متحف الرمال هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط وإفريقيا الذي يختص بفن النحت بالرمال، هذا الفن الذي لا يعرفه الكثيرون، لكن في هذا المكان يتحوّل إلى لوحات فنية تروي قصص الحضارات القديمة، وتجمع بين جمال الرمال وعبقرية الإنسان في نحت هذه المادة البسيطة ولكن القوية. على مساحة واسعة تقع جنوب الغردقة، وعلى مقربة من شواطئ البحر الأحمر، يتجول الزوار وسط أكثر من 60 تمثالًا رمليًا ضخمة، أنجزها 35 نحاتًا من مختلف أنحاء العالم. من هذه التماثيل ينبثق تاريخ طويل من عصور الفراعنة إلى الأساطير العالمية، حتى أبطال السينما الذين يضيفون بُعدًا ترفيهيًا للمكان.

فن النحت على الرمال: أكثر من مجرد تماثيل

تجسد التماثيل في المتحف شخصيات تاريخية شهيرة مثل كليوباترا، الإسكندر الأكبر، نابليون بونابرت، والسلطان محمد الفاتح، بالإضافة إلى تماثيل للأبطال الأسطوريين مثل الإلهة إيزيس وأبو الهول. ولكن الأبداع لا يتوقف عند الشخصيات التاريخية فقط؛ فقد امتد إلى شخصيات سينمائية مشهورة مثل باتمان وسبايدرمان، مما يجعل المتحف وجهة مثالية لجميع الأعمار. يشارك في هذا المشروع نحاتون عالميون من روسيا، ألمانيا، أمريكا، وتركيا، وتم العمل على هذه التماثيل باستخدام 13 ألف طن من الرمال و5 ألف طن من المياه، في عملية استغرقت حوالي سبعة أشهر من العمل المتواصل. وفي هذا السياق، يوضح ديميتري كوزلوف، النحات الروسي المشارك في المشروع، قائلاً: "أردنا أن نُحول الرمال، هذه المادة الطبيعية البسيطة، إلى سجل مرئي يخلّد القصص."

حضارة الفراعنة في قلب الرمال

لم تغفل الحضارة المصرية القديمة في المتحف، حيث خصصت لها مساحة خاصة تعكس عظمة الفراعنة من خلال تماثيل تمثل الأهرامات، أبو الهول، ومجموعة من الآلهة الفرعونية مثل إيزيس. هذه الأعمال التي صُممت باستخدام تقنيات دقيقة ورمال خاصة من صعيد مصر وخاصة من محافظة قنا ، تهدف إلى الحفاظ على التماثيل ضد التغيرات الجوية والظروف البيئية. بالإضافة إلى هذا، يعمل فريق متخصص في صيانة التماثيل بشكل دوري، حيث يُستخدم مادة لاصقة خاصة لحمايتها من العوامل المناخية لحمايتها في حالات الأمطار.

التجربة الثقافية والسياحية المتكاملة

من أبرز ما يميز متحف الرمال هو موقعه الاستراتيجي جنوب الغردقة، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بتجربة ثقافية وفنية، ثم الانتقال بسهولة إلى أحد الشواطئ القريبة للاستمتاع بجمال البحر الأحمر. يتوفر في المتحف مرافق خدمية متنوعة مثل الاستراحات، ومناطق الألعاب للأطفال، ما يجعل زيارة المتحف تجربة متكاملة تجمع بين الفن، التاريخ، والترفيه. يبلغ سعر التذكرة نحو 200 جنيه مصري، مع وجود خصومات وعروض خاصة تشجع السياحة الداخلية والخارجية.

من الرمال تولد الأساطير

يشير أحمد عبد السلام، أحد الزوار المصريين، إلى أن المتحف غيّر مفهومي عن الفن: "لم أكن أتصور أن الرمل يمكن أن يتحول إلى هذا الكم من الجمال والإبداع". أما ماريا شميت، السائحة الألمانية، فقد أكدت أن المتحف يُحدث تجربة فنية ووجدانية فريدة، حيث قالت: "لقد زرت معابد ومتاحف عديدة، لكن هذا المكان جمع بين البساطة والخيال بشكل فريد. الإبداع هنا يتحدث لغة يفهمها الجميع."

إضافة جديدة للسياحة المصرية

متحف الرمال بالغردقة يمثل إضافة هامة للسياحة الثقافية في مصر. فهو ليس مجرد متحف تقليدي، بل هو بوابة إلى عالم من الخيال والتاريخ. من قلب الرمال، تتحدث مصر إلى العالم بآلاف الأشكال والألوان، مؤكدة أن الفن لا حدود له وأن التاريخ يمكن أن يُحكى بطريقة مبتكرة وبصرية تصل إلى جميع الزوار مهما كانت لغاتهم أو ثقافاتهم. ومن خلال هذا المشروع الفريد، ترسم مصر صورة جديدة للسياحة الثقافية التي تمزج بين الجمال والفن والتراث، مما يعزز من مكانة الغردقة كوجهة سياحية عالمية.

فكرة محلية بطابع عالمي

وأوضح لقاءنا مع المهندس Vahdet Geyik صاحب فكرة المشروع، أن النموذج مطبّق في دول مثل اليابان وأمريكا، لكن مصر كانت المكان الأنسب لإقامته بسبب توفر المناخ الملائم، ووجود كميات كبيرة من الرمال الصالحة للنحت، بالإضافة إلى كونها مهد الحضارات القديمة.

وأكد Vahdet  أن الرمال المستخدمة في النحت هي من أنواع الرمال المصرية الصفراء والبيضاء من جبال الصعيد وهي رمال بها نسبة طمي وخالية من الأملاح ، مشيرًا إلى استخدام مادة لاصقة خاصة تُوضع على مكعبات الرمال في حالة وجود امطار للحفاظ على تماسكها.

وقد استغرق تنفيذ المتحف نحو 7 أشهر، باستخدام 13 ألف طن من الرمال و5 ألف طن من المياه، مع الحرص على أن تمثل التماثيل حضارات متنوعة، تتقدمها الحضارة الفرعونية والهندية والإغريقية.

صيانة مستمرة وتجهيزات للزوار

أشار Vahdet  إلى أن المتحف يضم فريقًا من الفنيين المتخصصين في صيانة التماثيل، حيث يتم تنفيذ أعمال ترميم دورية لمواجهة تأثيرات الطقس، لاسيما في حالات الامطار ،صُممت خصيصًا لهذا الغرض.

مزار سياحي متكامل

من جانبه، قال عمرو ابو جبل مدير عام متحف  الرمال بالغردقة ، إن متحف الرمال يُعد من أبرز المزارات التي توضع على رأس البرامج السياحية لزوار الغردقة، لما يحتويه من أعمال فنية دقيقة تمثل تحفًا فريدة من نوعها. وأشار إلى أن المتحف يضم مجموعة من الخدمات المتكاملة مثل استراحات للزوار، ومناطق ألعاب للأطفال، مما يجعل زيارته تجربة ثقافية وترفيهية متكاملة.

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل