نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الحاجة العربيّة إلى الأردن - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 27 مايو 2025 10:13 مساءً
من يتمعن في التاريخ الحديث للمنطقة العربية يكتشف أهمّية المملكة الأردنيّة التي احتفلت قبل بضعة أيام بالعيد الـ79 لاستقلالها. أعلن استقلال الأردن من لندن وعمان في الوقت ذاته في 25 أيار /مايو من عام 1946.
ليس الأردن ظاهرة عابرة بأي شكل، بل هو أكثر من ضروري لاستقرار المنطقة. هذا ما أثبتته الأحداث مرّة تلو الأخرى كما أثبتت أن رهان ملوك الأردن، منذ الاستقلال، كان رهاناً في محله، خصوصاً أنّه كان رهاناً على الإنسان قبل أي شيء آخر. كان ذلك في بلد لا يمتلك ثروات طبيعية كبيرة، إضافة إلى أنّه من أفقر بلدان العالم من زاوية امتلاك الثروة المائية.
طوال 79 عاماً لا يزال السؤال المطروح ذاته. ما سرّ الأردن ولماذا ذلك الميل إلى الاستخفاف بالأردن، وهو ميل لدى الذين لا يعرفون بالمنطقة قبل غيرهم. يشمل ذلك في طبيعة الحال مسؤولين إسرائيليين لا يمتلكون القدرة على فهم ما هي المملكة الأردنيّة الهاشمية ولماذا استطاعت تجاوز كلّ التحديات التي مرّت بها منذ قيامها.
لم يمرّ بلد في المنطقة بالتحديات التي مرّ بها الأردن الذي واجه الموجة الناصرية، نسبة إلى جمال عبد الناصر، واستطاع تجاوزها بعدما كلفته الكثير. كلفت الناصرية بين ما كلفته زجّ الأردن بحرب 1967. أدى ذلك إلى خسارة الضفّة الغربية والقدس الشرقية ووقوعهما تحت الاحتلال الإسرائيلي. حصل ذلك في ضوء جهل الضابط الريفي جمال عبد الناصر بما يدور في المنطقة والعالم.
استطاع الأردن حماية القضيّة الفلسطينية في كلّ وقت. لا يزال حاجزاً في وجه تهجير مواطني الضفّة الغربية في ضوء الرسالة الواضحة التي وجهها الملك عبدالله الثاني إلى بنيامين نتنياهو وحكومته. فحوى تلك الرسالة أن الأردن مستعد للدفاع، بكل ما لديه من قوة، عن حدوده في حال عملت إسرائيل على تهجير مواطني الضفّة الغربيّة في اتجاه أراضيه. بكلام أوضح، الأردن مستعد للذهاب بعيداً في مواجهة إسرائيل عندما تقتضي الحاجة ذلك.
لم يتخلّ الأردن يوماً عن القضيّة الفلسطينية. أنقذ الفلسطينيين من أنفسهم عام 1970 عندما سعت المنظمات الفلسطينية المسلحة إلى الحلول مكان الدولة الأردنية. قطع الملك حسين الطريق على مشروع الوطن البديل بعدما رفعت منظمات فلسطينية شعار "طريق القدس تمرّ بعمّان" وبعدما عبث المسلحون الفلسطينيون بالأمن الأردني وخطفت إحدى المنظمات طائرات ركاب مدنية تمتلكها شركات أوروبيّة وأخذتها إلى الأراضي الأردنية... ثمّ فجرتها في ما سمّته "مطار الثورة"!
من المفيد ملاحظة أن إسرائيل، منذ احتلالها للضفّة الغربيّة، رفضت في كلّ وقت التوصل إلى اتفاق فك اشتباك مع الأردن على غرار الاتفاقات التي توصلت إليها مع مصر أو مع سوريا. كان هذا الرفض دليلاً واضحاً على رفض الدولة العبريّة التفاوض مع الأردن في ما يخص الضفّة الغربيّة. المؤسف أنّ المجموعة العربيّة سهلت على إسرائيل هذه المهمّة عندما اتخذت في قمة الرباط، التي انعقدت عام 1974، قراراً يعتبر منظمة التحرير الفلسطينية "الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني".
تجاهل العرب أن مثل هذا القرار يخدم إسرائيل من الناحية القانونيّة، نظراً إلى أن الضفة الغربية كانت قبل احتلالها تحت السيادة الأردنيّة وليس تحت سيادة منظمة التحرير الفلسطينية...
لم يترك الأردن مناسبة إلّا وتصدّى فيها لمحاولة إسرائيل تصفية القضيّة الفلسطينيّة. ذهب عبدالله الثاني مرّات عدّة إلى واشنطن لتأكيد أن لا مفرّ من إقامة دولة فلسطينية مستقلة في حال كان مطلوباً جعل الاستقرار يعمّ المنطقة.
في كلّ يوم يمرّ تظهر الحاجة العربيّة إلى الأردن، خصوصاً إذا نظرنا إلى ما يجري في العراق أو في سوريا وما ترتكبه إسرائيل في حق الفلسطينيين. وجد الأردن كضرورة إقليمية وحاجة عربيّة لمواجهة المخطط اليميني الإسرائيلي الذي يعتقد أنّ ما ارتكبته "حماس" في غزّة يشكّل فرصة لتصفية القضية الفلسطينية!
0 تعليق