نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
معرض في متحف نابو يدعونا كي نتعلم من التاريخ ملصقات ضد الحروب والقنابل والحكومات - تكنو بلس, اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 02:04 مساءً
فيصل سلطان
لمناسبة دخول متحف نابو(شكا-الهري) الى منصات المتاحف العربية والدولية يأتي معرض "شعوب ضد الحروب والقنابل والحكومات" بمثابة نظرة تاريخية على أبرز الاتجاهات الفنية التي عرفها فن الملصق بعد أكثر من 60 عاما على حرب فيتنام. فقد قامت بعد الحرب العالمية الثانية ثورات فنية واسعة النطاق في تصميم الملصق كتجربة بصرية وثقافية هامة تهدف إلى تسليط الضوء على نضال الشعوب ضد الحروب والقنابل النووية وسياسات الحكومات التي تهدد الأمن والسلم العالمي. لذا فإن المعرض في جوهره نظرة للتعلم من التاريخ بالإضافة الى الكشف عن تنويعات التأليف الفني للملصق في عاصمتين عالميتين للفن هما أمستردام وبيروت.
الجناح اللبناني في معرض الملصقات في متحف نابو.
احتوى المعرض (الذي يستمر لغاية 31 آب-2025) على مجموعة نادرة من الملصقات التاريخية صممها فنانون وناشطون من مختلف أنحاء العالم، حيث يجسد كل ملصق رسالة احتجاج قوية ضد العنف والتسلح النووي، ويدعو إلى السلام والتضامن الإنساني. هكذا تحولت جدران المتحف عبر أكثر من 160 ملصقاً إلى منصة صامتة تصرخ برفض القنابل والعنف ورفض تلوث البيئة. إنها دعوة للجميع (لا سيما الأحزاب اللبنانية) إلى تبني لغة الحوار والتسامح بدلاً من الصراعات المدمّرة.
.
تناولت اجنحة الملصقات الأوروبية مراحل تاريخية شهدتها المدن الأوروبية من حروب وثورات وانتفاضات شعبية خلال القرن العشرين وذلك عبر ثلاثة عناوين: 1-القنبلة النووية والحروب. 2-حكومات، ثورات، سياسة، استعمار. 3-ثقافة، فن، سخرية، النسوية. أما أجنحة الملصقات العربية فقد كشفت عن خريطة سايكس بيكو ووعد بلفور ونماذج من ملصقات "من اجل فلسطين " والتضامن "مع يوم الأرض" و "من أجل عراق موحّد ومستقل" إضافة ملصقات عن "الحرب الاهلية اللبنانية" و"المقاومة في الدفاع عن الجنوب"، ولمحة عن "النازية الجديدة التي مرت بجنوب لبنان، من خلال عرض مجموعة من الصور الوثائقية (قبل وبعد) لمدينة شمع الجنوبية المعروفة بأوديتها واحراجها ومبانيها التراثية والتي كانت دائما مرمى للأطماع الإسرائيلية. تعرضت المدينة في اجتياح عام 2024 لتدمير شبه كامل.
الماضي الذي يطل برأسه على الزمن الراهن
بعد مرور ثمانية عقود على إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما، استعاد المتحف شعاراً تاريخيا أطلقته الثورة الثقافية المضادة في الستينيات: "من أجل السلام والموسيقى: لا للقنابل"، هذا الشعار، الذي يتجسّد اليوم في مجموعة من الملصقات النادرة التي اقتناها متحف نابو من مزادات دولية، ليس مجرد صدى لماضٍ مؤلم، بل هو ناقوس خطر يُقرع مجددًا في زمنٍ باتت فيه البشرية على أعتاب تكرار الأخطاء ذاتها. إن استعادة هذا الشعار في العام 2025 ليست مجرد لفتة تاريخية، بل هي دعوة فلسفية لإعادة التفكير في العلاقة بين القوة والدمار، بين السلطة والعنف، بين الإنسان وقدرته على صنع مستقبله أو إفنائه. فلطالما كان التاريخ مرآةً للوعي الجمعي، حيث يعيد الماضي تشكيل الحاضر، ويضعنا أمام أسئلة وجودية: هل تعلمنا شيئًا من هيروشيما؟ هل السلام خيار حقيقي، أم مجرد هدنة مؤقتة في حرب لا تنتهي؟
معرض الملصقات الذي يقدمه متحف نابو يتضمن نماذج من تاريخ فني طويل يضيء على رؤى الفنانين الشباب الذين آثروا عدم الصمت وكرسوا في فنونهم حرية التعبير عن غضبهم من فضائح حروب الزمن الفاشي الأسود (في اسبانيا وألمانيا وإيطاليا والبرتغال وفيتنام) التي تفتقد الى البعد الأخلاقي في ارتكاب جرائم إنسانية اشد هولاً، ساهمت في بعض محطاتها في ولادة ما يسمى بالثورة الثقافية المضادة لحرب فيتنام. بدأ معهم فنون الصورة الواقعية والكولاج والتجريد والرمز وتجليات الخروج عن المألوف. كما ظهر في عقدي الخمسينات والستينات موجات " الهيبين" وموسيقى “الروك اند رول"، وانتجت دور الأزياء ملابس جديدة دخلت فيها لوحة غرنيكا كرمز للحرية مع تصاعد موجات الثورة الطلابية في باريس العام 1968 التي سرعان ما استبدلت مع ازدهار سوق الاسطوانات الموسيقية، بشعار فرقة "البيتلز" (الحب والسلام) ضمن مهرجان "وودستوك "للموسيقى والفن الذي أقيم في العام 1969 تحت عنوان (3 أيام من السلام والموسيقى) في مزرعة ألبان بالقرب من قرية وايت ليك في بلدة ليثل في نيويورك.
أصبحت حركة الشباب المعارض في عقدي الستينات والسبعينات أكثر اتساعا في بحثها عن طرق حياتية متملصة من مظاهر المادية والنفعية وثقافة الاستهلاك من خلال الدعوة الى العودة الى سلام بساطة الحياة في الأرياف ورحاب الطبيعة ووجدت في المخدرات والجنس وموسيقى الروك متنفسا للحب والحرية، فظهرت جماعات سياسية تناهض التسلح النووي وجماعات تناصر البيئة وجماعات دعم لكفاح شعوب العالم الثالث من اجل الحرية. كان الملصق وسيلتهم في حركة السلام وفي مجمل تظاهرات الاحتجاج على المشاركة في حرب فيتنام. صمم شعارهم في الأصل كرمز عالمي لحملة نزع السلاح النووي في بريطانيا قبل ان يصبح رمزا عالميا للسلام.
أما الحركات الثقافية المضادة في المانيا في الثمانينات، فقد كانت تعتبر ان الشر كل الشر آت من التفكير السياسي يمينا كان او يسارا، من اجل ذلك اتجهت الحركات الشبابية الى هدم جدار برلين في العام 1989 وساهمت في تنظيم مهرجان الحب (في العام ذاته في برلين) وهو أعظم حفل للموسيقى "التكنو" نظم في القرن العشرين تحت عنوان " الحب اقوى".
المعروف ان موسيقى التكنو هي نوع موسيقى "الكترونيك – دانس" ظهرت للمرة الأولى في ملاهي الديسكو في ميشيغان ديترويت في الولايات المتحدة العام 1980 واستخدمت بشكل كبير في برلين بعد سقوط الجدار، حين كانت الفرق الموسيقية الشبابية تعزف الايقاعات الالكترونية الصاخبة والسريعة في نوادي الاقبية المظلمة والمباني المهدمة والمتداعية.
يلقي المعرض الأضواء على تداعيات حرب الإبادة في غزة، حيث ساهم التراث الوطني الفلسطيني دورا مهما في تعميق الانتماء للأرض والتاريخ وأصبحت الاغنية والموسيقى الشعبية الفلسطينية حاضرة في مجمل المسيرات السلمية و مظاهرات التضامن مع ضحايا غزة في شوارع المدن الأوروبية والأميركية وأصبحت "الاغنية" بمثابة بيان لنداءات عالية النبرة لوقف الحرب وهتافات جنبا الى جنب مع فنون الاحتجاجات السلمية في أكثر من أربعين جامعة في الولايات المتحدة الأميركية وطرفاً في سجل النضال السلمي المتواصل الحامل معاني الاستنكار العالمي لتصاعد ارقام الدمار الشامل في غزة وجنوب لبنان .
0 تعليق