نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الجيش التونسي يتصدّر مشهد التنمية: خيار الضرورة لسدّ العجز المؤسساتي - تكنو بلس, اليوم السبت 14 يونيو 2025 03:26 مساءً
يتزايد التعويل في تونس على المؤسسة العسكرية للمشاركة في جهود التنمية، ما يطرح تساؤلات بشأن دوافع هذا الخيار، وهل يعكس فشلاً للمؤسسات المدنية أم يمثل توسيعاً لدور الجيش في دعم الدولة؟
يوم الاثنين، ناقش الرئيس قيس سعيّد، خلال لقائه وزير الدفاع خالد السهيلي، ملف دعم القوات المسلحة في الدفاع عن الوطن، ومساندتها لمجهودات الدولة في مختلف المجالات، بما في ذلك تأمين عدد من المرافق العمومية، وإنجاح الموسم الفلاحي، وتوفير فضاءات لتخزين صابة الحبوب، ومكافحة الجوائح، فضلاً عن تنفيذ مشاريع تنموية أو الإشراف عليها.
دور تقليدي
أسهم اعتماد تونس على مؤسستها العسكرية في تنفيذ عدد من المشاريع المعطّلة. وقد أُسند للجيش التونسي، خلال الأشهر الأخيرة، تنفيذ عدد من المشاريع الحيوية التي يراهن عليها سعيّد، من بينها مشروع ترميم "مسبح البلفدير" وسط العاصمة، بعد 20 عاماً من الإغلاق.
وتعاني تونس من تفشي البيروقراطية والفساد، ما تسبب في تعطيل مئات المشاريع، خلال عقد من حكم الإسلاميين.
ويؤكد العميد المتقاعد مختار بن نصر أن مساهمة الجيش التونسي في جهود الدولة "ليست جديدة"، ويوضح في تصريح لـ"النهار" أن المؤسسة العسكرية التونسية، ومنذ تأسيسها بعد الاستقلال، شاركت في إنجاز مشاريع كبرى كبناء الطرقات والمطارات وتشييد القرى في المناطق النائية.
ويضيف: "من بين مهام الجيش، إلى جانب الدفاع عن الوطن، دعم جهود الدولة في التنمية".
انضباط وكفاءة
وفي تفسيره لتزايد الاعتماد على الجيش في السنوات الأخيرة، يقول بن نصر إن "الرئيس سعيّد، ومعه قطاع واسع من التونسيين، ربما استشعر حالة الشلل التي أصابت العديد من المشاريع بفعل البيروقراطية والفساد، فكان اللجوء إلى الجيش خياراً منطقياً".
ويضيف: "من المعروف عن الجيش التونسي التزامه وانضباطه ونظافته، لذلك فإن تكليفه بإنجاز المشاريع بعد تعطّلها كان طبيعياً".
ويشير إلى أن الهندسة العسكرية تضم كفاءات عالية في مجالات متعددة، تلقت تكويناً متقدماً، ما يجعلها قادرة على تنفيذ المهام الموكلة إليها باحترافية عالية.
ثقة شعبية واسعة
وتحظى المؤسسة العسكرية في تونس بثقة كبيرة من المواطنين، الذين يكنّون لها احتراماً بالغاً.
ويعتقد معظم التونسيين أن الجيش هو الجهة الأكفأ لتنفيذ المشاريع أو إدارة القطاعات المختلفة، وغالباً ما تُقابل التعيينات التي تشمل كوادر عسكرية بترحيب شعبي واسع.
ويقول بن نصر: "الجيش التونسي، الذي بقي منذ تأسيسه بمنأى عن التجاذبات السياسية كما ينص الدستور، كسب احترام التونسيين بفضل حياده، وأثبت مراراً أن ولاءه للوطن فقط".
ويذكّر بالدور الذي لعبه الجيش عقب أحداث 2011، حين كان "الحامي للبلاد"، وحرص على النأي بنفسه عن الصراعات السياسية التي أعقبت سقوط النظام.
ويشير إلى أن تركيبة الجيش التونسي المتنوعة تعكس النسيج الاجتماعي للبلاد، إذ يتكون من جنود ينتمون إلى مختلف الفئات، ما يجعله "جيشاً شعبياً يمثل جميع التونسيين".
هل يتوسع الدور؟
في المقابل، تحذّر بعض الأصوات من تداعيات التوسع في الاعتماد على الجيش، معتبرة أن ذلك قد يمهد لتضخم دوره.
لكن بن نصر يرفض هذه المخاوف، ويعتبر الحديث عن "عسكرة المؤسسات" مغالطة كبرى، ويضيف: "بعض الأطراف لا يروق لها تعزيز حضور المؤسسة العسكرية، لأنه يكشف عجز بعض القطاعات عن أداء دورها، ويفضح أحياناً حجم الفساد المتغلغل فيها".
ويؤكد أن هذا الخيار معمول به في عديد الدول حول العالم، وتونس ليست استثناءً.
ورغم أن تدخل الجيش التونسي في إنجاز المشاريع فرضته الضرورة وأثبت نجاعته، إلا أنه يطرح في الوقت نفسه تحديات تتعلق بمستقبل المؤسسات المدنية ومدى قدرتها على الإصلاح والحَوكمة.
0 تعليق