إسرائيل "الشيطان الحارس" للدروز في سوريا تمهيداً لتكريس التقسيم - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
إسرائيل "الشيطان الحارس" للدروز في سوريا تمهيداً لتكريس التقسيم - تكنو بلس, اليوم الأربعاء 7 مايو 2025 02:37 صباحاً

تشهد المنطقة الحدودية بين سوريا وإسرائيل تحولاً استراتيجياً بالغ الأهمية، حيث تزايدت وتيرة التحركات الإسرائيلية في جنوب سوريا بشكل ملحوظ. وهي لم تعد مجرد ضربات جوية متفرقة، بل باتت تشكل نمطاً منهجياً يعكس رؤية إسرائيلية لتأسيس واقع جديد على الأرض، وتهدف في الظاهر الى "الدفاع" عن الدروز وتظهر اسرائيل وكأنها "الملاك الحارس" بينما هي في الواقع "الشيطان الحارس" لمخطط بات واضح العالم وينتظر فقط إعلانه بشكل رسمي.

منذ بداية الأزمة السورية عام 2011، اتبعت إسرائيل نهجاً رئيسياً في سوريا يقوم على استهداف مناطق معيّنة من دون مواجهة أي اعتراض او مقاومة ان من سوريا او روسيا او ايران. في البداية، كانت الغارات تحت ذريعة استهداف شحنات الأسلحة المتجهة إلى حزب الله في لبنان، ثم توسعت لتشمل المواقع الإيرانية في سوريا. مع مرور الوقت، تحولت هذه العمليات من ضربات متفرقة إلى ما يمكن وصفه بضربات محددة مستمرة، لمنع تثبيت الوجود الإيراني، وإبعاد تهديدات حزب الله عن الحدود الإسرائيلية.

ولكن، بعد سقوط نظام الأسد، والتطورات الدراماتيكية التي شهدتها المنطقة ككل، تحولت الاستراتيجية الإسرائيلية، ولم يعد هناك من حاجة للحياء، وتعاملت قواتها مع الجنوب السوري وكأنه أراض خاصة بهاـ تسرح وتمرح فيها كيفما تشاء، حتى انها اخيراً باتت المدافع الشرس عن الدروز هناك!.

لا شك انها عرفت كيفية الاستفادة من ضعف الدولة السورية وانشغالها بالصراعات الداخلية، مما أتاح لها فرصة التمدد في مناطق كانت سابقاً تحت السيطرة السورية الكاملة، وهي تسعى فعلياً الى ترسيخ وجودها من خلال إنشاء منطقة عازلة غير معلنة، تمنع من خلالها تموضع أي قوى معادية قرب حدودها. اللافت ان هذه التحركات حظيت بغطاء من القوى الدولية الفاعلة في المنطقة (ما عدا تركيا التي بدأت تتحرك دبلوماسياً لاستيعاب الوضع)، وخصوصاً روسيا التي تسمح للطائرات الإسرائيلية باستخدام المجال الجوي السوري.

خطورة هذا الامر انه يسهم في ترسيخ واقع التقسيم الفعلي لسوريا. ففي الشمال، هناك مناطق تحت النفوذ التركي، وفي الشرق مناطق تحت سيطرة القوات الكردية المدعومة أميركياً، وفي الجنوب تتزايد السيطرة الإسرائيلية غير المباشرة. هذا الواقع يجعل من الصعب على سوريا استعادة اراضيها في المستقبل المنظور، الأمر الذي يعزّز فرضية التقسيم الفعلي، وإن لم يكن معلناً رسمياً. ولا بد من القول ان هذا الامر سيفرض تعقيداً لمسارات الحل السياسي للأزمة السورية، وترك الأطراف تحت سيطرة قوى غريبة تؤمّن مصالحها.

واضافة الى المشاكل التي يسببها لسوريا، فإن الوجود الإسرائيلي في جنوب هذا البلد، يشكل تحدياً استراتيجياً كبيراً للبنان الذي سيجد نفسه محاصراً من الجنوب والشرق بنفوذ إسرائيلي، كما من شأنه ان يزيد موجات النزوح الى لبنان، مع كل ما يعنيه ذلك من خطر ديموغرافي واجتماعي وامني...

إن ما يحدث في الجنوب السوري كشف عن الاستراتيجية الإسرائيلية الشاملة الهادفة إلى إعادة تشكيل المشهد في المنطقة بما يخدم مصالحها الأمنية. ان التعامل مع المنطقة الجنوبية كامتداد للأراضي الإسرائيلية يمثل مرحلة جديدة في الصراع، ويفتح الباب أمام احتمالات تقسيم سوريا فعلياً. إزاء ذلك، تواجه دول المنطقة، وخصوصاً لبنان، تحديات استراتيجية كبيرة تتطلب استنفاراً دبلوماسياً وأمنياً عالياً، والتنبّه من انه هذه المرة، فإن الخطر السوري على لبنان لا يتمثل باحتلاله، بل بتقسيم سوريا رسمياً.

وفي ظل غياب حل شامل للأزمة السورية، من المرجح أن تستمر إسرائيل في ترسيخ وجودها وتوسيع نفوذها، مما يعمق الانقسامات القائمة ويجعل عملية إعادة توحيد سوريا أكثر تعقيداً، ووجوب تعامل لبنان مع مشكلة جديدة تطرق بابه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق