مستقبل التزييف العميق للمحتوى الرقمى.. فى رسالة دكتواره بجامعة سوهاج
منحت جامعة سوهاج، درجة الدكتوراه، مع مرتبة الشرف الأولى، للباحث عبد السلام مبارك المدرس المساعد بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة سوهاج، عن رسالته التي حملت عنوان: "رؤية النخبة لمستقبل التزييف العميق للمحتوى الرقمى وانعكاسه على مصداقية مواقع التواصل الاجتماعي".
وتشكلت لجنة المناقشة برئاسة كل من الدكتور فوزى عبد الغني، أستاذ الصحافة بقسم الإعلام كلية الأداب جامعة سوهاج، والدكتور صابر عسران، أستاذ الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة "مناقشا"، والدكتورة أميمة محمد عمران، أستاذ الصحافة بقسم الإعلام كلية الأداب جامعة أسيوط "مشرفا"، والدكتور صابر حارص محمد، أستاذ الصحافة بقسم الإعلام كلية الأداب جامعة سوهاج.
وتعد هذه الرسالة هى أول رسالة دكتوراه تدرس ظاهرة التزييف العميق وتداعياته على المجتمع والأفراد والإعلام فى مصر والوطن العربي، حيث قدمت الرسالة خطة استراتيجية لمواجهة تحديات الوباء المعلوماتى والتزييف العميق وتعزيز البيئة المعلوماتية فى مصر كرؤية مستقبلية.
وشملت الخطة 4 محاور رئيسية، أولها تعزيز قدرة المؤسسات الصحفية والإعلامية على التحقق ومواجهة المحتوى الزائف والمضلل، والثانى دور الجامعات والمؤسسات التعليمية فى بناء القدرات النقدية ونشر الوعى بتقنيات التزييف العميق والمحتوى الزائف وطرق التحقق منه، والثالث تطوير وتكييف الإطار التشريعى والقانونى لردع الاستخدامات الضارة للتزييف العميق، وتحجيم انتشار المحتوى الزائف على منصات التواصل الاجتماعي، والرابع تفعيل دور المجتمع المدنى والمبادرات المجتمعية فى بناء مناعة مجتمعية ضد المحتوى المزيف والمضلل.
أظهرت نتائج الدراسة أن تقنيات التزييف العميق قد بلغت مستوى متقدمًا من التطور والاحترافية بفضل الذكاء الاصطناعي، مما يجعل التمييز بين المحتوى الحقيقى والمزيف صعبًا للغاية حتى على المتخصصين، ووصل مستوى التطور والتقدم فى تقنيات التزييف العميق إلى إمكانية التزييف فى البث المباشر، ومع سهولة الوصول لأدوات انتاج تقنيات التزييف العميق، وفيما يتعلق بالمستقبل، يرجح أغلب الخبراء السيناريو "الثابت" الذى يفترض هذا السيناريو استمرار "سباق التسلح" التقنى بين أدوات الإنتاج والكشف دون حسم نهائي، والتعايش المستمر مع التحدى ضمن حدود يمكن إدارتها نسبيًا، مع تطور تدريجى فى الوعى وأدوات الكشف والتشريعات ولكن بوتيرة قد لا تواكب سرعة التطور التقني، واستمرار التحديات المتعلقة بالثقة وصعوبة التمييز، يليه السيناريو التفاؤلى الذى يفترض نجاح جهود المواجهة (تقنيًا وتشريعيًا ومجتمعيًا) فى السيطرة على المخاطر وتعزيز الثقة بشكل كبير، وأخيرًا السيناريو التشاؤمى الذى يفترض تفوق تقنيات الإنتاج وفقدان الثقة وتفاقم الفوضى المعلوماتية.
كشفت الدراسة عن تداعيات خطيرة للتزييف العميق على مصداقية المحتوى الرقمى والإعلام بشكل عام، يؤدى انتشار هذه التقنيات إلى تفاقم ظاهرة الشائعات والمعلومات المضللة، وانخفاض حاد فى ثقة المستخدمين بالمحتوى الرقمى ومصادره الإخبارية، وزيادة التشكيك العام فى صحة المعلومات، هذا التآكل فى الثقة يطال المؤسسات الإعلامية نفسها، ويفرض عليها عبء تدقيق وتحرٍ أكبر، كما أن واقعية المحتوى المزيف تعيق عمليات التحقق وتزيد من تأثير المعلومات المضللة.
أبرزت الدراسة حجم التحديات الكبيرة التى يفرضها التزييف العميق، والتى تشمل فقدان الثقة الممنهج فى كل ما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وصعوبة التمييز بين الحقيقة والزيف، واستهداف الشخصيات والمؤسسات بحملات تشويه، وإمكانية استخدامه لنشر التطرف والعنف ونظريات المؤامرة بما يهدد استقرار المجتمعات، بالإضافة إلى التحديات المهنية والأخلاقية للصحفيين، ويعود انتشار هذه التقنيات لعوامل متعددة أهمها سهولة استخدام أدوات الإنشاء وانخفاض تكلفتها، ودور خوارزميات منصات التواصل الاجتماعى التى تساعد فى انتشار المحتوى الزائف، ونقص الوعى لدى المستخدمين، وغياب التشريعات الرادعة، واستغلالها لأغراض سياسية واقتصادية.
يرى الخبراء أن أبرز استخدامات التزييف العميق الحالية تتمثل فى التشهير ونشر الدعاية المتطرفة وحروب المعلومات، إلا أن هناك إمكانات إيجابية لاستخدامه تتمثل فى إمكانية استخدامها فى "رواية القصص الإخبارية وإعادة تمثيل الأحداث"، و"استرجاع الأصوات القديمة لشخصيات راحلة مثل ام كلثوم، فؤاد المهندس، أبله فضيلة وغيرها من الأصوات القديمة، وتحسين الإنتاج الإعلامي، وتسهيل الوصول للمعلومات، وفيما يخص التحقق، بينت الدراسة أن ثقة الخبراء فى كفاءة أدوات الكشف الحالية متوسطة، وأن القائم بالاتصال يعتمد حاليًا على مزيج من الخبرة البشرية والتحليل النقدى والأدوات التقنية المتخصصة (كتحليل الفيديو والصور والبحث العكسى والبيانات الوصفية) مع ضرورة التعاون والتدريب المستمر للصحفيين.
ورصدت الدراسة مجموعة من الاستراتيجيات لمواجهة التزييف العميق، موجهة للمؤسسات الإعلامية مثل (تدريب الصحفيين، وإنشاء وحدات للتحقق فى كل الصحف والمؤسسات الإعلامية، وتبنى سياسات صارمة، الاستثمار فى التقنية، الشراكات، المطالبة باستراتيجية وطنية وتشريعات) وتمثلت أهم استراتيجيات منصات التواصل الاجتماعى فى (تطوير خوارزميات الكشف عن المحتوى المزيف، دمج أدوات التحقق بداخل منصات التواصل الاجتماعي، التعاون مع مؤسسات دولية، إتاحة الإبلاغ عن المحتوى الزائف، فرض عقوبات رادعة على الاستخدامات السلبية، حملات توعية للجمهور والمستخدمين)، كما أشارت الدراسة إلى أن التزييف العميق سيفرض على الصحفيين والإعلاميين مستقبلاً ضرورة اكتساب مهارات تقنية جديدة، وقد يؤدى لظهور تخصصات جديدة، مع زيادة صعوبة التحقق والضغوط النفسية، مقابل بعض الفرص الإيجابية المحتملة مثل إنشاء هويات رقمية بديلة لهم.

الباحث عبد السلام مبارك

الباحث وأسرته


جانب من مناقشة رسالة الدكتوراة

الباحث مع لجنة المناقشة
0 تعليق