هل أصبحت "لعنة النفط" تطارد الشعوب؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل أصبحت "لعنة النفط" تطارد الشعوب؟ - تكنو بلس, اليوم السبت 14 يونيو 2025 11:04 صباحاً

حيدر عبدالجبار البطاط

تُستخدم عبارة "لعنة النفط" للدلالة على الآثار السلبية المرتبطة بصناعة النفط، سواء على المستويات البيئية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية. فعلى الرغم من العوائد المالية الكبيرة التي تحققها الدول المنتجة، إلا أن الاعتماد المفرط على النفط كثيراً ما يؤدي إلى مشكلات هيكلية تؤثر على استقرار الدول وتنميتها.


أولًا، من أبرز الجوانب السلبية هي الآثار البيئية. فعمليات استخراج النفط وحرقه تطلق كميات كبيرة من الغازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، ما يسهم بشكل مباشر في تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة. كما أن التلوث الناتج عن الحفر والتسربات النفطية يضر بالتربة والمياه، ويؤثر سلباً على التنوع البيولوجي، سواء في البحار أو على اليابسة. ولا يمكن إغفال الأثر الصحي الخطير الناتج عن تلوث الهواء في المناطق القريبة من المصافي والمشاريع النفطية.

 

ثانياً، من الناحية الاجتماعية، قد توفّر صناعة النفط بعض فرص العمل، لكن ذلك غالباً ما يكون مصحوباً بتفاوت في توزيع الدخل والفرص، ما يزيد من عدم المساواة. كما تؤدي الأنشطة النفطية إلى تغيير في نمط الحياة المحلي، وتهدد الثقافة التقليدية في بعض المجتمعات. وتبقى مخاطر الصحة والسلامة قائمة نتيجة التلوث وحوادث العمل، إضافة إلى التوترات الاجتماعية التي قد تنشأ بسبب سوء توزيع العائدات أو الأضرار البيئية.

 

صورة تعبيرية (وكالات)

 

ثالثاً، على الصعيد الاقتصادي، فإن الاعتماد المفرط على النفط يجعل الدول عرضة للتقلبات في أسعاره. وفي حال انخفاض الأسعار عالمياً، تتعرض موازنات الدول المنتجة إلى ضغوط كبيرة. كذلك، قد تؤدي الإيرادات النفطية إلى إهمال قطاعات أخرى حيوية مثل الصناعة والزراعة، ما يضعف من قدرة الاقتصاد على التنويع. كما أن تقلبات أسعار النفط تؤثر على قيمة العملة الوطنية، وبالتالي على الاستيراد والتصدير.

 

رابعاً، هناك تأثيرات سياسية لا يمكن تجاهلها. فالتنافس على مصادر النفط كثيراً ما يؤدي إلى صراعات إقليمية ودولية. كما تؤثر الصناعة النفطية في شكل العلاقات الدولية، وقد تُستخدم كأداة ضغط لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية. في بعض الدول، قد يمثل النفط عنصراً من عناصر السيادة الوطنية، بينما في دول أخرى يتحول إلى عبء سياسي واقتصادي نتيجة سوء الإدارة أو التبعية للأسواق العالمية.

 

في ضوء هذه التحديات، من الضروري أن تعيد الدول المنتجة للنفط النظر في سياساتها. من المهم وضع خطط استراتيجية قصيرة وطويلة الأمد، تأخذ في الاعتبار مصالح الوطن والمواطن من الجوانب الصحية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية. كما أن الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وتطوير الاقتصاد الوطني غير النفطي أصبح ضرورة لا خياراً، لضمان الاستدامة والعدالة للأجيال القادمة.

 

* مهندس استشاري عراقي 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق