اختتمت في القاهرة أعمال المؤتمر العربي الأول للقضاء، والذي عقد تحت عنوان "تحديات العمل القضائي وبناء القدرات في ظل الذكاء الاصطناعي"، وذلك خلال الفترة من 5 إلى 7 مايو 2025 في مقر المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية. نظم المؤتمر هيئة قضايا الدولة بجمهورية مصر العربية بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية.

وشهد المؤتمر مشاركة نخبة من كبار الشخصيات القضائية والرسمية من مختلف الدول العربية، حيث حضر المستشار عبد الرزاق شعيب، رئيس هيئة قضايا الدولة المصرية، وعدد من كبار مستشاري الهيئة، بالإضافة إلى سعادة الدكتور ناصر الهتلان القحطاني، المدير العام للمنظمة العربية للتنمية الإدارية، الذي ترأس المؤتمر. كما شارك فيه عدد من الشخصيات البارزة مثل المستشار عبد الراضي أحمد صديق، رئيس هيئة النيابة الإدارية المصرية، الدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط الأسبق، ومعالي الدكتور صلاح الدين البشير، وزير الخارجية ووزير العدل الأسبق في الأردن، وغيرهم من القادة والمسؤولين في المجال القضائي والإداري.

مشاركة دولية واسعة

حضر المؤتمر أيضًا قضاة وخبراء متخصصون من 11 دولة عربية هي السعودية، الإمارات، قطر، سلطنة عمان، الأردن، ليبيا، مصر، السودان، البحرين، الكويت، واليمن، بالإضافة إلى عدد من الخبراء الدوليين من منظمات مثل الويبو واليونسكو، وكذلك مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ما يعكس أهمية الموضوعات التي تم تناولها في المؤتمر.

محاور المؤتمر وتوصياته

ناقش المؤتمر، الذي تضمن ثماني جلسات علمية متخصصة، عددًا من المحاور الأساسية المرتبطة بتطبيق الذكاء الاصطناعي في العمل القضائي، مثل دمج الذكاء الاصطناعي في النظام القضائي، حوكمة الخوارزميات، وضمان الشفافية في عمل القضاء. كما تم استعراض تجارب ناجحة من بعض الدول العربية والدولية في مجال استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن المنظومات القضائية. وفي ختام أعمال المؤتمر، تم إصدار مجموعة من التوصيات أبرزها:

إعداد استراتيجية عربية شاملة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في القضاء. تحديث التشريعات لضبط استخدام الذكاء الاصطناعي وفقًا لأطر قانونية واضحة. تعزيز البنية الرقمية للمؤسسات القضائية وتطوير قدراتها. إدخال الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الجامعية والتدريبية. تطوير آليات رقابة فعالة لضمان الشفافية في استخدام الذكاء الاصطناعي.

الخطوات القادمة: هاكاثون قانوني وورش تدريبية

أعلنت هيئة قضايا الدولة والمنظمة العربية للتنمية الإدارية عن عدد من الخطوات المستقبلية لتفعيل مخرجات المؤتمر. من أبرز تلك الخطوات تنظيم النسخة الثانية من المؤتمر في مايو 2026، بالإضافة إلى إطلاق أول هاكاثون قانوني عربي متخصص في الربع الثالث من عام 2025 تحت شعار "حلول مبتكرة بالذكاء الاصطناعي لتعزيز العمل القضائي مع ضمان النزاهة والشفافية". كما سيتم تنفيذ ورش عمل ودورات تدريبية متخصصة، بدءًا بورشة "تنمية المهارات القانونية والتفكير المنطقي للقيادات الإدارية" في يوليو 2025.

دعم حكومي وأكاديمي للمؤتمر

حظي المؤتمر بدعم من عدة جهات حكومية وأكاديمية، مثل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، بالإضافة إلى جامعة كوين ماري في لندن كشريك تعليمي. يهدف المؤتمر إلى دعم استراتيجية مصر الرقمية وتحقيق رؤية "مصر 2030"، عبر تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة النظام القضائي في مصر والدول العربية.

دعم مبادرات التحول الرقمي

كما جاء تنظيم المؤتمر في إطار دعم مبادرة "بداية جديدة لبناء الإنسان" التي أطلقها فخامة رئيس الجمهورية، والتي تركز على تحديث المؤسسات الحكومية عبر التحول الرقمي والتدريب المهني المتخصص. المؤتمر كان تتويجًا لجهود وحدة التعاون الدولي والثقافي بمركز الدراسات القضائية والتدريب بهيئة قضايا الدولة، التي أطلقت عدة مبادرات في بداية هذا العام لتعزيز التعاون القضائي العربي والدولي في ظل التحولات الرقمية.

تجسد هذه الجهود التزام هيئة قضايا الدولة بتحديث وتطوير المنظومة القضائية المصرية، بما يتماشى مع أحدث التطورات العالمية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة.