في خطوة تهدف إلى تهدئة النزاع التجاري المستمر بين أكبر اقتصادين في العالم، أعلنت كل من الصين والولايات المتحدة عن تأسيس آلية تشاور مشتركة تُعنى بالقضايا الاقتصادية والتجارية. وجاء هذا الإعلان عقب جولة مفاوضات ثنائية مكثفة استمرت ليومين في مدينة جنيف، وشارك فيها كبار المسؤولين من الطرفين.

ما الهدف من هذه الآلية الجديدة؟

تهدف الآلية بشكل رئيسي إلى إنشاء منصة رسمية ومنتظمة لتبادل وجهات النظر، وحل القضايا العالقة بين الجانبين مثل:

العجز التجاري الأمريكي مع الصين قضايا حماية حقوق الملكية الفكرية الوصول المتبادل إلى الأسواق خفض القيود والرسوم الجمركية التصعيدية

وبحسب وكالة الأنباء الصينية، فإن هذه المبادرة ستتضمن جولات مشاورات إضافية مستمرة لتعزيز التعاون وتحقيق تقدم ملموس.

ردود الأفعال الأولية: تقدم ملموس لكن بتفاصيل مؤجلة

صرح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت بأن المفاوضات الأخيرة كانت “مثمرة”، مشيرًا إلى “تحقيق تقدم كبير” في عدد من الملفات الشائكة، لكنه أوضح أن التفاصيل الدقيقة للاتفاق لن تُعلن قبل يوم الإثنين.

 

هذا التأجيل في الإفصاح يعكس تعقيد الملفات المطروحة، إلا أن التصريحات الإيجابية تعطي مؤشرًا على وجود رغبة سياسية لدى الطرفين في تجنب التصعيد والانفتاح على حل الخلافات بالتفاوض لا بالمواجهة.

خلفية النزاع التجاري بين بكين وواشنطن

شهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين تدهورًا في الشهور الماضية، حيث فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية وصلت إلى 145% على بعض المنتجات الصينية، مما أدى إلى رد صيني بفرض رسوم بنسبة 125% على منتجات أمريكية. هذا التوتر ألحق ضررًا مباشرًا بسلاسل التوريد العالمية، وأثر على الاستقرار في الأسواق المالية الدولية.

لماذا هذا الاتفاق مهم الآن؟

يأتي إطلاق هذه الآلية في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي حالة من الترقب والتباطؤ، خصوصًا بعد اضطرابات سلسلة الإمداد العالمية، وتحديات أسعار الطاقة والتضخم. إن وجود قناة اتصال مباشرة ومنظمة بين بكين وواشنطن يمكن أن:

يخفض من مستوى التوترات التي تؤثر على الاقتصاد العالمي يعزز الثقة في الأسواق المالية الدولية يخلق بيئة أكثر استقرارًا للاستثمارات العالمية

الخطوات التالية: آلية دورية لتحقيق نتائج فعلية

من المقرر أن تبدأ الاجتماعات المنتظمة ضمن هذه الآلية خلال الأسابيع القادمة، حيث ستعمل فرق العمل من الجانبين على مراجعة العقبات وتنفيذ توصيات قابلة للقياس. وتؤكد مصادر مطلعة أن هذه الآلية ستعتمد على الشفافية المتبادلة وتقارير تقييم مرحلية لضمان تقدم ملموس.

هل يمكن أن تتحول هذه الخطوة إلى شراكة اقتصادية أوسع؟

رغم أن الاتفاق لا يُعد نهاية للنزاع الاقتصادي بين البلدين، إلا أنه قد يمثل بداية مسار أكثر توازناً، يسمح بإعادة بناء الثقة والتعاون في ملفات الطاقة، الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المتقدمة، وهي قطاعات حساسة تُشكل محور التنافس الاستراتيجي بين واشنطن وبكين.

وفي حال استمرار المشاورات ونجاح الآلية في حل القضايا الجوهرية، فإن ذلك قد يمهد الطريق لاتفاقيات تجارية أكثر شمولاً في المستقبل، تعيد تشكيل النظام التجاري العالمي في مرحلة ما بعد النزاعات الجمركية الكبرى.

---