نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الحج والعواصم البعيدة - تكنو بلس, اليوم الاثنين 19 مايو 2025 12:37 صباحاً
هناك، في مدن بعيدة عن مكة، حيث يعيش الحاج بين جدران لا تتحدث العربية، يبدأ الاستعداد بطريقته الخاصة: يبحث عمّن يفهمه، لا عمّن يُلقي عليه التعليمات. لهؤلاء، تأتي محاولات من جهات سعودية، تملك من الحس ما يكفي لتدرك أن الحج لا يُدار فقط، بل يُمهَّد له. إذ لم تكتفِ بتوفير خدمات لوجستية، لو قررت أن تكون رفيق الحاج منذ اللحظة الأولى. الغربة، اللغة، الشعائر، النظام، وحتى الخوف من ألّا يفهمهم أحد، كلها تفاصيل تتزاحم في صدر الحاج وهو لا يزال في بلده، لا في مطار ولا عند بوابة الحرم. هذا الحاج ليس رقماً في إحصائية، ولا توقيعاً في كشف الرحلة. هو سؤال كبير يمشي على قدمين: «هل أنا مستعد؟» هنا، تبرز الحاجة إلى مَن يُجيد الإصغاء قبل التوجيه، إلى مَن يتعامل مع الحاج كإنسان، لا كحالة لوجستية. ولهذا، يصبح لافتاً أن هناك مَن قرر أن يكون همزة الوصل بين الحاج ونبض الشعيرة، أن يذهب إليه هناك، قبل أن يصل إلينا هنا. وأرى ان عدداً من الشركات السعودية خرجت من المألوف، وحاولت أن تمسك هذه المسافة بين النية والرحلة، بين الاستعداد والتطبيق، وينبني عليها جسر ناعم اسمه: الطمأنينة. تابعت حديث محمد خان، الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات المتخصصة في تقديم خدماتها لضيوف الرحمن، في أكثر من مناسبة، ومنها ما جرى قبل أيام في مدينة برمنغهام البريطانية، تلك المدينة التي تمثّل مركزاً نابضاً للجاليات الإسلامية في المملكة المتحدة. في حديثه، يتناول الحج بلغة وجدانية لا تشبه قواميس الأعمال، حين قال: «نرافق الحاج منذ أن يسأل نفسه: هل أنا مستعد؟» وهي جملة تختصر فلسفة كاملة في كيف يُدار هذا النوع من الخدمات. ووزارة الحج والعمرة تبذل جهوداً عظيمة، منها توفير بطاقة «نسك» الرقمية التي تيسر على الحاج وتُنظّم الخدمات. ولكن، دون مَن يُبسّطها، مَن يشرحها بلغة المهاجر واللاجئ والمقيم في الغرب، تبقى مجرد بطاقة. في التجربة الإنسانية، التفاصيل الصغيرة تُحدث الفرق. أن يجد الحاج من يربت على قلقه، مَن يشرح له الطريق لا كإجراء، بل كرحلة. هنا يُعاد تعريف مفهوم «الخدمة». الحج، كما أراه من بعيد، لم يعد حكراً على مَن يصل، بل هو أيضاً مسؤولية من يهيئ الطريق. والجميل أن هناك مَن بدأ فعلاً يعبّد هذا الطريق انطلاقاً من الجاليات المسلمة في أماكن مختلفة، حيث تبدأ الخطوة الأولى بكلمة مطمئنة أو شرح مُبسّط بلغتهم الأم.
أخبار ذات صلة
قدمنا لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى هذا المقال : الحج والعواصم البعيدة - تكنو بلس, اليوم الاثنين 19 مايو 2025 12:37 صباحاً
0 تعليق