معابر مغلقة ومساعدات مشروطة... لعبة إسرائيل الانتهازية في غزة - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
معابر مغلقة ومساعدات مشروطة... لعبة إسرائيل الانتهازية في غزة - تكنو بلس, اليوم الجمعة 6 يونيو 2025 06:25 صباحاً

في ظل كارثة إنسانية غير مسبوقة يعيشها أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، بينهم نحو مليون طفل، باتت المساعدات الإنسانية شريان حياة تتحكم به إسرائيل، ويخضع لمنظومة معقدة من الحسابات السياسية والعسكرية. 

ووفقاً للتقديرات الأممية في أيلول / سبتمبر الماضي، فإنّ 96 بالمئة من سكان غزة يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، فيما انهارت المنظومة الصحية بشكل شبه كامل، وتوقفت خدمات المياه والصرف الصحي في معظم المناطق.
 
وسط هذه المأساة الإنسانية الهائلة، شهد القطاع اعتماد آليتين متوازيتين لإدخال المساعدات الإنسانية؛ الأولى تقودها الأمم المتحدة وشركاؤها، وتستند إلى خطة دولية متكاملة ترتكز على مبادئ الإنسانية والحياد والاستقلال، وتقوم على خمس مراحل تشمل التحقق، والنقل، والتخزين، والتوزيع عبر آليات مراقبة صارمة.
 
أما الآلية الأخرى، فهي "مؤسسة غزة الإنسانية" (GHF) التي أطلقتها إسرائيل أخيراً بدعم أميركي بديلاً من الإطار الأممي، وتديرها شركات أمنية خاصة بإشراف الجيش الإسرائيلي. وقد واجهت هذه الآلية انتقادات شديدة من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، التي اعتبرتها خروجاً عن المبادئ الإنسانية وعسكرة للمساعدات، مما أدى إلى استقالات داخل المؤسسة، ورفض التعاون معها من منظمات دولية كبرى.

ورغم هذه الظروف، لم تتجاوز المساعدات التي دخلت القطاع بين 19 أيار/مايو و4 حزيران/يونيو نحو 1000 شاحنة، أي أقل بكثير من الحد الأدنى المطلوب، والذي يقدر بـ600 شاحنة يومياً وفق بيانات الأمم المتحدة. 

وتركزت حركة الشاحنات عبر معبر كرم أبو سالم الذي شهد توقفات متكررة واعتداءات على القوافل من جانب المستوطنين الإسرائيليين، بينما فشل الميناء العائم الأميركي في أن يصبح مساراً فعالاً بفعل المعوقات اللوجستية والطقس، وتواصلت الإنزالات الجوية بشكل محدود من بعض البلدان. 

توظيف سياسي
في هذا السياق، قال الباحث في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، محمد فوزي لـ"النهار": "بداية، بعيداً من الجوانب الفنية أو اللوجستية المتعلقة بكيفية دخول المساعدات، أعتقد أن الأهم في الوقت الراهن هو فهم البعد السياسي لإدارة هذا الملف".

وأضاف: "ما يجري الآن في تقديري، هو أن إسرائيل توظف الملف الإنساني ورقة ضغط على الشعب الفلسطيني، تحديداً في مسألة التهجير. وهنا التهجير ليس فقط بمعناه الظاهري المتعلق بإفراغ قطاع غزة، بل هناك بعد أكثر خطورة في رأيي، يتمثل في تهجير سكان شمال القطاع تحديداً، بهدف إنشاء منطقة عازلة".

واعتبر أن "الوضع الإنساني في شمال القطاع أكثر كارثية مقارنة بالوسط والجنوب، وهذا ليس مصادفة. إسرائيل تستهدف تفريغ هذه المناطق كجزء من خطة استراتيجية لليوم التالي: إقامة بنية تحتية قد تكون أمنية أو حتى استيطانية، على غرار ما سُمّيت "المناطق الآمنة" في سوريا".

وعن دور المساعدات في المعادلة السياسية، قال فوزي: "هل يعني ذلك أن المساعدات الإنسانية باتت أداة تفاوضية بحتة؟ بالفعل. إسرائيل تستخدم الملف الإنساني أداة لتعزيز موقفها التفاوضي. لقد انتقلوا من ربط  استعادة المحتجزين بوقف النار، إلى ربط مسألة المحتجزين بإدخال المساعدات الإنسانية. وهذه نقلة خطيرة في مسار التفاوض، لأنها تحول المساعدات من كونها استحقاقاً إنسانياً إلى مكسب تفاوضي".

وتابع: "هذا التوجه يسمح لإسرائيل بتحقيق صفقات جزئية من دون تقديم ضمانات حقيقية لوقف نار مستدام. والهدف من ذلك هو الحفاظ على زمام المبادرة، وفرض شروطها تدريجاً في أي اتفاق مرتقب".

اليوم التالي
في ما خص الآلية الأميركية الجديدة المسماة "مؤسسة غزة الإنسانية"، قال الباحث السياسي المصري: "هذه الآلية فشلت فعلياً على كل المستويات. ليس بسبب مشكلات فنية تتعلق بكيفية إدارتها فحسب، ولكن أيضاً لأنها جاءت ضمن تصور استراتيجي يتماشى مع الرؤية الإسرائيلية. فهناك شواهد على ارتباطها بخطط تهجير سواء عبر البر أو حتى البحر".

وأوضح أن "الهدف النهائي، كما طرحته دراسات لمعاهد إسرائيلية مثل معهد دراسات الأمن القومي، يتمثل في تصفية الأونروا واستبدالها بهيئات أميركية أو إسرائيلية، على أن تكون إسرائيل هي المتحكمة الفعلية بالمساعدات الإنسانية، من خلال سيطرتها على معبر رفح والمعابر الأخرى، وكذلك الساحل".

وأكد فوزي في ختام حديثه أن "إسرائيل تريد فرض أمر واقع. تريد أن تبقى موجودة عسكرياً في بعض مناطق القطاع، ولاسيما منها الشمال، وأن تتحكم بالمعابر، وأن تكون المرجع الوحيد في ملف المساعدات الإنسانية. كل ذلك يدخل في إطار ترتيبات ما يعرف بـ"اليوم التالي"، بمعنى أن يتم التعامل مع إسرائيل كسلطة أمر واقع في غزة".
 
"إسرائيل لم تعد تضع قضية المحتجزين على رأس أولوياتها، بل تحاول استثمار التفوق العسكري النسبي والدعم الأميركي المتواصل – رغم التململ الحقوقي في واشنطن – لفرض ترتيبات طويلة الأمد تعزز من قبضتها على القطاع".

وختم قائلاً: "المساعدات الإنسانية إلى غزة لم تعد مسألة محايدة. بل باتت أداة ضغط سياسي، وساحة صراع تفاوضي، وذريعة لتكريس مشروع استراتيجي أكبر تسعى إسرائيل الى فرضه على الأرض في اليوم التالي للحرب".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق