قاضيان وحُكمٌ مختلف… فمن أنصف الطالب؟ - تكنو بلس

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قاضيان وحُكمٌ مختلف… فمن أنصف الطالب؟ - تكنو بلس, اليوم الجمعة 23 مايو 2025 10:10 مساءً

بقلم ـ علي بن موسى خبراني

يقف الطالب في نهاية مشواره الدراسي بالصف الثالث الثانوي على منصة الحياة، يُحاكَم بين قاضيين: أحدهما يُدعى وزارة التعليم، والآخر هيئة تقويم التعليم. كلاهما يلبس وشاح العدالة، وكلاهما يرفع مطرقة التقييم، لكن العجب كل العجب أن الأحكام التي يصدرانها مختلفة، بل متضاربة!

وزارة التعليم، القاضي الأول، تنظر إلى الطالب بعين الرضا، ولها الحق في ذلك؛ فمن يقف بين يديها ويُعدّ في حكم المجني عليه، هو أحد أبنائها. فتحنو عليه في المحاكمة، وتمنحه الجلسات الكافية، وتُتيح له الفرص العديدة قبل إصدار الحكم. بل إنها لا تحاكمه إلا على نتاج عمله ومحصلته العلمية خلال كل أربعة أشهر، في سياقٍ دراسي واضح ومحدد.

وهنا، تسهُل قضية المحاكمة على المجني عليه، فيجيب على كل الأسئلة لعلمه المسبق بما سيسأل عنه، بمنهج محدود، وزمن معروف. ومن هنا تكون نتيجة المحاكمة في صالحه؛ فتتصفح الوزارة ملف درجاته المليء بالأرقام العالية، والشهادات الممتازة، والمعدلات التي تلامس سقف الكمال، ثم تُصدر حكمها:

“طالبٌ متميز، اجتاز مرحلة التعليم العام بنجاح باهر.”

يبتسم الطالب لهذا الحكم، يشعر بالطمأنينة، ويتهيأ للانتقال إلى المرحلة التالية من حياته.

لكن المشهد لا يكتمل هنا…

يدخل القاضي الثاني: هيئة تقويم التعليم والتدريب، تنظر إلى الطالب بنظرةٍ أكثر حدة، لا تعتمد على أوراق المدرسة، بل تضعه مباشرة في قاعة اختبار القدرات والتحصيلي. وتبدأ فصول محاكمة أخرى، فيها قاضٍ جديد، تختلف معاييره تمامًا عن سابقتها.

في هذه المحاكمة، تُطرح أسئلة غريبة، لا تمتّ لما درسه الطالب في عامه الأخير بصلة، ولا لما شرحه له معلمه. إنها لا ترتبط بزمنٍ معين، ولا بمنهجٍ محدد، بل تقيس ما تراكم من معارف ومهارات خلال سنواتٍ طويلة، بأسلوب مختلف ووسائل غير مألوفة.

فيعجز الطالب عن الإجابة الدقيقة، وتأتي النتيجة على غير المتوقع. يُصدر القاضي الثاني حكمه:

“نتيجتك منخفضة، قدراتك لا تؤهلك كما كنت تظن.”

هنا يُصاب الطالب بالذهول، ويتساءل: كيف له أن يكون متميزًا في نظر قاضٍ، ومقصِّرًا في عين الآخر؟

وفي خضم هذا الارتباك، يظهر الجاني في قاعة المحكمة التعليمية: المعلم.
ذلك الذي أعطى درجات بسخاء، ربما ليرضي الإدارة، أو ليجنب نفسه المساءلة.
وهنا، لا يفلت الجاني من المحاسبة، فينال نصيبه من الأحكام التوبيخية، جزاء ما اقترفه في حق الطالب

ويبقى الطالب، المسكين، هو الضحية الأولى لقاضيين لم يتفقا على معيار العدالة، فتركاه في منتصف الطريق، تائهًا بين الأمل والإحباط.

فمن يُنصف هذا الطالب؟

أليس من حقه أن تكون العدالة التعليمية متسقة؟
أن يتوافق ما يُعلَّم له في المدرسة مع ما يُختبَر فيه لاحقًا؟
أما آن للأحكام أن تتوحّد، وللقضاة أن يتشاوروا، ويوحّدوا معاييرهم وطريقة محاكمتهم للمجني عليه والجاني؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق