ما حكم كلام القائمين على المسجد أثناء خطبة الجمعة لتنظيم الناس؟.. المفتي يجيب - تكنو بلس

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ما حكم كلام القائمين على المسجد أثناء خطبة الجمعة لتنظيم الناس؟.. المفتي يجيب - تكنو بلس, اليوم الخميس 15 مايو 2025 11:35 مساءً

حكم كلام القائمين على المسجد أثناء خطبة الجمعة لتنظيم الناس، من الأمور التي تسترعي الانتباه، خاصة في ظل وجود حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يحذر فيه من الكلام أثناء الخطبة. 

وورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول صاحبه: ما حكم كلام القائمين على المسجد أثناء خطبة الجمعة لتنظيم الناس؟ أحيانا تقتضي الحاجة في المسجد الكلام في أثناء خطبة الجمعة؛ لتنظيم حركة الناس في المسجد والأماكن التي يجلسون فيها ونحو ذلك، فهل يجوز للقائمين على المسجد الكلام وتوضيح ذلك أثناء خطبة الجمعة؟

وأجاب على السائل الدكتور نظير عياد مفتي الديار المصرية عبر الموقع الرسمي لدار الإفتاء قائلا: يجوز للقائمين على أمر المسجد الكلام في أثناء الخطبة ما دام كان هناك حاجة تدعو إلى ذلك، كتنظيم حركة النَّاس وأماكن الجلوس فيه، مع التنبيه على أنَّه إن كانت الإشارة تغني عن الحركة أو الكلام، فإنَّه يقتصر عليها جلبًا للثواب وزيادة في الأجر ومحافظة على السكينة والهدوء حتى يحصل الإنصات للمصلين.

 بيان فضل التبكير لصلاة الجمعة

أوجب الشرع الشريف صلاة الجمعة على المسلم الحر العاقل البالغ المقيم، الخالي من الأعذار المبيحة للتخلف عنها، وأمره بتقديم السَّعيِ والحضورِ إليها على كلِّ عملٍ؛ فقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الجمعة: 9].

وقد حثنا النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم على التَّبكير إليها؛ لننال عظيم الأجر في الآخرة، فقال: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَغَسَّلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَدَنَا وَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا» أخرجه الإمام الترمذي -واللفظ له-، والإمام النسائي في "سننهما" من حديث أوسِ بن أوسٍ رضي الله عنه.

 

آداب شرعية ينبغي التحلي بها أثناء خطبة الجمعة 

وحدد لنا صلى الله عليه وآله وسلم آدابًا شرعية ينبغي على المُصلِّي أن يتحلى بها، منها: الإنصات والاستماع في أثناء الخطبة؛ لكونهما سببًا في مغفرة الذنوب والآثام بينه وبين الجمعة الأخرى، فعن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَتَطَهَّرَ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، ثُمَّ ادَّهَنَ أَوْ مَسَّ مِنْ طِيبٍ، ثُمَّ رَاحَ فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ إِذَا خَرَجَ الإِمَامُ أَنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى» متفق عليه -واللفظ للإمام البخاري.

ومعنى الإنصات: هو السكوت، ومعنى الاستماع: هو شغل الآذان بالسماع والإصغاء للمتكلم.

قال الإمام النووي في "روضة الطالبين وعمدة المفتين" (2/ 28، ط. المكتب الإسلامي-بيروت) فيما ينبغي على المأمومين فعله أثناء الخطبة: [ينبغي للقوم أن يقبلوا بوجوههم إلى الإمام، وينصتوا، ويسمعوا. والإنصات: هو السكوت. والاستماع: هو شغل السمع بالسماع] اهـ.

ومن مقتضيات الإنصات والاستماع للخطبة عدم الكلام.

حكم الإنصات والاستماع لخطبة الجمعة وحكم الكلام في أثنائها

اختلف الفقهاء في حكم الإنصات والاستماع لها والكلام في أثنائها:

فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية، والمالكية، والإمام الشافعي في القديم، والحنابلة في رواية، إلى أنَّه يجب على المُصلِّي أن ينصت ويستمع للخطبة ويحرم عليه الكلام في أثنائها؛ لما في ذلك من إبطال لمعناها وإزالة لفائدتها، فمن تكلم عامدًا كان عاصيًا، ومن تكلم جاهلًا كان لاغيًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [الأعراف: 204]، ولنهي النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك في قوله: «إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ: أَنْصِتْ، وَالإِمَامُ يَخْطُبُ، فَقَدْ لَغَوْتَ» متفق عليه.

ومعنى «فَقَدْ لَغَوْتَ»: أي: قلت اللغو، وهو: الكلام الملغي الساقط الباطل المردود. ينظر: "شرح النووي على مسلم" (6/ 138، ط. دار إحياء التراث العربي).

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 264، ط. دار الكتب العلمية) في بيان ما يجب على المُصلِّي فعله أثناء خطبة الجمعة: [يجب عليه -أي: المُصلِّي- أن يستمع ويسكت، وأصله قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾[الأعراف: 204]، قيل: نزلت الآية في شأن الخطبة، أمر بالاستماع والإنصات، ومطلق الأمر للوجوب] اهـ.

وقال الشيخ الخرشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (2/ 88، ط. دار الفكر): [الكلام والإمام يخطب محرم؛ لوجوب الإنصات، ولا خلاف فيه] اهـ.

وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني في "النوادر والزيادات" (1/ 474، ط. دار الغرب الإسلامي): [قال ابن حبيب: ولا بأس أن يتحدث الناس ويتحلَّقون والإمام جالس على المنبر للأذان، فإذا أخذ في الخطبة أنصتوا وأصغوا واستقبلوه] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (2/ 28) عن حكم الإنصات والكلام أثناء الخطبة: [هل الإنصات فرض، والكلام حرام؟ فيه قولان. القديم و"الإملاء": وجوب الإنصات، وتحريم الكلام] اهـ.

وقال العلامة البُهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 52، ط. دار الكتب العلمية) في بيان حكم الكلام أثناء الخطبة: [ويحرم الكلام في الخطبتين والإمام يخطب ...؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ [الأعراف: 204]، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ قَالَ: صَهٍ فَقَدْ لَغَا، وَمَنْ لَغَا فَلَا جُمُعَةَ لَهُ» رواه أحمد وأبو داود] اهـ.

وذهب الإمام الشافعي في الجديد -واتفق الأصحاب على أنه الصحيح-، والإمام أحمد في رواية له، إلى أنَّه يستحب الإنصات ولا يحرم الكلام على المُصلِّي في أثنائها؛ لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه كلم الرجل يوم الجمعة وهو يخطب فقال: «أَصَلَّيْتَ يَا فُلاَنُ؟» قال: لا، قال: «قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ» أخرجه الإمام البخاري من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، فلو كان الكلام في أثنائها حرامًا لما تكلم صلى الله عليه وآله وسلم، وإذا لم يحرم عليه الكلام خاطبًا لم يجب على المأموم الإنصات مستمعًا، ولأنَّه لو كان الإنصات لها واجبًا لكان إبلاغها برفع الصوت بها واجبًا، فلما لم يجب على الإمام إبلاغها لم يجب على المأمومين الإنصات لها، ولأنَّها عبادة لا يفسدها الكلام فوجب ألَّا يحرم فيها الكلام، كالطواف والصيام.

قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (4/ 523، ط. دار الفكر): [وهل يجب الإنصات ويحرم الكلام فيه قولان مشهوران... (أصحهما) وهو المشهور في الجديد يستحب الإنصات ولا يجب ولا يحرم الكلام -واتفق الأصحاب على أنَّه هو الصحيح-] اهـ.

وقال موفق الدين ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 237) في بيان حكم إنصات المُصلِّي للخطبة: [وعن أحمد رواية أخرى: لا يحرم الكلام. وكان سعيد بن جبير، والنخعي، والشعبي، وإبراهيم بن مهاجر، وأبو بردة يتكلمون والحجاج يخطب] اهـ.

حكم صلاة من تكلم أثناء خطبة الجمعة، وهل تجب إعادة الصلاة؟

مع خلاف الفقهاء في حكم الإنصات والاستماع لخطبة الجمعة إلَّا أنَّهم أجمعوا على أنَّ من تكلم ولغا لم يعد الجمعة وصلاته صحيحة شرعًا ولكن ثوابها ناقص، نقل هذا الإجماع الإمام أبو الحسن ابن القطان في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 164، ط. مكتبة الفاروق الحديثة) فقال: [وقد أجمعوا على أنَّ من تكلم ولغا لم يعد الجمعة] اهـ.

ولا معارضة بين الحكم بصحة صلاة من تكلم وبين ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه: «وَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا جُمُعَةَ لَهُ» أخرجه الإمام أحمد؛ لأنَّ معنى "لَا جُمُعَةَ لَهُ" أي: كاملة الثواب، ولا يُراد به: بطلان جمعة من تكلم.

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (2/ 533، ط. دار السلام) في معنى الحديث: [قال العلماء معناه: "لَا جُمُعَةَ لَهُ" كاملة؛ للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه] اهـ.

حكم كلام العاملين على المسجد في أثناء خطبة الجمعة لتنظيم حركة الناس

ما يفعله القائمون على المسجد من كلام أو إشارة أثناء الخطبة؛ لتنظيم حركة الناس في المسجد والأماكن التي يجلسون فيها عند الزحام أمر فيه مصلحة العامة وليس فيه حرمة ولا يبطل ثوابها.

والدليل على عدم بطلانها بالإشارة أيضًا: ما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر يوم الجمعة فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فأشار إليه الناس أن اسكت، فسأله ثلاث مرات، كل ذلك يشيرون إليه أن اسكت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند الثالثة: «وَيْحَكَ! مَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟» أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، ولم ينكر صلى الله عليه وآله وسلم الإشارة منهم.

بل قد ذهب الفقهاء إلى وجوب الكلام أو الإشارة في أثنائها -سواء أكان من الخطيب أم من المأمومين-، إذا كانت هناك ضرورة لذلك أو حاجة، كالتحذير من الضرر أو الأذى الذي قد يصيب أحد المصلين أو غيرهم من المارة؛ لأنَّ الإنذار يجب لحق الآدمي والإنصات لحق الله تعالى ومبناه على المسامحة، فالصلاة تقطع لذلك.

قال الإمام زين الدين ابن نجيم المصري الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 168، ط. دار الكتاب الإسلامي): [لو رأى رجلًا عند بئر فخاف وقوعه فيها أو رأى عقربًا تدب إلى إنسان، فإنه يجوز له أن يحذره وقت الخطبة؛ لأن ذلك يجب لحق آدمي، وهو محتاج إليه، والإنصات لحق الله تعالى ومبناه على المسامحة كما في "السراج الوهاج"] اهـ.

وقال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 553، ط. دار الكتب العلمية): [فأمَّا إذا رأى أعمى يقع في بئر أو عقربًا تدب على إنسان فأنذره أو علم إنسانًا شيئًا من الخير أو نهاه عن منكر، فهذا ليس بحرام قطعًا بل قد يجب عليه، لكن يستحب أن يقتصر على الإشارة إن أغنت] اهـ.

وقال العلامة منصور البُهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 53) عن وجوب الكلام في أثناء الخطبة عند حصول ضرر أو أذى: [(ويجب) الكلام (لتحذير ضرير وغافل عن بئر)، وعن (هلكة، ومن يخاف عليه نارًا أو حية ونحوه) مما يقتله أو يضره؛ لإباحة قطع الصلاة لذلك] اهـ.

وعليه: فالأصل الإنصات والاستماع وعدم الكلام في أثناء خطبة الجمعة؛ لتحصيل كل كلمة تخرج من فم الخطيب، إلَّا أنَّه قد لا يحرم الكلام في أثنائها؛ لضرورة أن يكون فيها إزالة ضرر قد يصيب إنسانًا أو حاجة تحقق الأصل فيه، كتنظيم حركة النَّاس؛ لتحقيق أكثر استفادة يحصلها المُصلِّي من الخطيب.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق