نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سابقة ديبلوماسية وقاعدة لترسيم نهائي وضبط المعابر... كيف يُقرأ تسليم الخرائط الفرنسية للحدود مع سوريا؟ - تكنو بلس, اليوم الأحد 11 مايو 2025 01:18 مساءً
في سابقة تأسيسية، تسلم وزير الخارجية يوسف رجي من سفير فرنسا هيرفيه ماغرو نسخة من الوثائق وخرائط الأرشيف الفرنسي الخاصة بالحدود اللبنانية – السورية. فكيف تقرأ الخطوة دوليا وسياسيا؟

فرنسا تسلم لبنان خرائط الأرشيف الفرنسي للحدود السورية - اللبنانية
يبادر رئيس دائرة الدراسات السياسية والدولية في الجامعة اللبنانية - الأميركية الدكتور عماد سلامة بالقول: "تسليم الخرائط الفرنسية التي تحدد حدود لبنان مع الجانب السوري يحمل دلالات سياسية وجغرافية بالغة الأهمية، تعكس تحوّلاً نوعياً في مسار العلاقات اللبنانية-السورية، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون في ضبط الحدود".
ولماذا لم تسلّم من قبل؟
ببساطة، لأنه لم يكن ثمة دولة سورية تعترف بدولة لبنان، من الندّ إلى الندّ. ولم يكن ثمة دولة لبنانية "مكتملة السيادة" تقارب الملفات الشائكة المجمدة.
يعتبر سلامة أن "ما حصل كان رسالة دعم سيادي فرنسي، إذ تأتي الخطوة في أعقاب الزيارتين المتبادلتين لفرنسا بين الرئيسين اللبناني والسوري، ما يعكس حرص فرنسا الدولة التي أدّت، تاريخياً، دوراً في نشأة الكيانين اللبناني والسوري، على إعادة تأكيد سيادة كل من البلدين ضمن حدود معترف بها".
من هنا، أكثر من دلالة سياسية - سيادية لهذه الخطوة، تحمل رسالة سياسية بامتياز من فرنسا في اتجاه لبنان.
يعلّق سلامة: "تسليم الخرائط ليس مجرد إجراء تقني، بل موقف سياسي فرنسي داعم لاستقرار سيادة الدولتين وضبط حدودهما بما يتماشى مع القوانين الدولية".
ترسيم نهائي
أما تقنيا، فللخطوة أبعادها المهمة.
يأتي تسليم الخرائط بناء على طلب رسمي لبناني والوعد الذي قطعه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للرئيس اللبناني جوزف عون بتزويد لبنان هذه الوثائق. يلفت سلامة إلى أن الخطوة "تأكيد سوري غير مسبوق لحدود لبنان، للمرة الأولى، ويشير هذا التطوّر إلى قبول ضمني ورسمي من الجانب السوري بالحدود اللبنانية كما ترسمها وثائق موثّقة، في سابقة ديبلوماسية قد تشكّل قاعدة لترسيم نهائي وشامل للحدود بين البلدين. هذا الاعتراف الضمني يعزز شرعية الدولة اللبنانية ويقلّل من إمكانات الالتباس أو التداخل الحدودي الذي لطالما استُخدم ذريعة لتدخلات أو انتهاكات".

مشاهد خاصة لـ
ويتدارك أن "أهمية الترسيم المشترك لضبط الحدود تبرز ضرورة التعاون بين الدولتين لترسيم الحدود نهائيا، لما لذلك من أهمية قصوى في ضبط المعابر ومنع استخدامها لمصالح سياسية أو عسكرية من جانب أي طرف خارجي. فوجود خرائط واضحة ومتّفق عليها يمهّد لتفعيل التعاون الأمني والإداري، ويحدّ من التفلت الذي طالما شكّل تهديداً لأمن البلدين واستقرارهما الداخلي. وبالتالي، تُعتبر الخطوة منطلقاً نحو ترسيم الحدود نهائيا، بما يكرّس السيادة ويؤسس لشراكة أمنية حقيقية بين لبنان وسوريا قائمة على احترام الحدود والمصالح المتبادلة".
هكذا، لا يمكن وضع ما جرى بمعزل عن حلقات أخرى متشابكة ولا تقل أهمية، وكأن ما حصل مقدمة لخطوات أخرى، توضع على السكة اليبلوماسية الدولية للمرة الاولى.
وفق سلامة، "لا يمكن القول إن تسليم الخرائط الفرنسية سيحسم فوراً كل الخلافات على النقاط الحدودية، لكنه يمثل خطوة تأسيسية بالغة الأهمية نحو هذا الهدف، من شأنها أن تشكّل مرجعية أساسية لأي تفاهمات مستقبلية حول ترسيم الحدود نهائيا، إذ تستند إلى وثائق رسمية أرشيفية تعود إلى الحقبة الانتدابية حين رُسمت الحدود للمرة الأولى بين الدولتين. اعتماد هذه الخرائط وثيقة مرجعية يُضفي طابعاً تقنياً وموضوعياً على مسار الترسيم، ويُخرج النقاش من منطق النزاع إلى إطار التفاوض المؤسساتي".
ويتوقف عند "أهمية وجود فرنسا كجهة راعية ووسيطة في الملف، مما يُضفي بعداً ديبلوماسياً حيادياً يساهم في تيسير التفاهمات على النقاط الخلافية المتبقية، في ظل تعقيدات جغرافية وسياسية كانت تعرقل سابقاً حسم الملف. إن الوساطة الفرنسية، المدعومة بشرعية أرشيفية وتاريخية، يمكن أن توفّر أرضية ملائمة لحوار بنّاء بين الجانبين، وخصوصاً إذا تم الربط بين الترسيم وأولويات الأمن والاستقرار الإقليمي".
0 تعليق