طائرة F-35: الشبح الذي لا يُرصد… هل يمكن فعلاً إسقاطها؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
طائرة F-35: الشبح الذي لا يُرصد… هل يمكن فعلاً إسقاطها؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 23 يونيو 2025 03:30 مساءً

روايات عن إسقاط مقاتلات F‑35 إسرائيلية بدأت تتداولها وسائل إعلام إيرانية خلال الأيام الماضية، في سياق التصعيد العسكري القائم بين إيران وإسرائيل. الجيش الإسرائيلي لم يؤكد هذه الروايات، كما لم تُقدّم أي أدلة مادية تدعمها حتى الآن. مع ذلك، أعاد هذا الطرح تسليط الضوء على واحدة من أكثر الطائرات تقدمًا في العالم، وأثار تساؤلات حول مدى واقعية استهدافها، في ظل اعتمادها على تقنيات تخفي متطورة وبنية إلكترونية مصممة لتفادي الرصد والاشتباك في البيئات القتالية المعقدة.

 

منذ دخولها الخدمة، حازت طائرة F‑35 على اهتمام واسع لقدراتها القتالية المتقدمة وتقنيات التخفي التي تتميز بها. فهي تجمع بين التصميم الشبحي ونظام دمج البيانات الحسية، ويمكنها أيضاً أن تؤدي دور المقاتلة التقليدية إذا تم تحميل أسلحتها خارج البدن بدلاً من تخزينها داخله، ما يزيد من حمولتها على حساب قدرتها على التخفي. وتمثل الطائرة نقلة نوعية في مجالات الاتصال الشبكي ومعالجة البيانات القتالية.

 

وقد صُمّمت بهيكل فيزيائي يهدف إلى تقليل المقطع الراداري (RCS) إلى أقل من 0.005 م²، ما يجعل اكتشافها شبه مستحيل بواسطة الرادارات العاملة في نطاق X‑band، الأكثر شيوعاً في أنظمة التوجيه النيراني. ووفقاً لموقع Military Embedded Systems، يُقدَّر المقطع الراداري للطائرة بنحو 0.005 م²، مقارنةً بمقاتلات الجيل الرابع التي يتجاوز مقطعها عادةً 1 م²، مما يمنح F‑35 أفضلية واضحة في بيئات القتال الحديثة.

 

 

تعتمد الطائرة على نظام استشعار متعدد المصادر (Sensor Fusion)، يشمل رادار AN/APG-81، ونظام DAS الحراري البانورامي، ووحدة الاستهداف البصريّ EOTS. هذه الأنظمة تُدمج لحظياً في واجهة عرض موحّدة توفّر للطيار صورة تكتيكيّة مكتملة، من دون الحاجة إلى الاعتماد على مراكز قيادة أرضية، بحسب ما توضح المواد التقنية الرسمية المنشورة من شركة "لوكهيد مارتن" (Lockheed Martin) المصنّعة للطائرة.

 

يقول مصطفى الأسد، الباحث في الشؤون العسكرية والمدير السابق للمشاريع الدفاعية الخاصة، في حديث لـ"النهار"، إن طائرة F-35 "تعتمد على معمارية برمجية فائقة السرعة تُقدّر المخاطر، وتردّ خلال أجزاء من الثانية على أيّ استهداف، وقبل أن يعرف العدو أنه دخل مجالها، في أغلب الأحيان".

 

 

ما مدى إمكانية إسقاطها؟
رصدُ الطائرة لا يكفي. يجب أولاً اكتشافها، ثم تتبعها، ثم الاشتباك معها ضمن نافذة زمنية ضيّقة للغاية. هذه الشروط الثلاثة لا يمكن تحقيقها إلا بأنظمة رادارية عالية الحساسية، وبروتوكولات اعتراض متقدّمة.

 

بحسب تحليل صادر عن مؤسسة RAND الأميركية المتخصصة في السياسات الدفاعية، فإن الطائرة صُمّمت لتفادي هذا التسلسل بالكامل عبر تقنيات الإخفاء والاتصال غير النشط، وفقاً لتحليلات RAND حول كسر "kill chain" من خلال قدرات التخفي والعمليات الشبكية.

 

في المقابلة ذاتها، أكد الأسد أن امتلاك إيران لهذه القدرة "غير ممكن، والأمر غير متوفر حتى لدى روسيا". وأضاف أن "كل ما قامت به روسيا أو الصين حتى الآن لا يتجاوز التجريب، وقد لا يصل إلى تشغيل ميداني فعلي، بينما أنظمة إيران المحلية لا تزال قائمة على تقنيات قديمة تم تعديلها من دون بنية إلكترونية كافية".

 

ماذا عن قدرات إيران الإلكترونية؟
يتردد أحياناً أن إيران تملك أنظمة تشويش إلكترونية، يمكن أن تؤثر على اتصالات أو ملاحة الطائرات الشبحية، غير أن هذا الرأي لا يصمد أمام البنية التكنولوجية للطائرة F-35.

 

الأسد يوضح:
"لا يمكن التشويش على مقاتلات تحلّق على ارتفاعات عالية، وتعمل بأنظمة مشفّرة على مستويات متعددة. قد تتمكن بعض الأنظمة البدائية من تعمية موقتة على نطاقات ضيقة، لكن الطائرة تُجري تصحيحًا ذاتيًا في الوقت الحقيقي. والواقع أن الولايات المتحدة، وليس إيران، هي من تملك القدرة على التشويش الكامل على البنية الإلكترونية لمنظومات الدفاع الإيرانية".

 

 

ووفقاً لما نشره موقع RadioReference، فإن أنظمة الاتصال في الـ F-35 تعتمد على بروتوكولات مقاومة للتشويش، تشمل استخدام ترددات متعددة القفز (frequency hopping)، ووصلة البيانات المتعددة الاتجاهات (MIDS)، وشبكات تعتمد تقنية TDMA، وهي أنظمة تضمن تشفيراً على طبقات متعددة يصعب تعطيلها عبر تشويش تقليدي.

 

 

هل هناك سابقة تسند الادعاء؟
الحالة الوحيدة الموثقة لإسقاط طائرة شبح كانت عام 1999 حين أسقط الصرب طائرة F-117 أميركية. لكنها لم تكن نتيجة قدرة رصد فعّالة.

 

يقول أسعد إن "إسقاط الـ F-117 كان استثناء، اعتمد على ذكاء تكتيكيّ من مشغّل الدفاع الصربيّ. لم يكن لديهم صورة رادارية، بل اعتمدوا على نمط مرور متكرر، وأطلقوا صواريخهم في منطقة خالية، معتمدين على التخمين. لم يكن الأمر ناتجًا عن تكنولوجيا متقدّمة، ولا يمكن تطبيقه على الـ F-35 ذات البنية الشبكية المعقّدة".

 

 

وقد أكد تقرير نشره موقع The National Interest أن حادثة الـ F-117 الصربية لا تصلح كدليل عمليّ على إمكانية مواجهة المقاتلات الشبحية الحديثة، بل تعكس ظروفاً فريدة لا تتكرّر في بيئات القتال الحالية.

 

ما علاقة الذكاء الاصطناعي بهذه المنظومة؟
رغم ربط الـ F-35 بالتقنيات المستقبلية، فإنها لا تستخدم ذكاءً اصطناعياً مستقلّاً بالمعنى المعروف. ما تعتمد عليه هو Avionics متقدّم، يقدّر التهديدات، ويقوم بردود تلقائية مثل إطلاق الشعلات الحرارية أو تغيير المسار.

 

بحسب تقرير من Politico، وتغطية من Air & Space Forces Magazine وDefenseScoop، فإن وزارة الدفاع الأميركية أجرت تجارب باستخدام الذكاء الاصطناعي في طائرات F-16 المعدّلة (X-62A)، لكنها لا تطبّق فعلياً في طائرات مأهولة مثل الـ F-35 حتى الآن.

 

الخلاصة التقنية
المعطيات العلمية المتوافرة لا تدعم فرضية إسقاط طائرة F-35 في داخل إيران، بغياب أيّ دليل ماديّ، أو قدرات تقنية مثبتة. البنية الهندسية للطائرة، ومعمارية عملها القتالي، تمنع معظم أنظمة الدفاع المعروفة من تتبعها، فضلًا عن الاشتباك معها بدقّة.

 

وإذا كانت الرواية الإيرانية صحيحة، فلا بدّ من تفسيرها بحدوث خلل تشغيلي أو عطل داخلي، وليس عبر فرضية تفوق تكنولوجي. حتى ذلك الحين، تظل الـ F-35 تحلّق في فضاء مختلف، بعيداً عن متناول ما هو متاح في أنظمة الرصد والتشويش الإيرانية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق