في خطوة تحمل دلالات استراتيجية، قررت الولايات المتحدة سحب أنظمة الدفاع الجوي المضادة للطائرات المسيرة من أوكرانيا، وسط تقارير تشير إلى إعادة نشر هذه الأنظمة في مناطق أكثر حساسية من منظور الأمن القومي الأمريكي، وعلى رأسها الشرق الأوسط.

ويأتي هذا التحرك في أعقاب سلسلة من الهجمات الجوية الأوكرانية بالطائرات المسيّرة على قواعد عسكرية روسية في سيبيريا، والتي وُصفت من قبل مراقبين بـ"بيرل هاربور الروسية"، نظراً لطابعها المباغت وتأثيرها المعنوي. ووفقاً لتقرير نشره موقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي، فإن هذه الضربات سلطت الضوء على ضعف الدفاعات الروسية الداخلية، حيث لم تُفعّل الأنظمة المضادة للمسيّرات حول القواعد المستهدفة، بسبب تركيزها على جبهات القتال.

وفي ظل مخاوف متزايدة من تكرار هذا السيناريو في مناطق أخرى حول العالم، سارعت واشنطن إلى إعادة تقييم أولوياتها الدفاعية، خاصة بعد ورود معلومات استخباراتية عن تهديدات مماثلة محتملة قد تستهدف القوات الأمريكية في الشرق الأوسط.

مصالح تتجاوز أوكرانيا

وبحسب تقرير لشبكة "CNN"، فإن المخزونات الأمريكية من مكونات دفاعية رئيسية، مثل صمامات التقارب المستخدمة لاعتراض الطائرات المسيّرة، بدأت تنفد نتيجة الدعم العسكري المكثف المقدم لكييف. وفي ظل هذه الضغوط، يبدو أن القرار الأمريكي نابع من ضرورة "إعادة توزيع الموارد" لضمان حماية القوات والمصالح الأمريكية في مناطق الصراع الأكثر اشتعالًا، وعلى رأسها الشرق الأوسط.

وتتمركز القوات الأمريكية في هذه المنطقة داخل بيئة جيوسياسية شديدة التعقيد، حيث يشكل البرنامج الإيراني للطائرات المسيّرة وشبكة وكلائها الإقليميين مصدر تهديد دائم. وهو ما يجعل من الضروري، بحسب خبراء، تأمين دفاعات فعالة ضد المسيرات، خاصة في ظل الحديث المتزايد عن احتمال اندلاع صراع إقليمي واسع قد يتضمن استخدام أسلحة غير تقليدية.

رسالة مزدوجة

ويرى مراقبون أن سحب الأنظمة الدفاعية من أوكرانيا لا يعني بالضرورة تخلياً عن دعمها، بل هو إعادة تموضع لدرء تهديدات أكثر إلحاحاً. كما يُنظر إلى هذه الخطوة كرسالة مزدوجة: الأولى للخصوم مفادها أن واشنطن مستعدة لتأمين مواقعها الحيوية حول العالم، والثانية لحلفائها بأن الأمن القومي الأمريكي لا يزال أولوية في خضم النزاعات المتعددة.

ورغم اعتماد الجيوش الحديثة بشكل متزايد على المسيّرات كسلاح فعّال، إلا أن تطوير دفاعات مضادة لها لم يواكب هذا التسارع. ووفق "ناشيونال إنترست"، فإن الولايات المتحدة مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بإعطاء أولوية قصوى لتعزيز قدراتها الدفاعية في الداخل والخارج، لمواجهة هذا التحدي المتنامي.

وبينما يستمر الصراع في أوكرانيا، يبدو أن واشنطن باتت تتعامل مع ملف الدعم العسكري لكييف بواقعية أكبر، توازن فيه بين دعم الحلفاء وحماية مصالحها الاستراتيجية في مناطق التوتر الملتهبة.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك