نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سوريا على طريق التّعافي - تكنو بلس, اليوم الجمعة 13 يونيو 2025 04:53 صباحاً
مهما كانت صعوبة اللحظات الإقليمية ومدى اضطراب المنطقة، لم تغب سوريا يوماً عن بوصلة اهتمام دولة الإمارات، لا سياسياً ولا إنسانياً ولا اقتصادياً. ومنذ اندلاع الأزمة السورية قبل عقد ونيف، أدركت أبو ظبي أن بقاء سوريا مستقرة وآمنة ليس مجرد خيار سياسي، بل ضرورة استراتيجية للأمن العربي. واليوم، ومع التغيرات المتسارعة في المشهد السوري، وتسلم الحكومة السورية الجديدة السلطة بقيادة أحمد الشرع، تتسع نافذة الأمل، وتبدو الفرصة أقرب من أي وقت مضى للتحوّل من الركام إلى البناء، إذا توافرت الإرادة والدعم الفاعل.
لم تبنِ الإمارات رؤيتها تجاه سوريا على مواقف عاطفية أو مصالح آنية، بل على مقاربة متأنية وطويلة الأمد، ترى في استقرار دمشق ركيزة من ركائز استقرار المنطقة. لهذا، لم تتأخر الإمارات في مدّ يد العون من الدعم الإنساني العاجل في الكوارث، إلى الحضور الديبلوماسي، وصولاً إلى تشجيع الاستثمارات النوعية التي تعيد الحياة إلى الاقتصاد السوري.
صحيح أن التحديات ما زالت ثقيلة، إرث العقوبات، تآكل البنية التحتية، وغياب الثقة في النظام المالي. لكن التاريخ علّمنا أن الانهيار ليس نهاية، بل يمكن أن يكون بداية. فسوريا تملك من الإمكانات الجغرافية والبشرية ما يكفي لتنهض، متى ما توفرت بيئة استثمارية آمنة وإصلاحات اقتصادية جادة وإرادة سياسية صادقة.
ومع رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، بات الانفتاح الاقتصادي مع دمشق خطوة ضرورية على طريق بناء شراكة تنموية شاملة تعزز فرص التعافي والاستقرار. وليس مجاملة بل من منطلق خيار استراتيجي ينبع من قناعة راسخة بأن الاستثمار في السلام أجدى من التعايش مع الأزمات. عودة سوريا إلى نظام “سويفت”، وإصلاح النظام المصرفي، والسعي لتوحيد سعر الصرف، كلها إشارات إلى بداية صفحة جديدة، بحاجة إلى من يدفعها للأمام لا من يجرّها للخلف.
استثمار الشركات الإماراتية في سوريا ليس مجرد حراك اقتصادي، بل رهان على الاستقرار. كل مشروع إعادة إعمار، كل وظيفة جديدة، كل مدرسة تُفتح ومستشفى يُرمم، هو لبنة في مشروع أكبر يعيد رسم المشهد السوري بعيداً عن منطق الانقسام وأقرب إلى مسارات التنمية والازدهار.
تؤمن الإمارات بأن الحل في سوريا لا يمكن أن يكون بإقصاء أحد، بل بالحوار والانفتاح وبناء الدولة المدنية الحديثة. هذه الرؤية ليست جديدة، بل نابعة من المبادئ العشرة التي تتبناها الإمارات وتعتبرها خريطة طريق لمستقبل عربي أكثر استقراراً وإنصافاً.
ومع دخول سوريا عهداً جديداً بقيادة الرئيس أحمد الشرع، لم يتغير جوهر الموقف الإماراتي، بل تطور. قرأت أبو ظبي اللحظة بعين استراتيجية جديدة، رأت في صعود الشرع فرصة لبناء دولة متصالحة مع ذاتها، لا رهينة لأوهام الماضي. لم يكن الهدف دعم أشخاص، بل دعم مسار يأخذ سوريا من الاستنزاف إلى التعافي. وكما رفضت الإمارات تسخير الملف السوري كأداة للصراع، فهي اليوم تراه فرصة لإنقاذ وطن، وإعادة سوريا إلى موقعها الطبيعي كدولة عربية فاعلة، لا كساحة تنافس جيوسياسي.
وسوريا، بإرادة شعبها وبدعم أشقائها، تستحق أن تعود إلى الحياة لا كعنوان في نشرات الأخبار، بل كقصة نهوض حقيقية تُروى للأجيال، عنوانها الأمل والعمل وبداية جديدة تصنعها العقول لا البنادق.
0 تعليق