ذعر بين السياح.. ثوران جبل إتنا بصقلية يطلق عموداً هائلاً من الرماد - تكنو بلس

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ذعر بين السياح.. ثوران جبل إتنا بصقلية يطلق عموداً هائلاً من الرماد - تكنو بلس, اليوم الاثنين 2 يونيو 2025 03:25 مساءً

شهدت سفح جبل إتنا، أحد أكثر البراكين نشاطاً على سطح الكوكب، مشاهد من الذعر بين السياح صباح اليوم الاثنين، بعد أن أطلق البركان عموداً ضخماً ودخانيا من الرماد البركاني في سماء جزيرة صقلية الإيطالية، متسبباً في اضطرابات وتغيير لون السماء وتصعيد التحذيرات الأمنية والعلمية.

ثوران وطبيعة خطيرة

أكد المعهد الوطني الإيطالي للجيوفيزياء وعلم البراكين (INGV) في بياناته الفورية أن الثوران، الذي بدأ تصاعده خلال ساعات الليل وبلغ ذروته في ساعات الصباح الباكر، نتج عنه تدفق بركاني حطامي سريع وكثيف (يعرف علمياً بـ "تدفق البيروكلاستيك" أو "تدفق الحمم البركانية المفتتة الساخنة").

 وأشار المعهد، وفقاً لمراقبة مرصده البركاني في إتنا، إلى أن هذا التدفق الكثيف نجم على الأرجح عن انهيار جزئي في الحافة الشمالية للحفرة الجنوبية الشرقية للبركان، مما سمح بخروج مفاجئ وكثيف للمواد البركانية المتراكمة تحت الضغط. كما تحولت الانفجارات من النوع "السترومبولياني" (الذي يتسم بانفجارات متوسطة تلقذ الحمم لارتفاعات محدودة) إلى انفجارات "عالية الكثافة ومتواصلة تقريباً" وفق وصف البيان الرسمي.

استجابة الطوارئ والتحذيرات المتصاعدة

رداً على خطورة الموقف وتوسع عمود الرماد، أصدر المعهد (INGV) تحذيرا جويا باللون الأحمر - وهو أعلى مستوى في نظام التحذير البركاني للطيران - لفترة وجيزة خلال ذروة النشاط. هذا التحذير يلزم شركات الطيران بتغيير مسارات طائراتها تجنباً للممرات الجوية القريبة من العمود البركاني الذي يشكل خطراً داهما على محركات الطائرات. 

وبعد انحسار حدة الانفجار الأولي، تم تخفيض مستوى التحذير إلى اللون البرتقالي، مما يشير إلى أن الخطر ما زال قائماً لكنه أقل حدة، مع استمرار المراقبة الحثيثة بواسطة شبكة من الكاميرات الحرارية وأجهزة قياس الزلازل وأقمار المراقبة. وذكرت هيئة الحماية المدنية الإيطالية في بيان أنها على اتصال دائم بالسلطات المحلية في قرى وبلدات السفح الشرقي للبركان، وأكدت على ضرورة التزام السكان والزوار بتعليمات السلامة وعدم الاقتراب من المناطق المصنفة خطرة، خاصة القريبة من فوهات الثوران ومناطق تدفقات الحمم والرماد السابقة.

آثار ملموسة وتأثيرات أولية

رصدت فرق المعهد الوطني (INGV) وفرق الدفاع المدني المحلي تساقطاً طفيفاً للرماد البركاني في منطقة "بيانو فيتوري" الواقعة على السفح الجنوبي الشرقي للجبل، وهي منطقة زراعية وسياحية. وأفادت وسائل إعلام محلية مثل جريدة "لا سيسيليا" عن مشاهد رماد خفيف على أسطح المنازل والسيارات في بعض القرى المجاورة مثل نيكولوزي وزانكافانيا. 

ولحسن الحظ، لم ترد حتى الآن أي تقارير رسمية من السلطات الصحية في صقلية أو الدفاع المدني عن إصابات بشرية أو أضرار مادية جسيمة نتيجة هذا الثوران المحدود نسبياً مقارنة بثورانات سابقة عنيفة. ومع ذلك، فقد تسبب المنظر المهيب والدخان الكثيف في ذعر عشرات السياح الذين كانوا في المنطقة لمشاهدة البركان، واضطرت بعض الجولات السياحية إلى الإلغاء أو التعديل فوراً.

جبل إتنا.. عملاق لا يهدأ

يقع جبل إتنا على الساحل الشرقي لصقلية، ويعد ليس فقط أكثر البراكين نشاطاً في أوروبا، بل أحد أكثرها نشاطاً على مستوى العالم وفق تصنيفات منظمة اليونسكو التي أدرجته عام 2013 على قائمة التراث العالمي لطبيعته الجيولوجية الفريدة.

 ويبلغ ارتفاعه حوالي 3300 متر (يتغير باستمرار بسبب الثورانات). شهد الجبل، وفق سجلات المعهد الوطني (INGV)، نشاطاً ملحوظاً ومكثفاً خلال السنوات الخمس الماضية (2020-2025)، شمل عشرات الحلقات من الانفجارات "السترومبولية" والانبعاثات البركانية والتدفقات اللافية، بما في ذلك عدة ثورانات "باروكسيزمية" (مفاجئة وقوية) أحدثها بشكل ملحوظ في فبراير 2022. 

وتعد هذه الفورة المستمرة جزءاً من طبيعة البركان "الدرعي" الذي تتراكم فيه الضغوط تحت السطحية لتنفجر بشكل دوري لتفريغ هذه الطاقة، مما يجعله بمثابة مختبر طبيعي مفتوح للباحثين في علوم البراكين من حول العالم.

السياق العلمي والمراقبة المستمرة

يشرح الدكتور ماركو نيري، الباحث البارز في فرع المعهد الوطني (INGV) في كاتانيا، في تصريح صحفي سابق، أن "إتنا يتميز بنشاط شبه دائم، خاصة من فوهاته القمية. الانهيارات الجزئية لحواف الفوهات، كما حدث صباح اليوم، هي آلية طبيعية تسمح بانطلاق مفاجئ للغازات والمواد الصلبة المتراكمة، مسببة تدفقات حطامية سريعة قد تصل لمسافات محدودة لكنها خطيرة لمن يقترب".

 وتعمل شبكة المراقبة حول إتنا، والتي تعد من الأكثر تطوراً في العالم، على مدار الساعة لرصد أدنى تغير في النشاط الزلزالي أو الانبعاثات الغازية أو تشوهات التربة، مما يوفر بيانات حيوية للإنذار المبكر.

تأثيرات أبعد من السفح

بينما كانت التأثيرات المباشرة على الأرض محدودة في هذا الثوران، فإن عمود الرماد الضخم يثير دائماً قلقاً بشأن حركة الطيران.

و تستخدم منظمة الأرصاد الجوية العالمية (WMO) والمنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO) بيانات الأقمار الصناعية، مثل تلك التي توفرها وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) عبر برنامج كوبرنيكوس ومراقبة الأقمار الصناعية مثل Sentinel-2 وSentinel-5P، لتتبع انتشار سحب الرماد ونمذجة مساراتها. على الرغم من تخفيض التحذير إلى البرتقالي، تبقى شركات الطيران في حالة تأهب للتغيرات السريعة التي قد تطرأ على نشاط البركان.

الوضع الحالي والمستقبلي

تؤكد جميع الجهات المعنية – المعهد الوطني (INGV)، هيئة الحماية المدنية، السلطات المحلية في صقلية – أن تدفق الحمم البركانية وانبعاثات الرماد لا يزالان تحت المراقبة الحثيثة والدقيقة. لا تشير البيانات الحالية إلى ثوران كبير وشيك من نوع مختلف، لكن طبيعة إتنا المتقلبة تجعل الاستمرار في اليقظة أمراً حتمياً.

و تم توجيه تحذيرات متكررة للسكان في المناطق المعرضة للخطر وللآلاف من السياح الذين يتوافدون سنوياً لاستكشاف هذا العملاق الطبيعي الفريد، بأن يلتزموا بالمسارات الآمنة المحددة ويتبعوا تعليمات المرشدين والسلطات دون تردد.

ويظل جبل إتنا رمزاً لقوة الطبيعة وجمالها الخطير في آن واحد، وتذكيراً دائمًا بأن الأرض تحت أقدامنا حية ومتغيرة. وتراقب عيون العالم العلمي والسلطات الإيطالية هذا العملاق المتجدد بكل انفجاراته، كبيرها وصغيرها.

===

مصادر التقرير:

سكاي نيوز عربيىة

بيانات المعهد الوطني الإيطالي للجيوفيزياء وعلم البراكين (INGV) - فرع كاتانيا.

بيانات وتصريحات هيئة الحماية المدنية الإيطالية (Protezione Civile).

جريدة "لا سيسيليا" (La Sicilia) ووكالة الأنباء الإيطالية "أنسا" (ANSA) 

منظمة اليونسكو (UNESCO).

بيانات وكالة الفضاء الأوروبية (ESA).

مقابلات سابقة ومنشورات لـ الدكتور ماركو نيري (INGV).

المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO).

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق