نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
هل أوقفت معركة 7 أيار حرب الهند وباكستان؟ - تكنو بلس, اليوم الاثنين 12 مايو 2025 07:08 صباحاً
في مذكراته المنشورة سنة 2023، كتب وزير الخارجية الأميركي الأسبق مايك بومبيو أن الهند وباكستان اقتربتا بشكل خطير من حرب نووية في شباط/فبراير 2019 بعد الغارات الجوية الهندية على باكستان. ساعد التدخل الأميركي العاجل في نزع فتيل الأزمة حينذاك.
مع عودة الاشتباكات بين البلدين في الأسبوع الماضي، برزت هواجس من عدم اهتمام الولايات المتحدة بإيجاد حل. فبعكس 2019، لم يكن هناك قوات أميركية في أفغانستان تخشى واشنطن على سلامتها في حال انفلاش النزاع، إلى جانب انشغال الإدارة حالياً بملفات دولية متنوعة. أخيراً، أعلن الرئيس دونالد ترامب السبت في منشور على "تروث سوشل" أن الطرفين قررا وقف إطلاق النار بعد جهود من الديبلوماسية الأميركية. لكن إلى جانب مساهمة واشنطن، لا يمكن إغفال دور الميدان في هذه النتيجة (الهشة).
معركة مفاجئة
لو كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب هي وحدها التي أوقفت الحرب لأمكنها أيضاً أن توقف الحرب بين موسكو وكييف أيضاً، علماً أن الجهود التي بذلتها أميركا هناك أطول وأكثر كثافة بكثير من تلك التي بذلتها لحل الاشتباكات بين الهند وباكستان. في الغالب، لا يوقف أي طرفين متحاربين إطلاق النار إلا بعد تغير حساباتهما العسكرية، وعادة بسبب تطور وازن في المعركة. في حالة الهند وباكستان، قد يكون هناك ما غيّر حسابات نيودلهي بالتحديد: معركة 7 أيار/مايو الجوية.
في هذا الإطار، استعرض الكاتب في الجوانب التاريخية والتقنية للشؤون الأمنية سيباستيان روبلين ما حدث في تلك المعركة، بالاستناد إلى المصادر المفتوحة، حيث أظهرت الصور إسقاط طائرة "رافال" فرنسية واحدة بشكل مؤكد، وقدمت دليلاً مقنعاً، لكن غير نهائي، على إسقاط مقاتلة روسية ثانية وبشكل محتمل مقاتلة ثالثة فرنسية الصنع. ولم يتبين أن باكستان خسرت أي طائرة.
كتب روبلين في موقع "1945" أن مقاتلات "جيه-10 سي إيه" و"جيه إف-17" الصينية كانت أساسية في كسب المعركة، إلى جانب صواريخ جو-جو "بي إل-15" الصينية أيضاً.
لكن سلاحاً أوروبياً آخر خدم باكستان أيضاً بشكل فعال: طائرات "ساب" السويدية التي تُسند أنظمة التحكم والإنذار المحمولة جواً (أيواكس)، والمجهزة برادارات إيراي التي تكشف وتتتبّع الطائرات المعادية حتى مسافة 450 كيلومتراً. وهي تساعد أيضاً في تنسيق ردّ المقاتلات الصديقة وتسمح لها بالتخفي مع إطفاء رادارتها، حتى أنّها قادرة على إصدار تعليمات للمقاتلات والصواريخ الصينيّة بشكل يصعّب على المقاتلات المعادية رصد صواريخها إلا بعد فوات الأوان تقريباً.
ربما، دائماً بحسب روبلين، فشلت الهند في الاستعداد لأنها بنت خطتها الأساسية فقط على ضرب أهداف لمتشددين لا أهداف عسكرية رسمية تابعة لباكستان. دفعَها ذلك إلى "التنازل عن الضربة الأولى" لمصلحة القوات الباكستانية.

جندي باكستاني أمام حطام طائرة مقاتلة هندية سنة 2019 (أ ب)
لكنّ النتيجة لم تتغير مهما كانت الأسباب. وصف براندون ويكرت من "ناشونال إنترست" المعركة بأنّها "انتصار لا لبس فيه" للقوات الباكستانية، بعكس توقعات كثر، ومن ضمنها توقعاته الشخصيّة.
يبدو أنّ معركة 7 أيار الجوية أعادت كشف خطأ الحسابات الأولية التي تعتمد فقط على المقارنات بين الأرقام الخام التي يتمتع بها كلا البلدين على مستوى القوى البشرية والعسكرية والاقتصادية. كان ذلك قريباً من الحسابات التي توقعت فوز روسيا على أوكرانيا سريعاً بسبب تفوّقها العسكريّ والبشريّ والاقتصاديّ.
"أمرٌ معيب"
بشكل محتمل جداً، كانت خسائر نيودلهي في معركة 7 أيار هي التي دفعتها إلى إعادة حساباتها. من غير المنطقي أن تواصل الهند (أو أي دولة أخرى) عملياتها العسكرية وهي تعلم أن قواتها الجوية معرضة لنقطة عطب قاتلة. ربما يؤكد ذلك بشكل موارب كلام قائد الجيش الهندي السابق فيد ماليك إذ قال: "إننا تركنا تاريخ الهند المستقبلي ليسأل ما هي المزايا السياسية-الاستراتيجية، إن وُجدت، التي تم تحقيقها" في الضربات الأخيرة.
في الوقت نفسه، ظل بإمكان الهند إعلان الانتصار عبر القول إنها ضربت مواقع عدة للمتشددين داخل باكستان انتقاماً لهجوم باهالغام الشهر الماضي.
من جهتها، أمكن باكستان القبول بوقف إطلاق النار بعد إسقاطها عدداً من الطائرات الهندية (خمس بحسب بياناتها)، خصوصاً أنّ التمسك بـ "الانتصار الأولي"، أفضل من احتمال فقدانه لاحقاً بسبب حالة اللايقين في الحروب. فالقصف الهندي للمناطق الباكستانية وصل إلى نقاط أعمق من أي وقت مضى خلال العقود الماضية بحسب "نيويورك تايمز".
في اليوم نفسه للمعركة، وردّاً على سؤال بشأن الحرب بين البلدين، اكتفى ترامب بالقول إن الأمر "معيب" وأعرب عن "أمل" بانتهائها سريعاً. لم تكن هذه كلمات رئيس مهتم ببذل جهود لوقف الحرب، أو رئيس واثق بقدرته على إقناع الطرفين بالتراجع. لهذا السبب، من المعقول توقع أن يكون للميدان كلمة موازية، إن لم تكن أعلى من كلمة وزير الخارجية ماركو روبيو في وقف إطلاق النار.
أياً تكن الحسابات ومجريات الأحداث - ولا يزال الوقت مبكراً للخروج بالكثير من الاستنتاجات السياسية والعسكرية الحاسمة - يبقى شبه مؤكد أن هذه لن تكون جولة التصعيد الأخيرة بين البلدين.
0 تعليق