نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مراهقون بملامح ناضجة... ماذا يحدث فعلًا؟ - تكنو بلس, اليوم الأحد 11 مايو 2025 06:26 صباحاً
مراهقون بملامح تفوق أعمارهم بكثير. تمرّ صورهم أمامك على مواقع التواصل الاجتماعي فتتوقف وتتساءل: ما أعمارهم الحقيقية؟ أهم من تلاميذ المدارس أم من طلاب الجامعات؟ هل خضعوا لعمليات تجميل؟ ولماذا لا أبدو مثلهم أنا في هذا العمر؟ إطلالاتهم متقنة، تنسيقاتهم مذهلة، وثقتهم تليق بعارضات وعارضي أزياء محترفين. الأمر لا يدعو إلى الحسد، لكنه يثير الفضول والدهشة... ما الذي يحدث؟ هل نشهد ثورة بيولوجية جديدة أم هناك سرّ خلف هذا النضج الجمالي المبكر؟ وهل للدجاج المحقون بالهرمونات فعلياً علاقة بهذا التطوّر الجسديّ السريع، وفق ما يُشاع؟ أسئلة كثيرة تتبادر إلى أذهاننا ونحن نراقب جيلاً يكبر أمام أعيننا بسرعة تفوق إيقاع الزمن.
هذا السؤال ظلّ يراودني حتى أتى اليوم الذي زرت فيه طبيب الصحة الدكتور أحمد وهبي. لم أستطع مقاومة فضولي، فسألته: "ما الذي يحدث فعلًا؟" ابتسم وقال: "نعم، ما نراه اليوم قد يبدو جنونيًا، لكنه حقيقي. البلوغ المبكر أصبح أكثر شيوعًا، وغالبًا ما يبدأ بعد سنّ الثامنة. ويُلاحظ بشكل أكبر لدى الأطفال ذوي البشرة الداكنة، وأولئك المنحدرين من أصول إسبانية في أميركا الجنوبية". ثم بدأ يشرح بأن أسباب البلوغ المبكر تنقسم إلى نوعين: جسدية ونفسية.
من الناحية الجسدية، يشمل ذلك وجود أورام أو كتل في المبيض، أو في الغدة النخامية في الدماغ، أو في الغدة الكظرية فوق الكلى، وهذه المشكلات قد تُحفّز إفراز الهرمونات بشكل غير طبيعي، مما يؤدي إلى تسارع في النمو الجسدي.
أما من الناحية النفسية والاجتماعية، فقد كان السبب المفاجئ والصادم في آن: مواقع التواصل الاجتماعي. الأطفال الذين يقضون وقتًا طويلًا على السوشيال ميديا يتعرضون لضغوط تتعلّق بـ"صورة الجسد"، وقد يواجهون التنمر الإلكتروني، مما يزيد من مستويات التوتر لديهم. هذا التوتر المزمن ينعكس على إفراز هرمونات مثل الكورتيزول، وقد يسرّع بذلك من النمو الجنسيّ، كما أن التعرض المبكر لمحتوى عاطفي أو جنسي قد يوقظ مشاعر لا تتناسب مع المرحلة العمرية، فيؤدي إلى نضج عاطفي مبكر قد يؤثر نفسيًا وهرمونيًا أيضًا.
ولا نغفل عن أن الجلوس الطويل أمام الشاشات يقلّل من النشاط البدني، ويزيد من احتمالات السمنة، التي تُعد من العوامل المعروفة لحدوث البلوغ المبكر، خصوصًا عند الفتيات. لكن الأهم من المظاهر الجسدية هو ما يحدث داخليًا؛ فالفتاة التي تمرّ بتجربة البلوغ المبكر قد تعاني نفسيًا بشكل كبير: قلق، توتر، وشعور دائم بعدم الأمان نتيجة التغيّرات الجسدية التي لم تكن مستعدّة لها نفسيًا.
قد تتراجع ثقتها بنفسها لأنها تشعر بأنها "مختلفة" عن زميلاتها، خاصة إن لم يكن قد مررن بعدُ بنفس التجربة. يتعقّد الأمر إذا شعرت بالخجل من التغيرات الجسدية كظهور الثديين أو الدورة الشهرية، فتتجنب الحديث عنها، أو حتى طلب المساعدة. وفي بعض الحالات، قد يتحوّل هذا الضغط إلى مشاعر اكتئاب أو رغبة في العزلة والانسحاب من الأنشطة الاجتماعية.
ربما آن الأوان كي نتوقف عن النظر فقط إلى مظهر هذا الجيل، وأن نبدأ بالاستماع إليهم، وفهم ما يمرّون به خلف الصور المثالية. لأن النضج الخارجي لا يعني دائمًا نضجًا داخليًا، ولأن الطفولة حين تُختَصر، تترك خلفها ندوبًا لا تُرى.
0 تعليق