نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أحلام بوتين العظمى! - تكنو بلس, اليوم الجمعة 30 مايو 2025 02:37 مساءً
عقب أكبر الهجمات الروسية بالمسيرات والصواريخ، منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، صعّد دونالد ترامب لهجته تجاه فلاديمير بوتين، قائلاً: "ما لا يدركه فلاديمير بوتين هو أنه لولا وجودي، لكانت حدثت بالفعل أمور سيئة جداً لروسيا، وأنا أعني ذلك تماماً. إنه يلعب بالنار!". وسبق أن قال ترامب عن بوتين: "كانت العلاقة جيدة جداً، لكن ثمة شيء أصابه، لقد أصبح مجنوناً ".
فهل تدخل العلاقات بين الرئيس ترامب والرئيس بوتين مرحلة الأزمة؟
تثير هذه التطورات مراكز التفكير الأميركية لإجراء عمليات محاكاة افتراضية متسلسلة لما يمكن أن يحلم به بوتين، ولما يمكن أن تكونه أهدافه المثالية والنهائية على الصعيد الكوني، إذ لا يبدو أن الصعود الراهن للاستراتيجية الكونية الروسية قد وصل إلى ذروته بعد، بل يبدو أنه لا يزال صاعداً، أقلّه على المدى المتوسط!
فلقد حقّقت الديبلوماسية الروسية، العلنية والسرية، نجاحات تجعلها في مصاف أرقى الديبلوماسيات.
ومن أهم مؤشرات هذا الصعود، ذلك الانعطاف الكبير في الموقف الأميركي على الصعيد العالمي، انعطاف خدم بشكل حاسم الأهداف الروسية الكونية، وبدأ من تدهور العلاقات الأميركية مع الحلفاء التقليديين، وقطع العلاقات وقطع تبادل المعلومات الاستخبارية، العملياتية والتكتيكية معهم، وكسر الموقف العسكري والسياسي الأوكراني، وإيقاف توريد الأسلحة إلى كييف، وإعادة تأسيس مبادئ السياسة الخارجية الأميركية؛ وكلها تؤدي بالمجمل إلى تفكيك جوهر التحالف الغربي.
لنبدأ بالأحلام الروسية الافتراضية تجاه أوكرانيا:
ثمة رأي يقول بأنه يمكن تلخيص الأحلام الروسية المثلى بأن تنتهي الحرب الراهنة إلى عملية سلام تضمن:
1. أن لا توضع أيّ قيود على الموقف العسكري الروسي، ولا على قدرة روسيا على نشر قواتها على خطوط التماس مع أوكرانيا، في حين تكون الحدود من الجهة الأوكرانية منزوعة السلاح تماماً.
2. أن لا توجد أي قوات لحلف الأطلسي لحفظ السلام على الأراضي الأوكرانية.
3. قطع الرأس السياسي لأوكرانيا بشكل كامل، وربما ترحيل زيلينسكي وكبار موظفيه إلى روسيا لمحاكمتهم.
4. اعتراف علني من أوكرانيا بأنها بدأت الحرب، وبالتالي إقرارها بأنها مدينة لروسيا بتعويضات الحرب، بل وأن تعلن الولايات المتحدة أن الحرب كانت خطأ أوروبا، مما يضع أعباء تعويضات الحرب على كاهل أوروبا.
5. فرض عقوبات أميركية على الدول الأوربية التي تخرق حظر تسليح أوكرانيا.
6. أن تقوم الولايات المتحدة بتمويل إعادة بناء البنية التحتية المتضررة في أوكرانيا، بما في ذلك خطوط أنابيب النفط والغاز الروسية العابرة نحو أوروبا.
7. وقف صادرات الغاز الطبيعي الأميركي المسيّل إلى أوروبا، ودفع أوروبا إلى العودة للاعتماد على الطاقة الروسية.
8. اعتراف الولايات المتحدة الرسمي بأن الأراضي التي تحتلها روسيا في أوكرانيا ومولدوفا وجورجيا هي أراض روسية بشكل نهائي.
9. حظر كامل على عمليات نقل الأسلحة الأميركية والمساعدات المدنية لأوكرانيا، بل تواجد وكلاء من الجمارك الروسية في كل منافذ الدخول الأوكرانية لضمان تطبيق هذه الشروط.
10. التعاون النشط بين الأجهزة الأميركية والروسية لفرض امتثال أوكرانيا وأوروبا لهذه الشروط.
11. إلغاء التصنيع الحربي الأوكراني، وبخاصة صناعات الطائرات من دون طيار والأسلحة الذكية.
12. أن يتم إنجاز كل ذلك في سياق صفقة ثنائية بين الولايات المتحدة وروسيا، تستبعد منها أوروبا.
ويمكن أن نفترض أن هذه الأحلام تمتدّ أوروبياً بالطبع نحو:
1. إنهاء حلف الناتو.
2. وقف مجمل التعاون الاستخباري الأميركي في أوروبا.
3. تسليم أصول الاستخبارات الأميركية في أوروبا للسيطرة الروسية.
ثم ماذا عمّا يفترض أن يحلم به بوتين أميركياً، سواءٌ على الصعيد الاستراتيجي أم الاقتصادي؟
1. أن يسمح لوسائل الإعلام الحكومية الروسية بالعمل بحرية في مجال الاعلام الأميركي.
2. إنهاء الواردات الأميركية من المنتجات الزراعية الكندية واستبدالها بواردات من روسيا.
3. إلغاء برنامج كاسحات الجليد الأميركية في القطب الشمالي، وإيقاف تشغيل السفن الحالية في تلك المناطق.
4. إعفاء روسيا من كل الديون الأميركية، وإعادة دمج الاقتصاد الروسي في النظام المالي الأميركي، وتقديم ضمانات أميركية لدعم السندات الروسية.
5. استخدام ضمانات الحكومة الأميركية لتحفيز الشركات الأميركية على الاستثمار في الصناعات الروسية، خاصة في مجالي النفط والغاز، بما فيها الاستثمارات في الأراضي الأوكرانية.
6. زيادة استخدام أميركا للعملات البديلة للدولار كالعملات المشفرة. 7. رفع العقوبات عن صناعة الرقائق الصينية، مما يسمح بنشوء سلاسل توريد بديلة تتيح هذه المكونات لروسيا.
ثم ماذا على الصعيد الكوني؟
يمكن أن نفترض أن يحلم بوتين بـ:
1. كسر التحالفات النووية الأميركية مع بريطانيا وفرنسا.
2. إنهاء الوجود البحري الأميركي في القواعد الاستراتيجية في اسكتلندا وقبرص وجبل طارق ودييغو غارسيا.
3. تشجيع خروج اسكوتلندا من التحالف الأطلسي.
4. حظر الأسلحة النووية على السفن البحرية الأميركية.
5. تفكيك منظومات المعلومات الكونية بين ما يسمّى بمنظومة Five Eyes، وهي منظومة معلومات لعدد من الدول الغربية، تقوم بمراقبة كل عمليات تبادل المعلومات الكونية.
5. إنهاء التحالف الأميركي المباشر مع الدول الاسكندنافية ودول البلطيق، وإنهاء السيطرة الغربية على بحر البلطيق.
لا يستهدف هذا الاستعراض شيطنة التطلعات الروسية الافتراضية، لكننا نتأمل ونستقرئ ما يتطلبه تحقيق ذلك من توافقات أو من صراعات، بما يسمح لنا بالتنبؤ بالخطوات الروسية المقبلة، كما أنه يوضح احتمالات التوافق أو النزاع بين بوتين وترامب.
والأهمّ من كل هذا التمرين أن نلاحظ أن بعض هذه الأهداف قد تحقق فعلاً.
هل يعني ذلك أن بقية هذه الأحلام ستتحقق؟
ثمة مؤشرات إلى أن الديبلوماسية الروسية، العلنية السرية، تعمل في كل هذه الاتجاهات. لذلك تشكّل القدرة على استقرائها تمريناً فكرياً واستراتيجياً لإنتاج إطار تقييميّ لقرارات الإدارة الأميركية ومدى توافقها أو تناقضها مع الرؤية الروسية.
فهل يعبّر هذا الصدام بين ترامب وبوتين عن احتمال تداعي منجزات الديبلوماسية الروسية في الساحتين الأميركية والدولية؟
قد تكون مجرد سحابة صيف تعود فيها المياه إلى مجاريها! أو أنها تنذر بارتداد جديد في العلاقات بين البلدين، وفي الوضع الدولي بأسره. فلقد تجاوز الأمر مجرد انهيار قواعد التعايش السلمي والقانون الدولي، وتجاوز تداعي مؤسسات حلّ النزاعات في العالم.
ومع تصاعد الصدام بين أهداف القوى الدولية الكبرى وتلويح ميدفيديف، رئيس مكتب الأمن القومي الروسي، بحرب عالمية ثالثة، يصير العالم، من جديد، على حافة هاوية أخطر من أيّ وقت مضى، منذ انهيار التحاد السوفياتي!
0 تعليق