نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
كيف سيستفيد لبنان من رفع العقوبات عن سوريا؟ - تكنو بلس, اليوم الجمعة 23 مايو 2025 05:42 صباحاً
يمكن تعداد الفوائد و"الخيرات" التي سيجنيها الاقتصاد اللبناني من رفع العقوبات الدولية عن سوريا، بتعداد الحاجات السورية التي كانت تؤمنها السوق اللبنانية إلى السوق السورية.
يكفي أن تعود حركة حركة التصدير والاستيراد في سوريا إلى طبيعتها، لتتوافر السيولة الكافية بالدولار في السوق السورية، فيتوقف تلقائياً نزف العملات الأجنبية من السوق اللبنانية نحو سوريا، بما سيخفف حتماً الضغوط النقدية على مصرف لبنان من جهة، ويزيد من قدرته على استحواذ الفائض الدولاري في السوق من جهة أخرى.
كذلك سيسمح تحرير الاستيراد المباشر إلى سوريا، في المقابل، بتقليص حجم فاتورة الاستيراد اللبناني التي تضاعفت بفضل التهريب، وتموين السوق السورية، حيث سيتحقق تلقائياً خفض ملموس في ميزان المدفوعات، واستعادة جدية لبعض التوازن المالي.
ومن أكثر الأمور إلحاحاً وإفادة للوضع اللبناني ما يتعلق بالطاقة، خصوصاً إذا تم فك أسر استيراد الغاز المصري عبر سوريا، لزوم معامل إنتاج الكهرباء في دير عمار والزهراني، والمعامل الجديدة التي قد تأتي لاحقاً، بالإضافة إلى السماح باستجرار نحو 250 ميغاواط من الأردن، بما سيسمح بزيادة التغذية الكهربائية ورفعها إلى نحو 15 أو 18 ساعة يومياً.
قد يكون للبنان فرصة أن يكون في صلب إعادة البناء، والاستثمارات في سوريا، وينتظر قطاع المقاولات، والمؤسسات المالية والمصرفية والتأمين، وقطاع التكنولوجيا الحديثة التي يبرع اللبنانيون فيها، وصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية وغيرها من مشاريع البنى التحتية والاتصالات الكثير من الفرص الذهبية، خصوصاً أن التقديرات الأولية تفيد بحاجة سوريا إلى نحو 400 مليار دولار لإعادة الإعمار والنهوض بالاقتصاد.
لكن الباحث الاقتصادي زياد ناصر الدين يبدأ حديثه بالإشارة إلى أن "آليّة تنفيذ قرار رفع العقوبات عن سوريا، تستغرق وقتاً كبيراً، عدا عن الكلفة الباهظة التي يتطلبها مشروع إعادة إعمارها".
وفق ناصر الدين، نقاط الضعف في الاقتصاد السوري تشكل نقاط قوّة للاقتصاد اللبناني، والعكس صحيح، بيد أن العقوبات المفروضة على سوريا كانت لها انعكاسات سلبية كبيرة على لبنان. ومن أبرز هذه الانعكاسات أنها زادت الضغط على الاقتصاد اللبناني، خصوصاً في ظلّ غياب القرار السياسي بعودة النازحين السوريين، علماً بأن كلفة النزوح على لبنان، وفقاً لتقديرات البنك الدولي تراوح بين 2.5 إلى 3 مليارات دولار سنوياً، أي ما مجموعه نحو 40 مليار دولار.
شهد القطاع السياحي في لبنان تراجعاً فاق 30% بسبب الحصار وظروف الحرب، بلغت خسائره نحو 2.5 مليار دولار، فيما انخفضت الصادرات اللبنانية من 5 مليارات دولار إلى ما يقارب 1.8 مليار دولار، إضافة إلى التحديات الديموغرافية الكبيرة، واستهلاك الكهرباء الذي بلغ نحو 350 ميغاواط أي ما يعادل نحو 170 مليون دولار سنوياً، إلى جانب الضغط على استهلاك المياه والبنى التحتية عموماً، وسوق العمل، وتراجع أجور العمال، وتأثر التركيبة السكانية، والخدمات التعليمية والصحّية.
يؤكد ناصر الدين أن "من شأن رفع العقوبات أن يخفف من الأعباء على الاقتصادين اللبناني والسوري معاً، ويفتح المجال لتحسين حركة النقل، وقد يسهّل عمليات تزويد لبنان بالغاز والكهرباء من خلال مشاريع خطوط الإمداد التي طُرحت سابقاً، وقد يصبح تنفيذها أسهل في حال رفع العقوبات".
وفيما قد تشكل إعادة إعمار سوريا فرصة اقتصادية للبنان، خصوصاً عبر مرافئه، لا ينكر ناصر الدين وجود آثار سلبية، وتحديداً في ما يتعلق بفقدان اليد العاملة السورية وخصوصاً إذا بدأت مرحلة الإعمار في سوريا قبل لبنان. إلى ذلك، يتوقع ناصر الدين أن تنشأ منافسة في مجال الاستثمارات مع بروز سوريا كوجهة جاذبة للشركات العربية الكبرى، بما قد يؤدّي إلى تراجع دور مطار ومرفأ بيروت. وبالرغم من الدور الواعد لمرفأ طرابلس في المرحلة المقبلة، لا يمكن تجاهل التزام دولة الامارات العربية بتطوير مرفأ طرطوس باستثمار قيمته 800 مليون دولار، مع ما يعنيه ذلك من استثمارات كبيرة مرتقبة خلال السنوات المقبلة.
وفق ناصر الدين، الإفادة الفعلية من رفع العقوبات تتطلب التأسيس لاتفاقيات تجارية واقتصادية مدروسة بين البلدين، تنطلق من مكامن القوّة والضعف لدى كلّ منهما، بدلاً من ترك الأمور خاضعة لشروط عشوائية، خصوصاً أن السوق السورية كبيرة، ولبنان بحاجة ماسّة إلى إنهاء الحرب ورفع العقوبات، كي يتمكن من أداء دوره كممر عبور (ترانزيت) نحو الدول العربية لاحقاً.
ويختم ناصر الدين: رفع العقوبات عن سوريا ستكون له بطبيعة الحال تداعيات اجتماعية واقتصادية، وهي ستتحدد وفقاً للدور الوظيفي الجديد الذي يُرسم لدول المنطقة. فسوريا اليوم تسعى إلى تأمين موقع فاعل في سياق الترتيبات الإقليمية المقبلة، لا سيما في ما يتعلق بإعادة الإعمار. ومع ذلك، فإن السؤال الجوهري يبقى: هل هناك إرادة حقيقية لرفع العقوبات؟
0 تعليق