نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من سوريا إلى تركيا... جذور استراتيجية لأزمة إقليم كردستان مع بغداد - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 06:25 صباحاً
في ظل تفاقم الأزمة المالية بين بغداد وأربيل، على خلفية رواتب موظفي حكومة إقليم كردستان، يبدو أن جذور الخلاف تتجاوز البعد المالي، وتحمل أبعاداً سياسية واستراتيجية أكثر عمقاً وتركيباً، وفق ما يؤكد مصدر سياسي كردي لـ"النهار"، ويعيد أصل المشكلة إلى خشية الأحزاب الشيعية المركزية العراقية من تحولات المشهد الإقليمي.
وبحسب المصدر الكردي الرفيع، فإن المسألة بدأت مع سقوط النظام السوري، حين اتخذت بغداد موقفاً سلبياً حاداً تجاه الحكّام الجدد، مدفوعةً برؤية إيرانية رأت في التغيير السوري مساساً بنفوذها الإقليمي، كون النظام السابق كان حليفاً وثيقاً لها، بينما يُتوقع أن يكون الحكّام الجدد أكثر قرباً من تركيا ودول الخليج.
وعلى رغم التزام إقليم كردستان بالموقف الرسمي للحكومة الاتحادية لناحية الواجبات الدستورية، فإنه لم يعتمد النهج ذاته في الحدة، بل نظر إلى أن التصعيد وسحب الشرعية عن السلطة الجديدة في سوريا لن يؤديا إلى نتائج إيجابية، بل سيُفاقمان الفوضى، ويُعززان فرص صعود الجماعات المتطرفة مجدداً، وهو ما سينعكس سلباً على الداخل العراقي.
ورأت القوى السياسية المركزية الشيعية في هذا التمايز الكردي محاولةً لكسر احتكارها للقرار السياسي الاستراتيجي في العراق، خصوصاً من خلال اللقاءات التي جمعت رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني بالقيادة السورية الجديدة، كالرئيس الانتقالي أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني.
ويضيف المصدر أن توقيع حكومة كردستان عقوداً نفطية وغازية مع شركات أميركية، إلى جانب التحول الاستراتيجي في موقف تركيا من المسألة الكردية، والذي يُعزز من موقع الإقليم في علاقته بأنقرة، شكّلا حوافز إضافية دفعت القوى المركزية إلى محاولة "ضبط" الإقليم سياسياً من خلال الضغط المالي. فهذه القوى تتخوف من تراجع نفوذ إيران في المنطقة، مقابل صعود الدور التركي، خاصةً من خلال البوابة الكردية.
وتعزز هذه الرؤية، بحسب المصدر، من خلال تعليقات سياسيين عراقيين محسوبين على إيران، والمنابر الإعلامية الخاضعة لسيطرتهم، والتي لا تُركّز على تفاصيل الخلاف المالي، بل على دور ومكانة إقليم كردستان في المعادلة السياسية العراقية.
ولخّص زعيم جماعة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي هذه المواقف في خطبة العيد، بالقول: "نسبة الفقر في إقليم كردستان أعلى من باقي المناطق رغم توفر الموارد، ولا تزال رواتب موظفي الإقليم غير متوفرة بسبب عدم التزام حكومة الإقليم بتسليم واردات النفط والمنافذ الحدودية لبغداد... العراق لا يزال يعاني من سوء فهم لمفهوم المسؤولية العامة، وهو فهم تفاقم بعد 2003، وأدى إلى فشل متكرر في إدارة الملفات الوطنية، وعلى رأسها الوضع الاقتصادي في إقليم كردستان".
استعراض عسكري لمقاتلين من عصائب أهل الحق.
في المقابل، ردّ النائب في برلمان إقليم كردستان بهجت علي على الخزعلي في بيان رسمي قال فيه: "رهن البلاد لأجندات طائفية خارجية لا يخدم من لا يؤمن بالدستور والديموقراطية. بعد عام 2003، لم تصلوا إلى السلطة إلا على أكتاف الكرد، الذين قدّموا التضحيات من أجل التعايش وتأسيس عراق ديموقراطي اتحادي يُكرّس قيم المواطنة وحقوقها. لكنك ومن على شاكلتك لم تؤمنوا يوماً بالدستور ولا بالفيدرالية، ولا بالديموقراطية الحقيقية".
ويتحدث الكاتب والباحث السياسي رند قره داغي، لـ"النهار"، عن "صدام حتمي" بين الطرفين، قائلاً: "الكتلة المركزية الشيعية ترى في كردستان عائقاً دائماً أمام هيمنتها المطلقة على الداخل العراقي، وخصوصاً أن الإقليم يتمتع بحماية دولية، ودعم أمني أميركي، وتداخل اقتصادي وثقافي مع تركيا. وهي لا تؤمن بأن الفيدرالية، وفق السياق العراقي، تعني تقاسم السيادة، ولذلك تتحيّن كل فرصة لتفكيكها، ولو بعناوين غير مباشرة، لكنها في المحصلة تسعى لانتزاع ما تعتبره خطأً حصل عام 2005".
0 تعليق