أكذوبة الطاقة الخضراء الرخيصة - تكنو بلس

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أكذوبة الطاقة الخضراء الرخيصة - تكنو بلس, اليوم الاثنين 12 مايو 2025 08:34 صباحاً

إن سألنا العائلات في ألمانيا والمملكة المتحدة عمّا يحدث عندما تُفرط في إضافة طاقتي الشمس والرياح، اللتين يُفترض أنهما منخفضتا التكلفة، إلى مصادر الطاقة الوطنية، فستنظر هذه العائلات إلى فواتيرها لتخبرنا فوراً أنّ التكلفة صارت أعلى كثيراً. 

هذا يتعارض مع كل ما يُقال لنا عن طاقة خضراء يفترض بها أن تكون زهيدةً جداً، فالحكاية التي نسمعها ليست حقيقية.

تصحّ فكرة انخفاض تكلفة الطاقة مع رفع منسوب استخدام المصادر الخضراء فقط إن كنا نستخدم التيار الكهربائي حصرياً حين تشرق الشمس أو حين تهب الرياح. إلا أن المجتمعات الحديثة تحتاج إلى طاقة مستمرة، على مدار الساعة، وحين تغيب الشمس وتضعف سرعة الرياح، تحتاج الطاقة الخضراء إلى دعم كثير، وغالباً ما تحصل عليه من الوقود الأحفوري. وهذا يعني أننا ندفع المال لنحصل على الطاقة من نظامين اثنين، لا من نظام واحد. ومع قلّة استخدام مصادر الطاقة الاحتياطية المعتمدة على الوقود الأحفوري، على هذه المصادر استرداد رأسمالها في عدد أقل من الساعات، وهذا يؤدّي إلى رفع تكلفة الطاقة بشكل أكبر. بالتالي، هذا يعني أن التكلفة الحقيقية للطاقة المستمدة من الشمس والرياح أعلى كثيراً ممّا نظن. وأظهرت إحدى الدراسات التي تركز على الصين أن التكلفة الحقيقية للطاقة الشمسية، في المتوسط، أعلى بضعفين من تكلفة الطاقة المستمدة من الفحم، فيما تُظهر دراسة محكّمة ركزت على ألمانيا وتكساس أن تكلفة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أعلى كثيراً من طاقة الوقود الأحفوري. وتعتمد ألمانيا والمملكة المتحدة الآن أكثر على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المنخفضة التكلفة، إلّا أنّ تكلفة التيار الكهربائي فيهما تُعتبر من بين الأغلى في العالم.

 

رأي

د. بيورن لومبورغ

الأمم المتحدة وتغير المناخ: حقائق أم ضلال؟

عقدت الأمم المتحدة شراكة مع الحكومة البرازيلية لإطلاق المبادرة العالمية لشفافية المعلومات المتعلقة بتغير المناخ، ستشجع الإعلام على نشر معلومات موثقة عن التغير المناخي على منصات التواصل الاجتماعي.

 

تبيّن أحدث بيانات وكالة الطاقة الدولية الارتباط الوثيق والجليّ بين زيادة استخدام طاقتي الشمس والرياح وارتفاع متوسط أسعار الطاقة بشكل كبير للأسر والقطاعات الصناعية. ففي بلدان تقل فيها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أو تنعدمان، يبلغ متوسط تكلفة الطاقة الكهرباء نحو 11 سنتاً لكل كيلوواط/ساعة. ومع كل زيادة قدرها 10 نقاط مئوية في نسبة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ترتفع التكلفة أكثر من 4 سنتات. وهذه النتائج شبه مطابقة لنتائج عام 2019، أي قبل تأثير جائحة كوفيد-19 أو حرب أوكرانيا.

في ألمانيا، تبلغ تكلفة الطاقة الكهربائية 34 سنتاً لكل كيلوواط/ساعة، أي أكثر من ضعف التكلفة في الولايات المتحدة، ونحو أربعة أضعاف التكلفة في الصين، علماً أن ألمانيا جهزت نظاماً كبيراً للطاقة الشمسية وطاقة الرياح يمكنه، في قدرته القصوى، إنتاج ضعف احتياج البلاد من الطاقة الكهربائية. لكن، واقعياً، في أيام تضعف فيها الرياح وتغيب فيها الشمس بشكل كبير، تنتج الطاقة المتجددة نحو 70% من احتياجات ألمانيا الطاقويّة فقط، ونادراً ما تحظى هذه الأيام المظلمة والهادئة باهتمام أعلامي كبير. في الشتاء المنصرم، حصل ذلك مرتين، حين تلبدت سماء أوروبا كلها بالغيوم وهدأت فيها الرياح، فقدمت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أقل من 4% ممّا تحتاجه ألمانيا من الطاقة الكهربائية اليومية.

