العراق وبناء الثقة مع النظام السوريّ الجديد! - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
العراق وبناء الثقة مع النظام السوريّ الجديد! - تكنو بلس, اليوم الاثنين 19 مايو 2025 01:13 صباحاً

يشترك العراق مع سوريا في حدود برية طويلة  تبلغ أكثر من 600 كلم، وهي مساحات شاسعة تتطلب تعاوناً ثنائياً جاداً بين البلدين، للحد من تهريب المخدرات والسلاح والنفط والسلع المحظورة، ومنع تسلل الجماعات الإرهابية، وتحديداً عناصر تنظيم "داعش" الذين كانوا يتنقلون بحرية بين البلدين.

هذه الحدود تبقى أيضاً منطقة اشتباكٍ محتمل بين فصائل مسلحة على الجانبين، ما يفرض أن تكون هناك مقاربة عملية بين بغداد ودمشق، تعالج مخاوف الدولتين، وترفع مستوى التنسيق بينهما، وإن كان ذلك عملية ليست بالسهلة، خصوصاً مع ازدياد التوترات في الشرق الأوسط، ووجود جهات وأحزاب سياسية لديها خطاب تأزيمي – طائفي، يشكك في أيّ تقارب، ويسعى إلى منعه!

هذه التحديات المشتركة دفعت رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى انتهاج سياسية واقعية تجاه الحكومة السورية، وعدم النظر إليها بعقلية مرتابة تغرق في تفاصيل الماضي، وإنما من خلال مقاربة رصينة، تبني على المشتركات، وتسعى إلى حلِّ الاختلافات، دون أن يعني ذلك أن هذه السياسة لا تراقب الأخطار أو تقفز على حقائق التأريخ الجهادي للقادة الجدد في دمشق، إنما لا تبقى رهينة هذا التأريخ الشائك!

من هنا، وأثناء خطابه في "القمة العربية" التي انعقدت في العاصمة العراقية بغداد، السبت 17 أيار /مايو الجاري، أكد الرئيس محمد شياع السوداني، المواقف "الثابتة الداعمة لوحدة الجمهورية العربية السورية وسيادتها على ترابها الوطني، ورفض أي اعتداء أو هيمنة على أي أرض سورية"، مثمناً في الوقت  ذاته "قرار أميركا رفع العقوبات عن سوريا"، متمنياً أن "تسهم هذه الخطوة بالتخفيف من معاناة الشعب السوري".
هذه المواقف العلنية كانت في حضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الذي رأس وفد بلاده في أعمال القمة العربية الــ34، والذي شدد في تصريح صحافي له على أن "أمن سوريا والعراق مشترك"، كاشفاً عن وجود "تنسيق عالٍ بين البلدين منذ تحرير سوريا".


الشيباني أكد أن "ما يضر سوريا يضر العراق، وما يضر العراق يضر سوريا"، مضيفاً: "نحن نعيش في جغرافيا واحدة".


هذه المقاربة المشتركة بين السوداني والشيباني، تجاوزت السلبيات التي أثارتها بعض الجهات العراقية الداخلية، والتي أعلنت رفضها مشاركة الرئيس السوري أحمد الشرع في "قمة بغداد"، وهي الانتقادات الصاخبة التي لم تنسّق لها الحكومة العراقية، وإنما عملت على تجاوزها وعدم إعطائها أهمية واسعة، رغم أنها صدرت من بعض حلفاء رئيس الوزراء في "الإطار التنسيقي".


المنتقدون للتقارب العراقي – السوري، في أغلبهم، ينطلقون من خطاب متشكك، إلا أن هذه الريبة منشأها عاطفي، أكثر من كونها موقفاً سياسياً واعياً، لأن المتغيرات في سوريا ما بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، يجب التعامل معها بواقعية، لأن الدخول في صدام عنيف معها لن يجدي نفعاً.


إن "التعاون العربي مع دمشق عن قرب اليوم، خير من محاولة تدارك الوضع مستقبلاً"، كما يقول الأستاذ عبد الرحمن الراشد، في مقالٍ له بعنوان "لماذا ترفع العقوبات عن دمشق؟". 


الراشد الذي ينطلق من رؤية سياسية صرفةٍ في نظرته إلى الحكومة السورية الحالية، يعتقد في مقاله الذي نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" يوم 18 أيار الجاري، أنه "لو جئنا بعد عام أو عامين نحاول إصلاح الوضع، فالأرجح سيكون الكسر أصعبَ على الجبر"،  ولذا فإن العلاقات المبكرة مع دمشق ستبني الثقة وتمنع وقوع مشكلات أكبر، حتى لو كان لذلك ثمنٌ الآن، إلا أنه يبقى أقل من الكلفة العالية مستقبلاً، خصوصاً أن "سوريا تقع في قلب منطقة الأزمة"، كما يقول الراشد، محذراً من أنه "في حال تركها ستهددها الفوضى ونتائجها الوخيمة مؤكدة". من هنا وبحسب وجهة نظره فإنه "يبقى الخيار الأهون منحها الفرصة مع ما قد تحمله من مغامرة يمكن التعامل معها في أسوأ الأحوال".


"منح الفرصة" التي أشار لها عبد الرحمن الراشد في مقاله، هي جوهر السياسات الحالية من دول الاعتدال العربي ومعها الحكومة العراقية تجاه سوريا، وهي فرصة ثمينة جداً، خصوصاً مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا بطلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فهل سيتم استثمار هذه الفرصة من الحكومة السورية على أكمل وجه، لتكون علاقاتها الإيجابية مع جيرانها مدخلاً إلى التنمية والاستقرار وإعادة الإعمار؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق