقف إطلاق نار لمدّة شهر كما تطالب أوروبا فقد يمنح أوكرانيا مساحة لالتقاط الأنفاس. وخرج بوتين من احتفالات ناجحة نسبياً لـ "يوم النصر". لم تقاطع تلك الاحتفالات مسيّراتٌ أوكرانيّة. والحضور الرسميّ بقيادة الرئيس الصينيّ شي جينبينغ كان معبّراً. لا شيء يدفعه إلى الاستعجال في تلبية مطالب أوكرانيا، ناهيكم عن أوروبا.
لكن في الوقت نفسه، لا يريد بوتين إغضاب الرئيس الأميركيّ. النتيجة هي مواصلة الحرب وإلقاء اللوم على أوكرانيا. على أي حال، تنخرط أوكرانيا في اللعبة نفسها؛ مع فارق بسيط.
هي تعتقد أن حجم تصنيعها للطائرات بلا طيار كفيل بإبطاء أي تقدم روسي، مع أمل بأن تتراجع مخزونات روسيا من الأسلحة عما قريب. في الوقت نفسه، هي ترغب أيضاً بعدم إغضاب ترامب. الفرق الوحيد هو أنّها تريد تهدئة الرئيس الأميركيّ أكثر مما تريده روسيا. فترامب، ولسبب من الأسباب، أسرعُ غضباً من أوكرانيا، مما هو عليه حيال روسيا.
نادراً ما هدد موسكو بالعقوبات، فيما فرضها سريعاً على كييف بعد الاجتماع الفوضوي الشهير في البيت الأبيض. صحيحٌ أنه تراجع عنها لاحقاً، لكن بعدما فعلت فعلها في كورسك. ومنح ترامب أوكرانيا حزمة أسلحة دفاعيّة بقيمة 50 مليون دولار بعد لقاء الفاتيكان، وهي حزمة لن تغيّر موازين القوى بطبيعة الحال، والأهمّ أنّها لن تزعج روسيا كثيراً.
إذاً، وقفٌ لإطلاق النار ثم تفاوض، أم تفاوض ثمّ وقفٌ لإطلاق النار؟
"بشكل مفضّل... لا هذه ولا تلك"، يقول الطرفان ضمناً.
0 تعليق