تعجز تقنية البطاريات عن تلبية الحاجة، إذ تنفد سعة تخزين البطاريات في ألمانيا بالكامل في نحو عشرين دقيقة، فتبقى أكثر من 23 ساعة من الطاقة التي يجب أن تُغطى بشكل أساسي اعتماداً على الوقود الأحفوري. والنتيجة: في هذه الفترات الهادئة، سجّلت ألمانيا أعلى أسعار للكهرباء، حيث وصلت بالجملة إلى رقم مذهل: دولار واحد لكل كيلوواط/ساعة.

المطلوب، في أقل تقدير، أن تكون الحكومات المتحمسة لقضايا المناخ في أوروبا صادقةً بشأن هذه التكاليف، حيث تشمل أسعار الكهرباء معظم تكاليف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهذا يجعل المستهلكين يشعرون بتأثير سياسات الطاقة الخضراء. أما في الولايات المتحدة، فتُدفع تكاليف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بشكل غير مباشر من خلال الخصومات الضريبية، ما يعني أن التكلفة الفعلية للكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح قد تتجاوز الأسعار المعلنة بنسبة 25%.

تتضرر الدول الفقيرة بشكل خاص من أكذوبة الطاقة الخضراء الرخيصة الثمين. فالدول الغنية ترفض الآن مساعدة الدول الفقيرة في مشاريع الوقود الأحفوري. ولو كانت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أرخص حقاً، لوجدت الدول الفقيرة طريقة غير مكلفة للانتقال من فقر الطاقة الحالي إلى وفرة الطاقة، ولكانت جميع البُنى التحتية الطاقويّة الجديدة معتمدة على الشمس والرياح. إلا أن هذا يحدث في الدول الغنية وحدها، حيث ينخفض استهلاك الكهرباء، فيما تسمح الإعانات السخية والبنية التحتية الواسعة القائمة على الوقود الأحفوري بخداعنا في شأن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

 

quoterotated.svg

تبيّن أحدث بيانات وكالة الطاقة الدولية الارتباط الوثيق والجليّ بين زيادة استخدام طاقتي الشمس والرياح وارتفاع متوسط أسعار الطاقة بشكل كبير للأسر والقطاعات الصناعية

quote.svg

 

بدلاً من ذلك، وتحديداً في الدول الفقيرة حيث ارتفع استهلاك الكهرباء نحو 5% بين عامي 2022 و2023، نتج معظم الزيادة في إنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري، فكان الفحم المساهم الأكبر مقارنة بالزيادة الناتجة من طاقتي الشمس والرياح مجتمعتين. في الصين، كانت مساهمة الفحم في الطاقة أكبر من مساهمتي الشمس والرياح. وفي بنغلاديش، تزيد مساهمة الفحم في الطاقة على مساهمة الشمس والرياح بنحو 13 ضعفاً. وعلى الرغم من أهداف الهند الطموحة في مجال الطاقة الشمسية، كانت مساهمة الفحم في إجمالي الطاقة المنتجة أكبر بثلاثة أضعاف من مساهمة كلّ من الشمس والرياح. ويأتي ذلك في ظل اتهامات الولايات المتحدة للملياردير الهندي غوتام أداني بالرشوة. فوفقاً لوكالة "رويترز"، وبما أن معظم الولايات الهندية لا ترغب في "المخاطرة بالطاقة المتجددة المتقطعة"، يُزعم أنه اضطر إلى دفع رشاوى ضخمة لمسؤولين حكوميين لشراء الكهرباء من مشروعه الشمسي الذي تبلغ قيمته 6 مليارات دولار.

لن نتمكن من وقف التغير المناخي وإتمام التحول إلى الطاقة المستدامة إلا حين تصبح الطاقة الخضراء فعلاً أرخص من الطاقة المستمدة من الوقود الأحفوري. والأولوية اليوم هي للاستثمار في أبحاث الطاقة الخضراء، ولتطوير الطاقة النووية من الجيل الرابع، والبطاريات الأرخص كثيراً، على سبيل المثال.

الأهم من ذلك كله هو أن نواجه الحقيقة. فإن الادعاء بأن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح رخيصتا الثمن تحلّان محلّ الطاقة المستمدة من الوقود الأحفوري هو أكذوبة خطِرة ومكلفة.

* د. بيورن لومبورغ هو رئيس إجماع كوبنهاغن، وزميل زائر في معهد هوفر بجامعة ستانفورد، ومؤلف كتابي "الإنذار الكاذب" و"أفضل الأشياء أولاً"

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق