نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ارتفاع عوائد السندات الأميركية واليابانية: توترات ائتمانية وتغيرات نقدية تُربك الأسواق - تكنو بلس, اليوم الجمعة 30 مايو 2025 10:08 صباحاً
شهدت الأسواق المالية الأسبوع الماضي تقلبات ملحوظة في سوق السندات، حيث ارتفعت عوائد السندات الأميركية واليابانية بشكل لافت نتيجة مزيج من العوامل السياسية، الائتمانية والنقدية التي دفعت المستثمرين إلى إعادة تسعير المخاطر والتخلي عن أدوات الدين ذات العوائد المخفوضة، والتوجه نحو السندات الطويلة الأجل التي تتطلب علاوة مخاطرة أكبر في ظل الضبابية الراهنة.
في هذا الإطار، تلقت أسواق الدخل الثابت صدمة من الاتجاه المتغير في تصورات المستثمرين حول ما إذا كانت السندات الأميركية أو اليابانية، يمكن أن تستمر في لعب دور "الملاذ الآمن" في ظل التغيرات السياسية والاقتصادية العالمية.
الولايات المتحدة: ضغوط سياسية ومخاوف ائتمانية
جاء ارتفاع عوائد السندات الأميركية مدفوعاً بمزيج من العوامل السلبية، أبرزها قرار وكالة "موديز" خفض النظرة المستقبلية للتصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة، في ظل استمرار اتساع العجز المالي وارتفاع مستويات الدين العام. هذا القرار سلط الضوء على المخاوف المتزايدة بشأن استدامة المالية العامة الأميركية على المدى الطويل، ما دفع المستثمرين الى المطالبة بعلاوة مخاطر إضافية للاحتفاظ بالسندات الحكومية.
الأمر لم يتوقف هنا، فقد ساهمت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول إمكان فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على المنتجات الأوروبية في زيادة التوترات التجارية، رغم أنه تم لاحقاً تأجيل تنفيذ هذه الرسوم، مما خفف جزئياً من حدة المخاوف في الأسواق. وفي الوقت نفسه، يستمر الجدل الداخلي في الكونغرس حول بنود مشروع قانون الضرائب الجديد، والذي قد يؤدي إلى تقليص الإيرادات الحكومية على المدى المتوسط.
كل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عاماً إلى 5%، وهو أعلى مستوى منذ 2007، وارتفاع عوائد السندات لأجل 10 سنوات إلى 4.5%. كما أدى الضغط البيعي إلى اتساع الفارق بين السندات القصيرة والطويلة الأجل، في إشارة إلى تصاعد حالة القلق بشأن الآفاق الاقتصادية على المدى البعيد.
بالتوازي، أظهر تراجع الدولار الأميركي في مقابل سلة العملات الرئيسية أن الأسواق لم تعد ترى في العملة الأميركية ملاذاً آمناً كما في السابق، ما يُضعف من مركزية الدولار في النظام المالي العالمي ويزيد الضغط على تكلفة الاقتراض الأميركية.
اليابان: تقلبات في العوائد وسط توقعات بتشديد السياسة النقدية
على الجانب الآخر، سجلت عوائد السندات اليابانية قفزة جديدة، مدفوعة بارتفاع التوقعات بأن بنك اليابان المركزي سيتخلى قريباً عن سياسته الفائقة التيسير، مع تزايد الضغوط التضخمية، وصدور بيانات تشير إلى نمو في الأجور وأكلاف المعيشة.
بلغت عوائد السندات اليابانية لأجل 10 سنوات 1.575%، وهو أعلى مستوى منذ عام 2008، في حين ارتفعت عوائد السندات لأجل 30 عاماً إلى 2.495%، ولأجل 40 عاماً إلى 2.845%، ما يشير إلى أن السوق باتت تتوقع تعديلاً فعلياً في الفائدة خلال النصف الثاني من هذا العام.
سندات أميركية ويبانية (وكالات)
ومما زاد الضغط على السوق، نتائج المزادات الحكومية الأخيرة التي أظهرت ضعفاً ملحوظاً في الطلب على السندات الطويلة الأجل، ما دفع العوائد إلى مستويات مرتفعة غير معتادة في السوق اليابانية المعروفة بثبات عوائدها.
لكن مع نهاية الأسبوع، شهدت العوائد تراجعاً عقب تقارير إعلامية أفادت أن وزارة المالية اليابانية تدرس تقليص حجم إصدار السندات الفائقة الطول، مثل سندات الثلاثين والأربعين عاماً، في محاولة لتخفيف الضغوط على منحنى العائد وضبط التوازن بين العرض والطلب في السوق.
الأسواق تعيد تسعير الأمان
يُظهر التباين بين تراجع الدولار الأميركي وارتفاع عوائد السندات الأميركية أن المستثمرين أصبحوا أقل ثقة بالأصول الأميركية كملاذ آمن تقليدي. في الوقت ذاته، تشير التحركات في اليابان إلى نهاية محتملة لحقبة التيسير المطلق، التي استمرت عقوداً، وربما بداية عهد جديد لسياسة نقدية أكثر مرونة وتجاوباً مع المتغيرات التضخمية.
ومع استمرار التوترات الجيوسياسية، من الرسوم الجمركية المحتملة إلى إعادة تشكيل العلاقات بين كبريات الاقتصادات، والضبابية حول مستقبل السياسات المالية والنقدية في أبرز الاقتصادات المتقدمة، تبدو الأسواق في طور إعادة التوازن. العالم يدخل مرحلة جديدة لم تعد فيها أدوات الدين الحكومية والعُملات الاحتياطية محصّنة من المخاطر، ولم يعد "الأمان" مضموناً فيه كما كان من قبل.
**خالد الخطيب، محلل الأسواق في EasyMarkets
0 تعليق