أكدت جيلسومينا فيجليوتي، نائب رئيس بنك الاستثمار الأوروبي، أن مصر تعد شريكا استراتيجيا بالغ الأهمية للاتحاد الأوروبي في منطقة جنوب المتوسط. 

وفي حوار خاص مع موقع “مستقبل وطن نيوز” قالت إن مصر أكبر دولة نستثمر فيها خارج حدود أوروبا، وتمثل أكبر اقتصاد في المنطقة، كما أنها دولة ذات ثقل إقليمي وسياسي وجغرافي.

ويشهد التعاون بين مصر وبنك الاستثمار الأوروبي، الذراع التمويلية للاتحاد الأوروبي، تطورا لافتا في السنوات الأخيرة، حيث يعد البنك شريكا رئيسيا في جهود دعم التنمية المستدامة وتعزيز بيئة الاستثمار في مصر.

ويأتي هذا التعاون في إطار شراكة طويلة الأمد تمتد لعقود، أسفرت عن تمويلات تجاوزت 15 مليار يورو منذ عام 1979، شملت قطاعات حيوية مثل الطاقة والمياه والصرف الصحي والنقل والزراعة، بالإضافة إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وفي ضوء التحديات الاقتصادية والبيئية الإقليمية والدولية، يعمل بنك الاستثمار الأوروبي بالتنسيق مع الحكومة المصرية والقطاع الخاص على تنفيذ مشروعات نوعية تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي، وتسريع التحول الأخضر، ودعم الابتكار وريادة الأعمال، إلى جانب تقوية البنية التحتية المستدامة.

ومن خلال الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الاتحاد الأوروبي ومصر، يعزز البنك دوره في تمكين المؤسسات المالية من تمويل المشروعات ذات المخاطر العالية، خاصة في القطاع الخاص، مما يفتح آفاقا  جديدة للنمو الاقتصادي المستدام، ويعكس التزام الاتحاد الأوروبي بدعم مصر كشريك استراتيجي في المنطقة.

وضمن فعاليات إطلاق آلية ضمان الاستثمار من أجل التنمية بين الاتحاد الأوروبي ومصر، أجرىموقع "مستقبل وطن نيوز" هذا الحوار مع "جيلسومينا فيجليوتي" نائبة رئيس بنك الاستثمار الأوروبي، والتي تحدثت بالتفصيل عن أهمية هذه الخطوة، ومجالات التعاون المستقبلية، والدور الاستراتيجي لمصر في مبادرة البوابة العالمية للاتحاد الأوروبي.

بداية.. ما أهمية إطلاق آلية ضمان الاستثمار بين الاتحاد الأوروبي ومصر؟

- هذه خطوة مهمة للغاية، نحن نتحدث عن ضمانات تصل إلى 1.8 مليار يورو مقدمة من المفوضية الأوروبية لدعم القطاع الخاص في مصر.. هذه الضمانات تتيح للمؤسسات المالية مثل بنك الاستثمار الأوروبي وصناديق تنموية أخرى أخذ مخاطر أكبر في تمويل مشاريع استثمارية، مما يعزز تدفق التمويل إلى القطاعات الحيوية.

ما أبرز المجالات المستهدفة بهذا التمويل؟

- نركز على دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وبشكل خاص الشركات الإبتكارية. نحن نعلم أن هذه الشركات بحاجة إلى التمويل عبر أدوات مثل رأس المال المخاطر (Venture Capital) والأسهم الخاصة (Private Equity)، وليس فقط القروض التقليدية، وهذا ما نوفره بالفعل.
ولدينا تعاون مثمر مع كبار البنوك في مصر والذي ندعم من خلاله  المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر.

هل هناك برامج محددة تم إطلاقها في هذا الإطار؟

- بالفعل، لدينا حالياً برنامجين  قيد التحضير لدعم الابتكار، أحدهما مخصص لرأس المال الاستثماري، حيث وفرنا العام الماضي ما يقرب من 10 ملايين يورو لصندوق استثمار يستهدف شركات ناشئة في مجالات مثل الصحة، والخدمات المالية، والصناعات الدوائية، مع طموح لرفع حجم التمويل إلى 350 مليون يورو.

هل يمتد هذا التعاون إلى قطاعات أخرى مثل الطاقة أو الأمن الغذائي؟

- بالتأكيد. نحن نعمل مع البنك الزراعي المصري لدعم التحول الزراعي وتعزيز الأمن الغذائي. كما نقوم بتمويل مشروع مع شركة نرويجية لإنتاج الهيدروجين الأخضر في مصر، وهو قطاع واعد جداً بالنظر إلى وفرة مصادر الطاقة المتجددة في مصر.

ماذا عن مشروعات البنية التحتية والبيئة؟

- لدينا خبرة واسعة في معالجة مياه الصرف الصحي في مختلف المحافظات المصرية، بالإضافة إلى مشروع تقني لاستخدام النفايات العضوية لإنتاج الطاقة ،وهو مشروع دائري يدعم البيئة ويولد طاقة من المخلفات.

ما الذي يجعل مصر شريكا مهما لبنك الاستثمار الاوربي بالمنطقة؟

- تعد مصر شريكا استراتيجيا بالغ الأهمية للاتحاد الأوروبي في منطقة جنوب المتوسط. فهي أكبر دولة نستثمر فيها خارج حدود أوروبا، وتمثل أكبر اقتصاد في المنطقة، كما أنها دولة ذات ثقل إقليمي وسياسي وجغرافي.

والعلاقات مع مصر تمتد منذ عام 1979، وتستند إلى شراكة حقيقية وراسخة، لا تخدم مصالح مصر وحدها، بل تمثل أيضًا أولوية استراتيجية لأوربا، بحكم الجوار الجغرافي كما ان استقرار مصر مهم لنا وللعالم.

والآن وفي ظل الوضع الإقليمي المقلق والمعقد، يصبح الحفاظ على استقرار مصر ضرورة قصوى، ليس فقط لأمن المنطقة، بل أيضًا من أجل استقرار أوروبا والعالم بأسره. لذا، فإن دعم مصر اقتصاديا و تنمويا هو استثمار في الاستقرار الجيوسياسي وفي مستقبل مشترك أكثر أمنا و ازدهارا.

سمعنا عن منحة أوروبية لدعم الصناعة الخضراء في مصر، ما هي  تفاصيلها؟

-نعم، وقعنا مؤخرًا منحة بقيمة 21 مليون يورو لدعم مشروع إزالة الكربون من الصناعة المصرية، تشمل مليون يورو مخصصة للوكالة المصرية للبيئة من أجل التحول الرقمي وتعزيز قدراتها. الهدف هو دعم التحول الصناعي نحو استدامة بيئية حقيقية.

وأود هنا الاشارة الي ان مؤتمر  كوب 27 استضافته مدينة شرم الشيخ، قد  شكل نقطة انطلاق لتعزيز التعاون الدولي في قضايا المناخ،وقدمنا خلاله التزام بدعم التحول الاخضر  في مصر.

كيف ترون دور مصر في مبادرة أوروبا  البوابة العالمية (Global Gateway)؟

- مصر شريك حيوي واستراتيجي. فمن خلال موقعها الجغرافي، يمكنها أن تلعب دورا محوريا في نقل الطاقة من أفريقيا إلى أوروبا. نحن نعمل مع مصر على تطوير شبكات الربط الكهربائي والطاقة المتجددة، وهو ما يعود بالنفع على مصر، وجيرانها، وأوروبا ككل.

أخيرا ما رسالتكم  بشأن مناخ الاستثمار في مصر؟

- نحث الحكومة المصرية على مواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، لأنها ضرورية لخلق بيئة استثمارية جاذبة، خصوصًا في ظل حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي العالمي. فوجود قطاع خاص قوي ومناخ أعمال محفز هو مفتاح النمو والاستقرار.

وتعد زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين" إلى القاهرة محطة بارزة، حيث أعلنت خلالها عن حزمة تمويلية ضخمة لدعم الإصلاحات الهيكلية في مصر.

وهذه الإصلاحات الهيكلية  تعزز قدرة الاقتصاد المصري على النمو وجذب الاستثمارات. ،ولدينا خبرة اوروبية طويلة في تنفيذ إصلاحات هيكلية فعالة، وهو ما يعد ركيزة ضرورية لتعزيز النمو الاقتصادي، وتمكين القطاع الخاص، وتحفيز بيئة الاستثمار

ورغم أهمية الاستثمارات الدولية، إلا أنها لا تكفي وحدها، إذ أن نجاحها يعتمد على مناخ اقتصادي مستقر و محفز، وهذا ما يسعى إليه برنامج الحكومة المصرية الإصلاحي من خلال تنفيذ سياسات هيكلية واقتصادية شاملة.

كما أنه على الرغم من التحديات الإقليمية والدولية الراهنة، التي تلقي بظلالها على مناخ الاستثمار، فإن الإصلاحات الاقتصادية التي تنفذها مصر تلعب دورا محوريا في تعزيز الثقة وجذب رؤوس الأموال. وهذه الإصلاحات تعد شرطا أساسيا لضمان تدفق الاستثمارات، وتوفير بيئة أكثر استقرارا واستدامة للنمو الاقتصادي.