من "الساعة اللبنانية" إلى "الساعة الأميركية": لبنان بانتظار التفاوض الإيراني الأميركي - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من "الساعة اللبنانية" إلى "الساعة الأميركية": لبنان بانتظار التفاوض الإيراني الأميركي - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 05:34 صباحاً

لطالما شكّل ​لبنان​ ساحةً خلفية للتجاذبات الإقليمية والدولية، خصوصاً في ظل موقعه الجيوسياسي المعقد وتشعب علاقاته الإقليمية والدولية. وكان يُقال سابقاً إن لبنان "يضبط ساعته" على إيقاع ​التفاوض الإيراني​-​الأميركي​، بمعنى أن تسويات الداخل اللبناني لا تتم إلا بعد تبلور تفاهمات على هذا المستوى، إلا أن الجديد اليوم هو أن ​الولايات المتحدة​ نفسها بدأت "تربط ساعتها" على إيقاع هذا التفاوض في ما يخص لبنان، ما يكشف عن تبدّل في قواعد الاشتباك الإقليمي والدولي على الساحة اللبنانية.

شهد التفاوض بين واشنطن وطهران تحوّلات عدّة في السنوات الماضية، من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 في عهد الرئيس دونالد ترامب، إلى العودة الحذرة للتفاوض غير المباشر في فيينا خلال إدارة جو بايدن. هذا التفاوض لم يعد محصوراً بالملف النووي فحسب، بل توسّع ليشمل قضايا إقليمية منها اليمن، العراق، سوريا، وأخيراً لبنان.

الولايات المتحدة باتت تدرك أن أي استقرار في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتم بمعزل عن "دور إيراني"، سواء في ضبط سلوك حلفائها الإقليميين أو في توفير غطاء لتسويات داخلية في الدول المتأثرة بالنفوذ الإيراني، وفي مقدمها لبنان.

في السابق، كان يُنظر إلى لبنان كمتلقٍ لنتائج أي تفاهم إيراني-أميركي، بحيث تنعكس التفاهمات على الداخل اللبناني بشكل غير مباشر: تُفتح أبواب رئاسة الجمهورية، يُعاد تشكيل الحكومة، أو تُفرج بعض القوى عن الاستحقاقات. أما اليوم، وبحسب مصادر سياسية بارزة فقد تغيّرت المعادلة، فواشنطن باتت تُراهن على أن تُسهم طهران بشكل فعّال في تسهيل الحل اللبناني، تحديداً من خلال تأثيرها على ​حزب الله​، وذلك بحال تم التوصل إلى اتفاق بينها وبين أميركا.

وبذلك، تحوّل لبنان من ساحة انتظار إلى ورقة تفاوضية بحد ذاتها في يد واشنطن وطهران، وباتت أي تسوية داخلية تُدرج ضمن بنود المفاوضات، سواء بصيغها الرسمية أو غير المعلنة.

ترتكز المطالب الأميركية في لبنان على عدّة مستويات، أبرزها:

تحجيم نفوذ حزب الله ونزع سلاحه، وهو هدف أميركي دائم ومستمر، سواء عبر العقوبات، أو عبر الضغط السياسي الداخلي والدولي، أو من خلال التشجيع على إعادة تكوين سلطة سياسية تتوازن مع وجود الحزب، ترسيم الحدود البرية مع إسرائيل، الإصلاح الاقتصادي والمالي حيث تشترط واشنطن، عبر المؤسسات الدولية، تنفيذ إصلاحات بنيوية في النظام المصرفي، ومكافحة الفساد، وضبط الهدر، ووقف التهريب، وهي مطالب تتقاطع مع مصالح داخلية وخارجية على حد سواء، وأخيراً إعادة تشكيل السلطة وهو ما بدأته واشنطن من خلال إطلاق العهد الجديد.

بحسب مصادر معارضة لإيران فإن طهران لا تزال ترى في لبنان ورقة استراتيجية في منظومة "​محور المقاومة​"، ولن تتخلى عنها بسهولة، لكنها أيضاً تستثمر هذه الورقة في إطار تحسين شروط التفاوض مع واشنطن، خاصة حين يتعلق الأمر برفع العقوبات، وتوسيع هامش النفوذ في الإقليم، وفي ظل انشغال إيران بملفات داخلية (اقتصادية، اجتماعية، وسياسية بعد وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي)، فإن قدرتها على الدفع باتجاه تفاهمات في لبنان ستبقى مشروطة أولاً بمصالحها الكبرى، وثانياً بتوافق أجنحتها الداخلية على ما يجب "منحه" أو "التنازل عنه" في الساحة اللبنانية.

إن الربط الأميركي بين الملف اللبناني والتفاوض مع إيران يفتح الباب على احتمالات متعددة، تبدأ من الوصول إلى صفقة شاملة تتضمن تسوية إقليمية تضمن دوراً لإيران مقابل ضبط حزب الله وإيجاد حل للسلاح، ومقابل تحرير الأرض ووقف الاعتداءات الإسرائيلية، أو من خلال إجراء مقايضة مرحلية تسمح بحلحلة محدودة في لبنان، وتساهم بخلق نوع من الإستقرار.

إن تحوّل لبنان من موقع المتلقّي إلى موقع الورقة في مفاوضات معقدة بين واشنطن وطهران يحمل في طيّاته مخاطر وفرصاً. فبينما قد يشكّل ذلك مخرجاً للأزمة إذا نضجت التسويات الكبرى وتم توقيع الإتفاق النووي، إلا أنه يعرض البلد مجدداً لأن يكون ضحية لعبة الأمم بحال فشل التفاوض وعادت لغة النار من جديد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق