متى يكون الصراع محفزاً لنمو الأعمال؟ - تكنو بلس

مديا 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
متى يكون الصراع محفزاً لنمو الأعمال؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 2 يونيو 2025 12:40 صباحاً

في بيئات العمل، لا يكون كل اختلاف بالضرورة مشكلة، فوجود تباين في الآراء، أو تقاطع في المصالح والأولويات، أو حتى توتر خفي في العلاقات المهنية ليس أمراً مستغرَباً في أي مؤسسة تنمو وتتطوّر. بل على العكس، قد يكون غياب هذه الظواهر هو الإشارة الأولى إلى أن شيئاً ما لا يعمل كما ينبغي.

كثير من المؤسسات تسعى إلى خلق انسجامٍ مطلق، ظنّاً منها أن الهدوء مرادف للاستقرار، وأن انعدام الخلاف علامة تدل على النضج الإداري. لكن الواقع يقول غير ذلك؛ فالهدوء أحياناً يخفي تحته جموداً، والاتفاق المفرط قد لا يكون ناتجاً عن انسجام حقيقي، بل قد يدل على غياب الحوار البنّاء، أو تحفظٍ غير مُعلن، أو حتى خوفٍ من الاصطدام.

ومع مرور الوقت، تبدأ المنظومة في فقدان حيويّتها ومرونتها الديناميكية تدريجيّاً، حتى وإن بدت على السطح مستقرة. ومن هذه النقطة تحديداً، تتسلّل إلى المشهد نظرية كثيراً ما غابت عن الأضواء رغم عمقها، تُعرف بـ«نظرية الصراع».

تنظر هذه النظرية إلى الخلاف بوصفه ظاهرة طبيعية، بل وضرورية في كثير من الأحيان. لكنها لا تتعامل مع «الصراع» ككتلة واحدة، بل تُجزّئه إلى ثلاثة مستويات: صراع منخفض قد يُخمد الحافز والإنتاجية، وصراع مرتفع قد يُربك الاستقرار وسير العمل، وبينهما المستوى المتوسط، حيث تتجلّى المساحة المثلى، والمتوازنة، التي يُدار فيها الصراع بوعي ليُصبح محرّكاً للإبداع والنمو.

حين يكون الصراع في أدنى مستوياته، تسود السطحية في الحوار. لا اعتراضات، لا نقاشات، لا أسئلة جوهرية. الموظفون لا يعارضون ليس اقتناعاً، بل لأنهم لا يجدون جدوى من الكلام. ومع الوقت، يتحول الفريق إلى خط إنتاج بلا شغف، يُنفّذ المطلوب فحسب.

أخبار ذات صلة

 

أما حين يتحرّك الصراع إلى المستوى المتوسط، تظهر المساحة التي تتحرك فيها الفرق بمرونة. يُسمَح بالاختلاف، ويُصغى للتنوع، وتُختبر الأفكار قبل أن تُعتمد. هنا، يُصبح الصراع أداة تُحفّز على الإبداع، وتُعمّق الأفكار، وتُعزّز جودة اتخاذ القرار.

لكن إن تجاوز الصراع هذا الحد، فإنه يتحوّل من نقاشٍ وحوارٍ بنّاء إلى حالة من الاستنزاف. يبدأ بتوتّر العلاقات، ويُربك فرق العمل، ويزرع الشكوك بدل الثقة. في هذا المستوى، ينحرف النقاش نحو دوافع شخصية، متجاهلاً جوهر العمل الفعلي. وفي هذه الحالة، لا تنهار المنظمات فوراً، لكنها تبدأ بالتآكل بشكل تدريجي. تبهت روح التعاون بين الفرق، ويكثر الانشغال بالردود لا الحلول، وتتحوّل الاجتماعات إلى معارك صامتة. وكل ذلك يُنهك الأداء دون أن يظهر مباشرة على السطح.

لهذا، لا يُفترض بالمؤسسات أن تخشى الصراع، بل أن تُجيد قراءته، وأن تفهم متى يكون غيابه خطراً، ومتى يكون حضوره مؤشّر خلل. وأن تُدرك أن التحدّي لا يكمن في منع الخلاف، بل في كيفية توجيهه ليعمل لصالح الفريق لا ضده.

في نهاية المطاف، يشبه الصراع شعلة في غرفة مغلقة إن أُهملت خمدت وأطفأت معها دفء الأفكار، وإن تُركت بلا تهوية اشتعلت حتى تحرق كل من فيها. لكن في المساحة بين الانطفاء والاحتراق ثمّة منطقة لا يراها إلا القادة الذين يديرون الصراع بحكمة، ويُحسنون توجيهه ليكون أداة محفّزة لنمو الأعمال.

فالصراع ليس عدوّاً بطبيعته، ولا صديقاً بالضرورة، بل طاقة حيوية تتشكّل بحسب من يوجّهها، وكيف يُدار مسارها. قد يدفع نحو ابتكار ونمو حقيقي، أو يُنهك الفرق في متاهات لا تنتهي. وبين هذا وذاك تظل الإجابة في يد كل مؤسسة: هل ستجعل من الصراع منطلقاً للنمو؟ أم بوابةً للانهيار؟

قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : متى يكون الصراع محفزاً لنمو الأعمال؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 2 يونيو 2025 12:40 صباحاً

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق