أكد الدكتور ياسر الهضيبي، عضو مجلس الشيوخ، أن القضايا البيئية المطروحة على مائدة المجلس خلال الاسبوع الجاري تمثل عمقا استراتيجيا للأمن القومي المصري، موضحا أنها ترتبط بشكل مباشر باستدامة الموارد وتحقيق التنمية الشاملة وضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة، خاصة في ظل تزايد تداعيات التغير المناخي عالميا، وما يفرزه من تحديات بيئية معقدة لا يمكن مواجهتها إلا برؤية وطنية شاملة تتكامل فيها السياسات العامة والتشريعات والوعي المجتمعي.

وقال "الهضيبي"،  أن المحاور الأربعة المطروحة للنقاش تتعلق بالتصحر ونقص الموارد المائية، وتأثير التغيرات المناخية على المناطق الساحلية، وتحديات تطبيق الاقتصاد الأزرق، وتقييم الأثر التشريعي لقانون المحميات الطبيعية،  مترابطة بطبيعتها وتحتاج إلى نظرة تكاملية بين الجهات المعنية، إلى جانب ضرورة وجود خطاب سياسي وإعلامي مسؤول يرفع من وعي المواطن المصري بدوره المحوري في حماية البيئة والموارد الطبيعية.

وأشار إلى أن مصر تواجه تحديات خطيرة في ملف المياه وتآكل الرقعة الزراعية، حيث تتزايد الضغوط نتيجة النمو السكاني وثبات حصة مصر من مياه النيل واستمرار الاعتماد على ممارسات زراعية تقليدية، وهو ما يؤدي إلى تصحر متسارع وتراجع في معدلات الأمن الغذائي، لافتا إلى أهمية استكمال جهود الدولة في مشروعات تبطين الترع والتحول لنظم الري الحديثة واستصلاح الأراضي من خلال توفير دعم تشريعي وتمويلي متكامل وتوسيع الاستثمارات البحثية في مجالات تطوير أصناف زراعية مقاومة للجفاف وبرامج ترشيد استخدام المياه.

وفيما يخص المناطق الساحلية، حذر "الهضيبي"، من التأثيرات المباشرة للتغير المناخي، خاصة في دلتا النيل والساحل الشمالي، حيث يؤدي ارتفاع منسوب سطح البحر إلى تآكل السواحل وتهديد المجتمعات الساحلية والبنية التحتية والأنشطة الزراعية والسياحية، داعيا إلى وضع خارطة طريق واضحة لحماية هذه المناطق تشمل إعادة التأهيل المجتمعي والبيئي، وتعزيز قدرات التكيف المحلي، وبناء نظام إنذار مبكر فعال، إلى جانب دمج الاعتبارات المناخية في التخطيط العمراني والمشروعات الاستثمارية المستقبلية.

وعن الاقتصاد الأزرق، أكد عضو مجلس الشيوخ أن مصر تمتلك موقعا استراتيجيا يؤهلها لأن تكون من الدول الرائدة في هذا المجال الذي يعتمد على الاستخدام المستدام للموارد البحرية في السياحة والمصايد والطاقة والنقل البحري، مشيرًا إلى أن هذا الملف لا يزال يعاني من غياب استراتيجية شاملة وضعف في التنسيق المؤسسي وافتقار للتشريعات المنظمة، وهو ما يتطلب الإسراع بوضع أطر قانونية محفزة وإنشاء هيئة عليا متخصصة لدعم هذا القطاع وإشراك القطاع الخاص والمجتمعات المحلية في مشروعاته التنموية.

وشدد  "الهضيبي"،  على أن مرور أكثر من أربعة عقود على صدور القانون رقم 102 لسنة 1983 لم يكن كافيا لمواكبة التحديات الراهنة، حيث تعاني العديد من المحميات من ضعف الموارد وتعديات بشرية وانخفاض مستوى الوعي البيئي، فضلا عن غياب أدوات التمويل المرنة وآليات جذب الاستثمار، مطالبا بمراجعة القانون بما يسمح بإنشاء كيانات متخصصة لإدارة المحميات بطريقة متوازنة بيئيا واقتصاديا وتعزيز مشاركة المجتمعات المحلية في جهود الحماية.

وأكد النائب ياسر الهضيبي،  أن الحفاظ على البيئة لم يعد رفاهية بل ضرورة وجودية في عالم يتغير بوتيرة متسارعة، موضحا أن مصر بما تمتلكه من إرادة سياسية وموارد بشرية وموقع جغرافي متميز قادرة على أن تكون نموذجا إقليميا في التنمية البيئية المستدامة إذا ما توفرت الإرادة التشريعية والإدارية والتمويلية اللازمة، مشددا على أن مناقشة هذه الملفات يجب أن تكون بداية لحزمة من الإجراءات الواقعية والسياسات القابلة للتطبيق وتشريعات محدثة تعكس التحديات البيئية المعاصرة.