أ.د نادين الكحيل (كاتبة وباحثة سياسية)

شكلت الحرب الإسرائيلية -الإيرانية إحدى أهم المراحل المفصلية والتاريخية في مستقبل مشروع بناء الشرق الأوسط الجديد، إذ اعتبرت الضربة القاسية التي تلقتها إيران في عمقها الاستراتيجي خطوة انتقالية من طبيعة الصراع التي كانت تعتمد دوماً على الحرب بالوكالة عبر أذرعها في المنطقة إلى حرب مباشرة ومفتوحة على جميع الاحتمالات والخيارات، فالجميع يعلم متى تبدأ الحرب ولكن لا أحد يعلم متى تنتهي؟ 
تبرز المعضلة الكبرى في هذه الحرب بسؤال جوهري : هل سيسقط النظام في إيران؟ هل ستقوم اإسرائيل  بإغتيال الخامنئي؟ وما  هو مستقبل المنطقة بعد إسقاط النظام في إيران؟
بات معلوماً للجميع، أن الحرب لم تعد تقتصر على الملف النووي، بينما تجاوزته إلى عمق المشكلة الرئيسية وهي السياسة الداخلية في إيران، والمتمثلة بالنظام القائم على الأفكار التوسعية وتصدير الثورة إلى دول الجوار، ما شكل  تهديداً لسيادة هذه الدول.
من هنا، برزت الحاجة إلى تحجيم نفوذها المتنامي والذي يشكل خطراً وجودياً للدول وتهديداً جيوسياسياً يضرب التوازن الإقليمي ويطيح بكل مشاريع التنمية والتطوير التي تعتمد بشكل اساسي على الاستقرار والسلام.
في خضم تصاعد الضربات بين الطرفين وتوسيع بنك الأهداف، يبرز تصريح لرضا بهلوي (نجل شاه إيران) الذي دعا فيه إلى "انتفاضة شاملة" ضد النظام، وناشد قوات الأمن في البلاد بالانشقاق عن الدولة التي يحكمها رجال الدين ، وصرح: "قد تسقط، إيران لكم وعليكم استعادتها، أنا معكم ابقوا أقوياء وسننتصر"، ما يشكل دليلاً قاطعاً على أن المعارضة الداخلية تتحرك بمساندة خارجية لإسقاط النظام، والقضاء على خامنئي، عبر إحداث خرق أمني  وخلخلة بنيوية في اأكان النظام، ما سيؤدي حتماً إلى تهاويه كأحجار الدومينو.
كما أن إسرائيل تعتبر النظام الإيراني القائم حالياً يشكل تهديداً وجودياً، لذا قامت بهذه الخطوة الاستباقية التي تشمل العديد من الأهداف وأبرزها: المساعدة في ولادة "نظام صديق" في إيران يكون بمثابة حجر الأساس في بناء شرق أوسط جديد يرتكز على السلام العادل والتعاون الشامل.

المقاربة الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة رأي مجموعة "النهار" الاعلامية