لدغة البعوض تعد واحدة من أكثر المشكلات الصحية انتشارا خاصة في الأماكن ذات المناخ الحار والرطب. البعوض لا يقتصر على إحداث الإزعاج فحسب، بل يمكن أن يتسبب في نقل الأمراض الخطيرة مثل الملاريا، وحمى الضنك، وفيروس زيكا.

لذلك، من المهم فهم طبيعة لدغة البعوض، الأسباب التي تجعل البعض عرضة لها أكثر من غيرهم، والعلاجات المتاحة لتخفيف آثارها أو تجنبها.

يلاحظ البعض أن البعوض يستهدفهم بشكل أكبر مقارنة بالآخرين، وفيما يلي نستعرض سبب انجذاب البعوض لبعض الأشخاص.

فصيلة دمك تحدد جاذبيتك للبعوض

منذ سبعينيات القرن الماضي، كان العلماء يدرسون العلاقة المحتملة بين فصيلة الدم ومدى جاذبية الشخص للبعوض. لكن الدراسات الحديثة قدمت رؤى أكثر دقة، حيث أظهرت أن أنواع البعوض المختلفة لديها تفضيلات متباينة لفصائل الدم.

في دراسة نشرت عام 2004 في "مجلة علم الحشرات الطبية"، تم التركيز على تفضيلات فصائل الدم لدى بعوضة الزاعجة المصرية، المعروفة أيضا باسم بعوضة النمر الآسيوية، والتي تنقل فيروسات خطيرة مثل حمى الضنك والشيكونغونيا وزيكا والحمى الصفراء.

خلص الباحثون إلى أن البعوض كان أكثر عرضة للهبوط على الأشخاص المفرزين لفصيلة الدم O بنسبة 83.3 في المائة، مقارنة بالأشخاص المفرزين لفصيلة الدم A بنسبة 46.5 في المائة. بينما كان الانجذاب لفصيلة B أقل بكثير.

رائحة جسمك الحلوة تغري البعوض

لا ينجذب البعوض إلى الدم فحسب، بل ينجذب أيضا إلى مجموعة من الروائح التي يفرزها الجسم البشري.

كشفت دراسة أُجريت في مايو 2023 بواسطة باحثين من جامعة "فيرجينيا تك" أن استخدام الصابون والعطور ذات الروائح الفاكهية أو الزهرية يزيد من احتمالية جذب البعوض إليك. يعود ذلك إلى ميل البعوض بشكل طبيعي للبحث عن مصادر الرحيق، والتي تتوافر بكثرة في الزهور.

وعليه، عندما يستخدم البشر منتجات معطرة تحاكي هذه الروائح الزهرية، ينخدع البعوض ويعتقد بوجود مصدر غذاء محتمل قريب.

العرق

يمكن أن يكون للعرق دور كبير في جذب البعوض إليك. فقد توصل باحثون أجروا دراسة عام 2019 نشرت في مجلة "Current Biology" إلى أن البعوض يستشعر حمض اللاكتيك في عرقنا.

حرارة جسمك المرتفعة

حتى لو لم تكن تتعرق بشكل فعال، فإن ارتفاع درجة حرارة جسمك يمكن أن يكون بمثابة دعوة مفتوحة للبعوض للهبوط عليك. كما تشير الأبحاث إلى أن البعوض ينجذب إلى ثاني أكسيد الكربون الذي نخرجه مع الزفير، والذي يزداد إفرازه عندما ترتفع درجة حرارة أجسادنا، أو أثناء ممارسة الرياضة، أو عند الشعور بضيق التنفس.

كما تلفت الانتباه إلى أن البعوض يجد المناطق المكشوفة من الجلد، مثل الرقبة والقدمين، شهية بشكل خاص، لذلك فإن إحدى الطرق للحفاظ على البعوض بعيدا هي ارتداء ملابس خفيفة تغطي مساحة أكبر من الجسم.

الحمل

تتمتع النساء الحوامل بجاذبية خاصة للبعوض، ويبدو أن هذا ليس مجرد اعتقاد شائع، بل حقيقة مدعومة علميا. توضح الأبحاث أن النساء الحوامل يبعثن حرارة جسم أعلى ويزفرن كميات أكبر من ثاني أكسيد الكربون، مما يجعلهن مضيفات أكثر جاذبية للبعوض.

هذا التفسير مدعوم بدراسة نشرت في "المجلة الطبية البريطانية" عام 2000، والتي وجدت أن النساء الحوامل أكثر عرضة لجذب البعوض بمرتين مقارنة بغير الحوامل.

اختيار الألوان

قد يكون لخيارات ملابسك تأثير كبير على مدى جاذبيتك للبعوض. تشير الأبحاث إلى أن ارتداء الألوان الداكنة التي تحبس الحرارة يمكن أن يجعل الأفراد أكثر جاذبية للبعوض.

ومع ذلك، فالأمر لا يتعلق بالحرارة فقط. في دراسة أجرتها جامعة واشنطن عام 2022 كشفت أن البعوض لا يكتفي بالبحث عن ثاني أكسيد الكربون فحسب، بل إن استشعاره لهذا الغاز يحفز عيون الحشرة على مسح البيئة بحثا عن ألوان وأنماط بصرية محددة ترتبط بمضيف محتمل.

وأبرز الألوان التي يمكن للبعوض اكتشافها بسهولة تشمل الأسود، ودرجات معينة من الأزرق، بالإضافة إلى الأحمر والبرتقالي.

تهدف العلاجات إلى تخفيف الحكة والاحمرار ومنع الإصابة بعدوى. توجد خيارات متنوعة للعلاج تساعدنا على إجابة سؤال: كيف أتخلص من انتفاخ لسعة البعوض؟

العلاجات المنزلية

يمكن الاعتماد على علاجات بسيطة مثل:

الكحول: تطبيق الكحول على المنطقة المصابة لتخفيف الحكة. الثلج: يساعد الثلج في تقليل الالتهاب والتورم المرتبط باللدغة. صودا الخبز: مزج صودا الخبز بالماء وتطبيقها يمكن أن يقلل الحكة.

الأدوية المتاحة دون وصفة

تشمل الكريمات المضادة للحكة التي تحتوي على الهيدروكورتيزون أو مضادات الهيستامين. هذه الكريمات تعمل على تهدئة المنطقة المصابة وتخفيف الحكة بسرعة.

استشارة الطبيب

في حال استمرار الأعراض أو ظهور علامات عدوى مثل الاحمرار المفرط أو الألم القوي، يجب استشارة الطبيب للحصول على التشخيص والعلاج اللازم. قد يوصي الطبيب بمضادات حيوية أو مضادات الهيستامين الأقوى.

على الرغم من أن معظم لدغات البعوض غير ضارة، إلا أن البعض منها قد يكون خطيرا، خاصة إذا ارتبط بنقل الأمراض أو تسبب في ردود فعل تحسسية قوية. تشمل الحالات التي تستدعي الحذر:

ردود الفعل التحسسية

في بعض الحالات قد تؤدي لدغة البعوض إلى رد فعل تحسسي شديد يعرف باسم "الحساسية المفرطة". تشمل أعراض الحساسية المفرطة:

صعوبة في التنفس. تورم شديد في الوجه أو الحلق. دوخة أو فقدان الوعي.

تتطلب هذه الحالة تدخلا طبيا فوريا لتجنب المزيد من المضاعفات.

انتقال الأمراض الخطيرة

كما ذكرنا سابقا، البعوض يمكن أن ينقل أمراض مميتة. على سبيل المثال، الملاريا تسبب وفاة أكثر من 400 ألف شخص سنويا وفقا لمنظمة الصحة العالمية. لذلك، فإن اللدغة التي تجلب هذه العدوى يمكن اعتبارها خطرا جسيما.

الوقاية دائما أفضل من العلاج، وهناك طرق لتجنب لدغات البعوض، أبرزها:

استخدام طارد البعوض

مستحضرات طارد البعوض مثل التي تحتوي على مادة DEET فعالة للغاية في صد البعوض. ينصح باستخدامها خاصة في المناطق الموبوءة.

ارتداء الملابس المناسبة

ارتداء الملابس الطويلة والفضفاضة بألوان فاتحة يمكن أن يقلل بشكل كبير من فرصة التعرض للدغات.

إزالة أماكن تكاثر البعوض

البعوض يتكاثر في المياه الراكدة. يجب التخلص من أي تجمعات مائية في المنزل أو الحدائق لتقليل انتشار البعوض.

شبكات الحماية

استخدام شبكات البعوض حول الأسرة أو النوافذ والأبواب يعتبر طريقة فعالة خصوصا في المناطق الساخنة.