نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الاقتصاد
البرتقالي..
فرصة
مصر
الذهبية
للاستثمار
في
الفن
والثقافة
والإبداع - تكنو بلس, اليوم الجمعة 13 يونيو 2025 12:25 صباحاً
في عالم يتزايد فيه ترابط الثقافة مع الأسواق، يبرز مفهوم "الاقتصاد البرتقالي" أو "الاقتصاد الإبداعي" كقوة دافعة جديدة فهو ليس مجرد صناعات منعزلة، بل نظام متكامل يحوّل الأفكار الإبداعية والتراث الثقافي إلى منتجات وخدمات ذات قيمة اقتصادية ملموسة، تدعم النمو وتخلق فرص العمل وتسهم في تشكيل الهوية والقوة الناعمة للدول.
هذا الاقتصاد، الذي يكتسي باللون البرتقالي رمزاً للإبداع عبر العصور والحضارات، أصبح محوراً أساسياً في الاستراتيجيات التنموية عالمياً.
جذور المصطلح واتساع المفهوم
ظهر مصطلح "الاقتصاد البرتقالي" لأول مرة عام 2011 على يد وزير الثقافة الكولومبي السابق فيليبي بويتراجو والرئيس الكولومبي السابق إيفان دوكي ماركيز، وكلاهما يتمتع بخلفية اقتصادية وسياسية عميقة، فيما تجسدت رؤيتهما في كتابهما المشترك الصادر عام 2013 بعنوان "الاقتصاد البرتقالي: فرصة لا حدود لها".
وبلغ الاهتمام ذروته عام 2017 عندما نجح دوكي، وكان آنذاك عضواً في البرلمان، في إصدار "القانون البرتقالي" في كولومبيا، بهدف حماية وترويج الصناعات الثقافية والإبداعية، ليتحول المصطلح بعدها إلى ظاهرة عالمية.
لا يوجد تعريف واحد للاقتصاد البرتقالي
الأمم المتحدة تراه مفهوماً متطوراً قائماً على إسهام الأصول الإبداعية في النمو الاقتصادي والتنمية، متضمناً التفاعل بين الجوانب الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتكنولوجيا والملكية الفكرية والسياحة.
أما منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) تعرفه بأنه مجموعة الأنشطة التي تحول الأفكار إلى منتجات وخدمات ثقافية وإبداعية قابلة للحماية بقوانين الملكية الفكرية.
حجم وتأثير عالمي هائل
تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن الصناعات الثقافية والإبداعية تمثل 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و6.2% من العمالة على مستوى العالم. وتؤكد تقديرات مجموعة العشرين (G20) لعام 2023 على ضخامة هذا القطاع، حيث قدرت قيمته بنحو 985 مليار دولار أمريكي.
مجالات شاسعة ومتداخلة
يمتد نطاق الاقتصاد البرتقالي ليشمل قطاعات متنوعة ومتشابكة، أهمها:
الفنون البصرية والأدائية: الفنون التشكيلية، المسرح، السينما، الموسيقى. التراث الثقافي: المواقع الأثرية، المتاحف، الفنون والحرف التقليدية. التصميم: تصميم الأزياء، التصميم المعماري، تصميم المنتجات النشر والإعلام:* الكتب، الصحف، المجلات، المحتوى الإعلامي بجميع أشكاله. البرمجيات والتكنولوجيا الإبداعية: صناعة الألعاب الإلكترونية، التطبيقات التفاعلية، الواقع المعزز والافتراضي في المجالات الثقافية. الإعلان والتسويق الإبداعي. البحث والتطوير: خاصة في مجالات تطوير المنتجات والتكنولوجيا ذات البعد الإبداعي أو الثقافي.دلالة اللون البرتقالي
يرمز اختيار اللون البرتقالي، كما يوضح عماد أبو غازي (وزير الثقافة المصري السابق) في بحثه المنشور بمجلة "آفاق اقتصادية (نوفمبر 2021)، إلى جذور عميقة في الإبداع الإنساني، حيث استخدم *المصريون القدماء الصبغات البرتقالية في زخرفة المعابد، كما ارتبط في اليونان القديمة بـ ديونيسيوس إله المسرح والابتهاج،و يمثل لون ثمار القرع في احتفالات الهالوين (ذات الأصول المكسيكية).
و يحمل في الثقافات الآسيوية (كالكونفوشية والبوذية) دلالات التحول والفكر والانضباط الروحي للرهبان.
هذا التراكم التاريخي يجعله لوناً ملائماً لاقتصاد يجسد خلاصة الإبداع البشري عبر العصور.
مصر والإقتصاد البرتقالي.. إمكانات هائلة وتحديات واعدة
تمتلك مصر ثروة هائلة من المقومات التي تؤهلها لقيادة هذا القطاع:
تراث حضاري لا نظير له: آثار تعود لعصور متعاقبة تشكل أساساً للسياحة الثقافية والصناعات المرتبطة بها. تنوع إبداعي: تاريخ عريق في الفنون التشكيلية والأدائية (سينما، مسرح، موسيقى) وحرف يدوية. رأس مال بشري: عقول شابة ومبدعة قادرة على توليد الأفكار. موقع جغرافي ومناخ يجعلانها موقعاً جاذباً لصناعات مثل السينما والفعاليات الثقافية الدولية.الطريق إلى القيادة
الدكتور مدحت نافع (المحلل الاقتصادي وأستاذ التمويل بجامعة القاهرة) يؤكد: "الاقتصاد البرتقالي مرتبط بالإنتاج الفكري والمعرفة والموروث الثقافي... وتمتلك مصر مقومات مادية وثقافية ومعنوية تسمح لها بالتصدر". ويشدد على كونه: أداة قوة ناعمة تعزز صورة مصر عالمياً، واقتصاداً مستداماً يعتمد على موارد لا تنضب (العقل) وعديمة البصمة الكربونية، وحاضناً لريادة الأعمال حيث ينشأ غالباً من الأفراد وأفكارهم (الملكية الفكرية)، مع أهمية الدعم المؤسسي، ومستفيداً من التكنولوجيا مثل استخدام الواقع المعزز في المتاحف أو الذكاء الاصطناعي في الترويج.
لكنه يرى أن تحقيق هذه الإمكانات مشروط بـ *"توعية الناس بأهمية الأفكار الإبداعية اقتصادياً، وإجراء دراسات معمقة، وتسهيل الاستثمار في هذا القطاع بشكل خاص."
التراث والآثار.. كنز يتطلب استثماراً ذكياً
يرى سامح الزهار (الباحث في التاريخ والآثار) أن المواقع الأثرية هي "العنصر الرئيس في سياق اقتصاديات التراث والسياحة الثقافية".
ويسلط الضوء على التحدي المتمثل في التكلفة العالية لصيانتها وإنشاء المتاحف، والتي غالباً لا تغطيها الإيرادات التقليدية، والحل، وفقاً له، يكمن في إقامة أنشطة مدرة للدخل داخل هذه الأماكن، مثل الفعاليات الفنية أو المعارض، لكن مع الالتزام الصارم بشروط منظمة اليونسكو* التي تحتم ألا يتعارض النشاط مع القيمة التاريخية أو الأثرية.، وتجنب أي ضرر من الإضاءة أو الصوت أو الزحام.
المتاحف.. من خزائن الماضي إلى مراكز إبداع مستقبلية
يتجاوز دور المتاحف الحديث مفهوم "عرض الآثار" ليتحول إلى "مؤسسات ثقافية متكاملة فهي أصبحت حاضنة لألوان شتى من الإنتاج الإبداعي ضمن الاقتصاد البرتقالي: عروض سينمائية، حفلات موسيقية، معارض فنية معاصرة، أنشطة تعليمية تفاعلية، وتجارب تستخدم أحدث التقنيات الرقمية – وكلها أنشطة تسهم في خلق قيمة اقتصادية وثقافية واجتماعية.
---
0 تعليق