تجميد الضوء.. اكتشاف علمي أوروبي يغير مستقبل التكنولوجيا.. أين العرب؟ - تكنو بلس

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تجميد الضوء.. اكتشاف علمي أوروبي يغير مستقبل التكنولوجيا.. أين العرب؟ - تكنو بلس, اليوم الخميس 12 يونيو 2025 02:35 مساءً

أعلن فريق علمي إيطالي عن اكتشاف يشبه الخيالي العلمي، من خلال تحويل الضوء إلى مادة " فائقة الصلابة" – وهي حالة فيزيائية تجمع بين خصائص متناقضة يصعب تصديقها، شئ صلب كالبلور، ويتدفق مثل السائل، دون أدنى احتكاك أو مقاومة، وكأنه يتحرك داخل حلم

فريق العلماء التابع للمجلس الوطني للبحوث الإيطالي، نشر الدراسة في مجلة Nature العلمية المرموقة، كإنجاز غير مسبوق في تاريخ الفيزياء.

أغرب حالات المادة المكتشفة حتى الآن

ولكن ما هي هذه "المادة فائقة الصلابة" إنها ببساطة من أغرب حالات المادة المكتشفة حتى الآن، فهي تشبه البلورة من حيث انتظام ذراتها في شبكة مترابطة وثابتة، وفي الوقت نفسه تتصرف مثل السائل ، حيث تتدفق دون فقدان للطاقة أو توليد أي حرارة بسبب الاحتكاك.

تتحرك كما لو كانت تتسلل عبر الفراغ، بلا أدنى مقاومة، ولا تترك خلفها أي أثر يدل على مرورها، تشبه صفا طويلا من قطرات الماء تتحرك بانسيابية تامة، لكن المسافة بينها تبقى ثابتة كما لو كانت مربوطة بخيط غير مرئي. مستحيل.

السؤال: كيف يمكن للضوء، هذا الشيء اللامادي الذي لا نلمسه ولا نحس بكتلته، أن يتحول إلى شيء يشبه البلور؟

إن  السر يكمن في مزيج مذهل من الفيزياء والابتكار، خُطِّط له بعناية عبر ثلاث خطوات: الأولى إطلاق شعاع ليزر عالي الطاقة باتجاه مادة تُعرف باسم زرنيخيد الغاليوم، ما أدى إلى اندماج الفوتونات (جزيئات الضوء) مع إلكترونات المادة، ونتج عن هذا التفاعل جسيمات هجينة غريبة تسمى "بولاريتونات" – وهي ليست فوتونات فقط، ولا إلكترونات فقط، بل شيء بينهما، يحمل صفات من كليهما، ويمكن يمكننا تشبيه البولاريتونات بموجة "تشجيع جماعية" في ملعب كرة قدم – ليست كيانًا فرديًا، لكنها حركة موحدة ومنسقة لجمهور كبير، تخلق إحساسًا بجسم واحد يتحرك بانسيابية.

3 خطوات فقط حققت معجزة تجميد الضوء

الخطوة الثانية: تبريد هذه البولاريتونات إلى درجة حرارة تقارب الصفر المطلق، وهي -273 درجة مئوية، وفي هذا العالم البارد جدًا، تبدأ قوانين الفيزياء الكلاسيكية في الانهيار، وتظهر خصائص لا تصدق، عند هذه النقطة، توقفت البولاريتونات تقريبًا عن الحركة، وبدأت تتصرف كما لو كانت "سائلًا " بلا لزوجة.

أما الخطوة الثالثة، فكانت الأكثر دقة ودهشة: استخدم العلماء مجالات مغناطيسية فائقة التحكم لترتيب البولاريتونات في شبكة بلورية متناظرة، وبذلك، وُلدت أول مادة فائقة الصلابة من الضوء – كيان غريب يجمع بين النظام البلوري والحرية المطلقة للحركة.

لكن لماذا يعد الاكتشاف عظيمًا إلى هذه الدرجة؟

 ببساطة لأنه لا يغيّر فقط نظرتنا إلى الضوء أو المادة، ويفتح بوابات هائلة نحو مستقبل تقني غير مسبوق. تخيل حواسيب يمكنها معالجة المعلومات بسرعة تتجاوز الأجهزة الحالية بملايين المرات، بفضل كيوبتات مبنية على مواد فائقة الصلابة أكثر استقرارًا وأقل تأثرًا بالضجيج. 

تخيل نقل الكهرباء دون فقدان أي طاقة في الطريق، لأن هذه المادة لا تعرف معنى الاحتكاك، ليس هذا فقط، بل يمكن لمحركات الطائرات والمركبات أن تعمل لسنوات دون الحاجة لتزييت أو صيانة، لأن المواد فائقة الصلابة ستقوم بدور مواد تشحيم خارقة. أما في عالم الاستشعار والطب، فدقتها في التقاط أضعف التغيرات في الحقول المغناطيسية أو الجاذبية قد تحدث ثورة في التشخيص المبكر للأمراض أو التنبؤ بالزلازل.

قد يبدو الأمر كأنه خيال علمي، لكن الحقيقة أن هذا الحلم كان يراود العلماء منذ أكثر من قرن، في عام 1934، اقترح العالمان الأمريكيان بريت وويلر فكرة أن الفوتونات يمكن أن تتحول إلى مادة إذا اصطدمت ببعضها. 

ورغم جمال النظرية، إلا أن التجارب آنذاك فشلت لصعوبة تحقيق الشروط المطلوبة، وفي عام 2016، نجح علماء من جامعة إمبريال كوليدج لندن في تحويل الضوء إلى مادة عبر تصادم فوتونات عالية الطاقة داخل غرفة تحتوي ذهبًا منصهرًا. 

أما الآن، في 2025، فقد جاء التتويج الإيطالي: ليس فقط بتحويل الضوء إلى مادة، بل إلى مادة فائقة الصلابة، وهي حالة جديدة كليًا من المادة.

علماء الغرب فوق المنصة والعرب على مقاعد المتفرجين

وبينما يحتفل العالم بهذا الإنجاز، يطل السؤال: أين نحن كعرب من كل هذا؟

 التاريخ يذكرنا بأن علماءنا أمثال الحسن بن الهيثم والبيروني مهدوا الطريق لفهم الضوء والمكان والزمان، لكن اليوم، نجد أنفسنا خارج ساحة الاكتشاف، رغم وجود العقول. 

الدول العربية تنفق أقل من 0.5% من ناتجها المحلي على البحث العلمي كما أن التجهيزات والمختبرات المتقدمة – مثل تلك التي بُني فيها هذا الاكتشاف – تكاد تكون منعدمة في العالم العربي. 

ورغم ذلك، يظل هناك بصيص أمل، يتمثل في مراكز بحث مثل "سيزام" في الأردن، الذي يشكل نموذجًا على أن العرب قادرون على العودة إلى طليعة العلم إذا وُجدت الإرادة السياسية والدعم المالي الحقيقي.

الكون لا يزال يخفي أسرارًا مذهلة

إن اكتشاف المادة فائقة الصلابة من الضوء ليس فقط إنجازًا علميًا، بل هو تذكير بأن الكون لا يزال يخفي أسرارًا مذهلة، وبأن ما كان مستحيلًا بالأمس يمكن أن يصبح واقعًا اليوم. لقد أصبح الضوء كتلة، وأصبح البلور سائلًا، وأصبحت الخيال العلمي جزءًا من معامل البحث. فهل نكتفي بالمشاهدة؟ أم نعود إلى مسرح الاكتشاف؟ هذا هو السؤال الحقيقي.

"الضوء لم يعد مجرد طاقة... إنه الآن كتلة، بلورة، ونهر يتدفق في آن واحد."

هكذا وصف فريق البحث الإيطالي اكتشافهم، فأين نحن كعرب ومصريين من تلك الأبحاث المتقدمة ؟ وهل سنشاهد يوما  معامل ومراكز أبحاث تستطيع أن تقوم باكتشافات مماثلة؟.. أم أننا سنظل  مجرد مستهلكين للتكنولوجيا دون أن نشارك في صناعتها؟

هل سنرى عالِمًا عربيًا في الفريق الحائز على جائزة نوبل الفيزياء القادمة؟ الإجابة تعتمد على ما إذا كنا سنختار أن نكون صنّاع التقدم، أو مجرد مشاهدين!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق