نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حرب إسرائيل وإيران لا تشبه كثيراً حرب الهند وباكستان - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 08:42 مساءً
"يجب على إيران وإسرائيل إبرام اتفاق، وسيبرمان اتفاقاً، تماماً كما دفعتُ الهند وباكستان" إلى إبرامه. ما كتبه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على "تروث سوشل" عصر الأحد بالتوقيت المحلي لا يعكس الواقع بدقّة. ثمة الكثير من النقاط التي تجعل الحرب الإسرائيلية-الإيرانية مختلفة إلى حدّ كبير عن الحرب أو المناوشات الهندية-الباكستانية الشهر الماضي.
ينسب ترامب لنفسه الفضل في التهدئة الأخيرة بين الهند وباكستان. لكن أغلب الظن أن الدولتين لم تريدا التصعيد كثيراً بعد ليلة السابع من أيار/مايو الماضي فلجأتا إلى واشنطن كي تبارك حساباتهما المستجدة. يمكن ملاحظة تصريحات الإدارة بعد اندلاع النزاع. في البداية، قال نائب الرئيس جيه دي فانس إن بلاده لن تتورط في صراع "ليس من شأننا" وإنه "لا يمكننا التحكم (بقرارات) هاتين الدولتين". ترامب نفسه قال إن البلدين "سيبتكران حلاً بطريقة أو بأخرى".
عنت هذه العبارات أنّ الولايات المتحدة غير راغبة و/أو غير قادرة على التدخل لفض النزاع. بالتالي، لا يزال من المرجح أن يكون وصول الدولتين إلى أفق مسدود، وأيضاً إلى ما يمكّنهما من ادّعاء بعض النصر – كاستهداف قواعد باكستانية بصواريخ هندية وإسقاط باكستان طائرات هندية – هو الذي دفعهما إلى التراجع. وبما أن الدولتين تملكان ترسانة نووية، تتقلص هوامش إطالة الحرب من دون خطر الانزلاق إلى المحظور.
إغراءات في غير محلها
بين إيران وإسرائيل يغدو المشهد مختلفاً إلى حد ما. إيران، نظرياً، تقف على حافة العتبة النووية. لا تريد إسرائيل أن تجتاز عدوتها تلك الحافة، لأن اجتيازها يعني فوات الأوان بالنسبة إلى تل أبيب، طالما أن إيران تعهدت مراراً القضاء على الدولة العبرية.
من هنا، إن هامش التحرك الإسرائيلي واسع مبدئياً. من وجهة النظر الإسرائيلية، ينبغي أن تكون معادلة الحرب بين القوتين ذات محصلة صفرية. أي ببساطة، أن تكون إسرائيل رابحة وإيران خاسرة. إلى حد بعيد، لا مجال للتعادل بين البلدين في المخططات الإسرائيلية. بعد اندلاع الحرب وتَبيّن أن الصواريخ الإيرانية قادرة على التدمير الواسع النطاق حتى بعد موجات القصف الإسرائيلية المتكررة لأصول إيران العسكرية، تتعزز أكثر وجهة النظر هذه. وعلى أي حال، سعت الحكومات الإسرائيلية إلى القضاء على التهديد النووي الإيراني منذ أوائل العقد الماضي بالحد الأدنى، لكنّ تردُّد القيادة العسكريّة في السابق حال دون ذلك.
قصف إسرائيلي لمصفاة نفط في طهران (أ ب)
بين الهند وباكستان، يمكن أن تكون محصلة النزاعات المتقطعة إخفاقاً أو نجاحاً متساوياً لكلتا الدولتين، ولو على المستوى التكتيكي. في الحرب الإسرائيليّة الحاليّة على إيران، يهيمن البعد الاستراتيجيّ. إذا أخفقت إسرائيل في استغلال النافذة المتاحة لها حالياً فقد لا تلوح أمامها فرصة أخرى قبل أعوام طويلة. لهذا السبب، ثمة رهانٌ (وعمل) إسرائيليّ على انهيار النظام في إيران، وتلميحات نتنياهو إلى عدم استبعاد اغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي يصب في هذا الإطار.
غالباً ما يبالغ ترامب في تقدير قوته التفاوضية. لا تنتهي الحروب عادة بفعل القدرات الإقناعية للوسطاء ولا حتى بفعل إغراء تجاريٍّ ما، كما ادعى الرئيس الأميركي غير مرة. كان على ذلك أن يكون واضحاً في روسيا وأوكرانيا، وأوضح، في مفاوضاته مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خصوصاً في قمة سنغافورة سنة 2018 حيث وعده بالمكاسب الاقتصادية وسط المباني الشاهقة للمدينة.
هل يعمل بالنصيحة؟
ليس معنى ذلك أن ترامب لا يملك الحد الأدنى من أدوات التأثير على صناعة القرار في إسرائيل وإيران. فالتهديد بقطع المساعدات عن إسرائيل أو بمشاركة أميركية في غارات جوية مستقبلية على إيران كفيل بتعديل الحسابات باتجاه أو بآخر. لكن زيادة الضغط على طهران قد تفقده فرصة التوقيع على اتفاق نووي جديد معها، وهو اتفاق كان يسعى إليه حتى في ولايته الأولى، كما أن زيادة الضغط على إسرائيل قد لا يغير قرار نتنياهو في الأيام وربما الأسابيع القليلة المقبلة. لكن يبدو أنّه بمرور الوقت، وخصوصاً منذ مساء الاثنين، راح ترامب يتبجح بشكل أكبر بقدرته على إيذاء إيران.
سنة 1999، كتب الخبير الاستراتيجي إدوارد لوتواك مقالاً في عدد تموز/آب من مجلّة "فورين أفيرز" الأميركية. حينها، اختار لوتواك عنواناً مثيراً للجدل: "اِمنحوا الحربَ فرصة". كانت الفكرة الأساسيّة من المقال أنّ إطالة الحرب قد تقنع الطرفين بسلام دائم أكثر مما تفعل أحياناً جهود الوساطة، بسبب الاستنزاف والإنهاك، أو بسبب انتصار لاحق لأحد طرفي الحرب.
ربّما يعمل ترامب حاليّاً بهذه النصيحة. فالاحتمالات الأخرى قد لا تكون حيويّة في اللحظات الحاليّة؛ على الأقل، ليس قبل أن يحسم أمره بناء على معطيات الميدان.
0 تعليق