بين التسوية ونزع السلاح: هل يمكن دمج "حماس" سياسياً؟ - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بين التسوية ونزع السلاح: هل يمكن دمج "حماس" سياسياً؟ - تكنو بلس, اليوم الأحد 1 يونيو 2025 01:18 مساءً

بينما تستمر مفاوضات محاولات التوصّل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في غزة، وسط تعقيدات ميدانية وضغوط دولية، يظهر إلى السطح سؤال مركزي: هل يجري إعداد صيغة لدمج حركة "حماس" ضمن النظام السياسي الفلسطيني والعربي، مقابل نزع سلاحها أو تقليصه تدريجاً؟ 
كشفت مصادر مطلعة أن دولاً أوروبية وعربية تعمل بشكل مشترك على إعداد خطة تهدف إلى نزع سلاح حركة "حماس" وتحويلها إلى كيان سياسي بحت يمكن دمجه لاحقاً في النظام السياسي الفلسطيني. وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الفلسطيني بعد الحرب في غزة. وبحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ، فإن مسؤولين خليجيين أجروا اتصالات مباشرة مع الحركة، ولم يتضح بعد ما إن كانت فرنسا فتحت قنوات اتصال مشابهة. الهدف من الخطة، وفق المصادر، هو تمهيد الطريق أمام مشاركة "حماس" في أي حكومة فلسطينية مستقبلية، مقابل تخليها الكامل عن السلاح. في المقابل، تعارض إسرائيل المبادرة بشكل صارم، وتصرّ على ضرورة إنهاء أيّ دور سياسي أو عسكري لـ"حماس" بعد انتهاء الحرب. وتزامنت هذه التحركات مع الإعلان عن عقد مؤتمر دولي للسلام في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في 17 حزيران/يونيو المقبل، برعاية مشتركة من فرنسا والسعودية، لدعم تنفيذ حل الدولتين. ولم يعلن بعد الموقف الرسمي للولايات المتحدة من هذه المبادرة.

وجدّدت قيادات في السلطة الفلسطينية، بينها الرئيس محمود عباس ونائبه حسين الشيخ، مطالبتها حركة "حماس" بتسليم سلاحها لمصلحة وحدة المشروع الوطني الفلسطيني، وتعزيز المسار السياسي. ودعا عباس حركة "حماس" إلى إطلاق سراح الرهائن والتخلي عن مسؤوليتها عن قطاع غزة، وتسليم سلاحها إلى السلطة الفلسطينية، والتحول إلى حزب سياسي.
وقال عباس في كلمة خلال افتتاح أعمال الدورة الـ32 للمجلس المركزي الفلسطيني في رام الله أخيراً إن "حماس منحت الاحتلال المجرم ذريعة لارتكاب جرائمه في قطاع غزة، وأبرزها احتجاز الرهائن. أنا من يدفع الثمن، وشعبنا هو من يدفع الثمن".
وأشار عباس إلى أن القيادة الفلسطينية حددت أربع أولويات في هذه المرحلة؛ وهي "وقف الحرب على غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي ورفع الحصار عن القطاع وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، ومنع تهجير السكان وتثبيتهم في أرضهم، وحماية القضية الفلسطينية على المستوى الدولي والعمل وفق الشرعية الدولية".
ووجه رسالة قاسية التعبير إلى الحركة مطالباً إياها بالإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم.

ولكن السؤال هو: هل يمكن لـ"حماس" التخلي عن السلاح والاندماج في عملية سياسية؟ تختلف هنا الرؤى في الإجابة عن هذا السؤال الكبير. يشير البعض إلى التجربة الأفغانية كمثال على دمج حركة مسلّحة – "طالبان" – في الحكم. لكن المقارنة تُخفي فارقين جوهريين، الأول أن "طالبان" استولت على الحكم بالقوة، بينما "حماس" – رغم سيطرتها على غزة – تواجه ميزان قوى إقليمياً ودولياً مناهضاً. الثاني أن المجتمع الدولي اضطر للتعامل مع "طالبان" رغماً عنه، بينما في حالة "حماس"، يجري السعي إلى إعادة إدماجها بشروط.
مرة أخرى يظل السؤال يطل برأسه، هل "حماس" مستعدة للانتقال من السلاح إلى السياسة؟
ثمة مؤشرات متضاربة في محاولة الاجابة عن هذا السؤال. من جهة، أبدت "حماس" مرونة تكتيكية، وطرحت صيغاً لوقف إطلاق النار، وشاركت سابقاً في انتخابات 2006. وتشير تصريحات بعض قادتها إلى قبول ضمني بمرحلية في الصراع. من جهة أخرى، الحركة لا تزال تعتبر “المقاومة المسلحة” جوهر هويتها، وتخشى أن يؤدي نزع السلاح إلى فقدان تأثيرها وشرعيتها داخل الشارع الفلسطيني، وخاصة في ظل تراجع “فتح”.
ولكن تظل أولويات "حماس" في هذه المرحلة حاسمة. البقاء السياسي ومنع اجتثاثها من المشهد بعد الحرب إحدى هذه الأولويات. حماية بنيتها الاجتماعية والتنظيمية في غزة والضفة. الحصول على شرعية جزئية من خلال حكومة وحدة أو سلطة انتقالية. والحفاظ على سلاح “مقاومة مُسيطر عليها” ولو بشكل غير معلن، كما فعل "حزب الله" في لبنان.
حماس تميل إلى “صيغة لبنانية” أو “نموذج حزب الله”، أي المشاركة في الحكم من دون التخلي الكامل عن السلاح. قد تقبل بفكرة جيش وطني فلسطيني يدمج عناصرها، أو قوة أمنية مشتركة في غزة.
لكن السؤال هنا ليس ما الذي تريده "حماس"، بل ما الذي يمكن أن يُقبل عربياً ودولياً؟ مصر وقطر تفضّلان صيغة تضمن وحدة السلطة الفلسطينية، مع احتواء سلاح "حماس" تدريجاً. أما دولياً فإن واشنطن وأوروبا تشترطان نزع السلاح والاعتراف بإسرائيل، أو على الأقل الالتزام بإطار أوسلو. لكن هناك ليونة متزايدة إذا رُبط ذلك بتسوية شاملة و"ضمانات أمنية”. وهذا هو الموقف غير المعلن للعديد من القوى الإقليمية، عربياً وغير عربي.

دمج "حماس" سياسياً مشروط بإعادة تعريف دورها وموقعها، وليس فقط بنزع سلاحها. والنجاح في ذلك يعتمد على قدرة الوسطاء (قطر، مصر، تركيا) على فرض إطار تفاوضي مرن يتضمّن تقديم حوافز اقتصادية وسياسية للحركة ووجود مظلة فلسطينية جامعة (منظمة التحرير أو سلطة موسّعة) تقبل بإدماج تدريجي.
وفي كل الأحوال، القرار النهائي ليس بيد "حماس" وحدها، بل بيد معادلة إقليمية معقدة تشمل إسرائيل، إيران، والولايات المتحدة.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق