مروان المعشر لـ"النهار": الحديث عن سقوط نظام إيران سابق لأوانه - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مروان المعشر لـ"النهار": الحديث عن سقوط نظام إيران سابق لأوانه - تكنو بلس, اليوم الجمعة 20 يونيو 2025 06:25 صباحاً

منذ ما يزيد على سبعة عقود، لم يهدأ صوت المدفع في هذه البقعة من العالم. انتقل الصراع العربي–الإسرائيلي، الذي انفجر في النصف الأول من القرن العشرين، من حروب الجيوش النظامية إلى صراع وجوديّ طويل الأمد، تخلّلته انتفاضات ومقاومات واتفاقات سلام واحتلالات ما زالت قائمة. لكن ما يجري اليوم في سماءي طهران وتل أبيب يمثل فصلاً جديداً ومغايراً من هذا التاريخ المتفجّر.

إن الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وإيران، وتجاوزت الحدود التقليدية للاشتباك الجغرافي، لم تعد مجرّد تصفية حسابات إقليمية أو تصدير لأزمات داخلية، بل تشير إلى تحوّل نوعي في بنية الصراع. صواريخ بالستية وطائرات مسيّرة تتبادلها قوتان إقليميتان على بعد آلاف الكيلومترات، ومخاوف من انزلاق نحو مواجهة نووية، في مشهد لا يُشبه الحروب العربية–الإسرائيلية السابقة، لكنه لا ينفصل عنها.

في حوار خاص مع "النهار"، يقدّم الدكتور مروان المعشر، وزير الخارجية الأردني الأسبق، ونائب رئيس مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، قراءة شاملة لمآلات هذا الصراع، ويتحدّث عمّا إذا كان الشرق الأوسط أمام حرب قد تغيّر ملامحه، أم أننا بصدد فصل آخر من فصول لعبة توازن الرعب المستمرّة منذ عقود.

نعيش اليوم لحظة توصف بأنها الأكثر خطورة بعد سقوط جدار برلين. ملامح هذه الحرب مختلفة جذريًا عن سابقاتها. ما الذي يميز هذه المرحلة عن المراحل الماضية؟
نحن فعلاً نمرّ بإحدى أصعب الفترات في تاريخ المنطقة. ما يجري اليوم مختلف تمامًا عن الحروب السابقة. إسرائيل تستخدم القوة بشكل مفرط وغير مسبوق، من دون أيّ محاسبة من الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة أو حتى الاتحاد الأوروبي. والأخطر أن الحرب هذه المرة مباشرة بين إيران وإسرائيل، بعدما كانت تدور عبر حلفاء إيران، كحزب الله والحوثيين. إنها حرب تستهدف المدنيين والبنى التحتية، من الطرفين. لأول مرة منذ بدء الصراع العربي-الإسرائيلي، يتعرّض المدنيون الإسرائيليون أيضاً لقصف مكثف وخسائر كبيرة، مما يجعل هذه الحرب أكثر خطورة وضرورة لإنهائها فورًا. والعامل الوحيد القادر على حسم هذه الحرب هو الولايات المتحدة. من دون تدخل أميركي مباشر لوقفها، أخشى أن تطول وتتمدّد. هناك صراع داخل الإدارة الأميركية بين من يدفع نحو دخول الحرب لتصفية البرنامج النووي الإيراني بالكامل، وبين تيار آخر، خصوصاً ضمن قاعدة "اجعلوا أميركا عظيمة مجددًا" (MAGA)، يعارض التدخل الخارجي بشدّة. لم يُحسم هذا النقاش بعد، لكن المؤشرات تميل حاليًا إلى كفة مؤيدي التدخل.

إذا افترضنا أن الولايات المتحدة ستتدخل، فهل سيكون تدخلها عسكرياً، ديبلوماسياً، أم قليلاً من الاثنين؟ 
الأميركيون يريدون استسلام إيران من دون شروط. وإذا حصل تدخل عسكري، فسيكون بضربات جوية للمنشآت النووية باستخدام قاذفات مثل بي-52، وليس بقوات برية. المجتمع الأميركي يعارض الحروب البرية. ديبلوماسياً، لا يبدو أن الإدارة الأميركية مهتمة بحل سياسي طويل الأمد، لا في المسألة الإيرانية ولا الفلسطينية. أولوياتها اقتصادية وأمنية، وليست استراتيجية على المدى الطويل.

في موقف لافت، تقدم باكستان دعماً لإيران. فإذا تدخلت الولايات المتحدة فعلياً إلى جانب إسرائيل، من تتوقع أن يتدخل إلى جانب إيران؟
أعتقد أن التصريحات الباكستانية لا تتعدى الدعم المعنوي، وأظن باكستان ليست مستعدة لمواجهة واشنطن. وأرى أن تأثير الفصائل في العراق أو اليمن محدود. إن كانت إيران نفسها عاجزة عن حسم المواجهة مع إسرائيل وأميركا، فكيف ستفعل فصائلها ذلك؟

ثمة من يرى أن هدف هذه الحرب يتجاوز الملف النووي الإيراني إلى إسقاط النظام الإيراني.
هذا ما يسعى إليه بنيامين نتنياهو بلا شك، وقد عبّر عن ذلك مرارًا. لكنه ليس واضحاً كيف يمكن تحقيق هذا الهدف. الاعتقاد أن إضعاف النظام يؤدّي إلى انتفاضة داخلية لا تدعمه المؤشرات الحالية. ما نراه هو أن الشعب الإيراني، رغم كلّ شيء، يلتفّ حول قيادته بوجه العدوان الخارجي، حتى لو لم يكن مؤمنًا بها. أما إذا سقط النظام الإيراني، فسيكون لذلك تداعيات هائلة. حلفاء إيران مثل "حزب الله" و"الحشد الشعبي" و"الحوثيين" سيزدادون ضعفاً، ومشروع تصدير الثورة سيتراجع، وربما ينتهي. لكن الحديث عن سقوط النظام الإيراني لا يزال مبكرًا. فالوضع لم يتّضح بعد، وما زلنا في مرحلة غامضة.

من يملك القدرة على الصمود أكثر في هذه الحرب، إيران أم إسرائيل؟
سؤال مهم لكن صعب. لست خبيرًا عسكريًا. نعلم أن إسرائيل معدّة أكثر للحروب القصيرة، لكنها تفشل في الحروب الطويلة كما رأينا في غزة. هل تستطيع دولة من عشرة ملايين نسمة القضاء على دولة من تسعين مليونًا؟ هذا غير مرجح، حتى لو امتلكت التكنولوجيا المتقدمة. إنها حرب تكنولوجية، ومن يمتلك النفس الأطول قد يصمد أكثر، لكن لا إجابة حاسمة لدي.

إذا رجح خيار التفاوض مجدداً، ما الأوراق التي تمتلكها إيران وإسرائيل والولايات المتحدة؟
لا تملك إيران الكثير من أوراق القوة، خصوصاً إذا تدخلت واشنطن في هذا الصراع. إسرائيل، المدعومة أميركيًا، تملك اليد العليا. رأينا ذلك في غزة، حيث أُنشئ جسر جوي أميركي لتعويض الذخائر التي تستخدمها تل أبيب. وفي الشأن الفلسطيني، لا أعتقد أن إسرائيل مهتمة بالتفاوض. إنها تسعى إلى الضم والتهجير، لا لـ"حل الدولتين". الحل، في المدى البعيد، سيكون ديموغرافيًا، حين يشكّل الفلسطينيون أغلبية يصعب معها استمرار نظام الفصل العنصري.

ما موقف الأردن من هذه الحرب؟ وكيف تؤثر عليه التوازنات الجديدة في المنطقة؟
لا يريد الأردن الانخراط في هذا الصراع. نحن دولة صغيرة لا نملك إمكانات عسكرية لذلك. علاقتنا بإيران وإسرائيل ليست وثيقة، ولا نراهما حليفين. نحاول الحفاظ على الاستقرار. الحرب أضرّت بنا كثيرًا: السياحة شبه متوقفة، نواجه صعوبات في الطاقة، وثمة قلق كبير من تهجير جديد للفلسطينيين. علاقتنا بواشنطن لم تعد كما كانت، لذلك نسعى إلى إنهاء هذه الحرب سريعًا.

أخيراً، هل تكون هذه آخر حروب إسرائيل في الشرق الأوسط؟
أظن ذلك. إسرائيل لن تفرض هيمنتها بالقوة. إنها دولة صغيرة بلا عمق ديموغرافي أو جغرافي. إذا أرادت مستقبلاً في المنطقة، فعليها أن تسلك طريق التفاوض، لا القوة. القوة لا تصنع سلاماً دائماً.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق