انطلقت صباح اليوم المرحلة الثانية من الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان، وتحديدًا في محافظتي الشمال وعكار، حيث توجه المواطنون إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم المحليين وسط أجواء يغلب عليها الطابع التنافسي بين الأحزاب السياسية والعائلات المؤثرة في المنطقة.

السياق السياسي للانتخابات المحلية

تأتي هذه المرحلة في ظل ظروف سياسية دقيقة يمر بها لبنان، حيث تُعد الانتخابات البلدية مؤشرًا أوليًا لأحجام القوى السياسية على الأرض، قبل الانتخابات النيابية المرتقبة في مايو 2026. ويتابع المراقبون هذه المحطة عن كثب لما تحمله من دلالات على التحولات التي قد تطرأ على الخريطة السياسية اللبنانية.

وقد شهدت مناطق عدة معارك انتخابية محتدمة، لا سيما في البلدات الكبرى التي تتنافس فيها لوائح مدعومة من قوى سياسية بارزة إلى جانب لوائح مستقلة أو مدعومة من تحالفات عائلية تقليدية.

رسائل رسمية: التركيز على الإنماء واستعادة الدولة

خلال زيارته غرفة عمليات قوى الأمن الداخلي، شدد رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون على أن هذه الانتخابات تمثل “رسالة واضحة بأن الدولة اللبنانية ماضية في استعادة دورها ومؤسساتها”. وأكد أن “الاستحقاق البلدي هو بالأساس إنمائي، ويجب أن يُفصل عن الحسابات السياسية الضيقة”.

كما دعا المواطنين في محافظتي الشمال وعكار إلى المشاركة الفاعلة في التصويت، مع التركيز على اختيار المشاريع والخطط القادرة على تحسين الخدمات العامة والبنية التحتية، بدلًا من الاكتفاء بالولاءات الشخصية أو العائلية.

الدور الأمني واللوجستي: التحدي الأكبر

من الناحية التنظيمية، أثنى الرئيس على جهود قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني في تأمين العملية الانتخابية، حيث تم نشر عناصر أمنية بشكل مكثف في محيط مراكز الاقتراع، إلى جانب فرق مراقبة لضمان الشفافية والحد من التجاوزات أو محاولات التأثير على الناخبين.

وكانت وزارة الداخلية قد أعدت خطة أمنية ومالية شاملة لتأمين العملية، وتم توزيع صناديق الاقتراع والمستلزمات اللوجستية منذ يوم الجمعة لتجنب أي تأخير في فتح المراكز صباح الأحد.

إشارات مبكرة لموازين القوى

تشير تقارير ميدانية أولية إلى ارتفاع نسب التصويت في بعض الأقضية، وهو ما يُعزى إلى التنافس الحاد واهتمام المواطنين بإحداث تغيير على مستوى الإدارة المحلية. وقد شهدت بعض البلدات تحالفات غير متوقعة بين أطراف متباينة، ما يضفي طابعًا جديدًا على شكل العمل البلدي القادم.

ويرى المراقبون أن هذه النتائج ستمنح الأحزاب تصورًا واقعيًا لحضورها الشعبي، وتكشف عن حجم التحديات التي قد تواجهها في الانتخابات النيابية المقبلة.

خلاصة: استحقاق بلدي بطابع وطني

رغم الطابع المحلي للانتخابات البلدية، إلا أنها تُعتبر بمثابة اختبار سياسي مبكر للطبقة السياسية اللبنانية، ومحك حقيقي لقياس قدرة القوى على إقناع المواطن ببرامجها وخططها. وفي ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، تبقى مشاركة المواطنين الفاعلة عنصرًا حاسمًا في إنجاح هذه العملية الانتخابية.